بثّت قناة "الجزيرة" الفضائية فيلما وثائقيا عن حركة
أحرار الشام الإسلامية، سلّط الضوء على الحركة منذ تشكّلها، مرورا بمقتل الصف الأول من قادتها، وانتهاء بواقعها الحالي.
"الجزيرة" نوّهت إلى أنها بدأت بالإعداد والتحضير للفيلم قبل مقتل قادة الحركة بشهور، كما أجرت العديد من المقابلات مع القادة الذين قُتلوا بيوم واحد في التاسع من أيلول/ سبتمبر 2014.
حسّان عبود "أبو عبد الله الحموي"، ورفيقه عبد الناصر الياسين "أبو طلحة الغاب"، قالت "الجزيرة" إن كتائب أحرار الشام تأسست على يديهما ابتداء.
وقال الحموي إن "أحرار الشام ليست قاعدة، ولا إخوان، ولا حزب تحرير، ولا حتى تتبع للجيش الحر.
"أبو عبد الله"، و"أبو طلحة"، ترافقا منذ نشأتهما في قرى سهل الغاب بريف حماة في مناطق تختلط فيها الطوائف المختلفة، مع تزايد نفوذ أبناء الطائفة العلوية.
"أبو طلحة" الذي تقلّد منصب القائد العسكري لحركة أحرار الشام الإسلامية لغاية مقتله رفقة القادة، قال إنه نشأ في عائلة وضع نظام الأسد الأب نقطة حمراء عليها؛ بسبب انتماء عمّه وخاله إلى جماعة الإخوان المسلمين في ثمانينيات القرن الماضي.
حيث تقضي المادة 1 من قانون 49 في
سوريا بالإعدام لكل منتسب إلى جماعة الإخوان المسلمين.
الفيلم واصل استعراض أبرز قادة الحركة، ومن ضمنهم محمد الشامي "أبو يزن الشامي"، الذي كان يُعرف بأنه نائب قائد الحركة، والمنظر الشرعي الأول لها.
رغم تفوقه دراسيا، ورغم أن عائلته غير معروفة بأنها إسلامية، دخل "أبو يزن الشامي" كلية الشريعة في جامعة دمشق، وبدأ بالتعرف على التيارات الإسلامية.
وأشار "أبو طلحة الغاب" إلى أنه وعند بداية انتشار الإنترنت، بدأنا بالبحث، فأثر فينا الظلال ومعالم في الطريق.
قائد آخر في الحركة ممن قُتلوا مع القادة هو حسين عبد السلام "أبو حمزة الرقة"، أحد أبرز قادة "أحرار الشام".
منذ بداية الغزو 2003، كانت سوريا ممرا للجهاديين نحو العراق، لكن في 2006 بدأت بالتضييق والملاحقة، وزجت بالمئات منهم في سجن صيدنايا العسكري، ومن ضمنهم "أبو حمزة الرقة" الذي كان يقاتل في العراق.
"أبو عبد الله الحموي"، أقرّ بأن مرحلة سجن صيدنايا جرى فيها تقويم بعض المفاهيم والتصورات، وعايشنا أول مرة الفرق بين النظرية والتطبيق".
القائد السابق للحركة هاشم الشيخ "أبو جابر"، والقائد الحالي مهند المصري "أبو يحيى"، اللذان رافقا القادة في سجن صيدنايا أيضا، قالا إن الأفكار الموجودة في السجن ساعدتهم على تكوين فكرة شاملة.
وقطعا لكثرة الأسئلة حول كيفية خروجهم من السجن، قال عبّود إن قانون العفو شمل صيدنايا ثلاثة أرباع المدة".
برهان غليون، رئيس أول مجلس سوري معارض، قال إن النظام أخرجهم لعلمه أنهم سيشكلون تنظيمات متشددة ويوجه الأنظار نحوه ويخلط الأوراق.
"أبو يزن الشامي"، قال إن قناعته منذ بداية الثورة أنها لن تستمر سلمية؛ بسبب "جرائم" النظام.
وتحدث "أبو طلحة" عن العبوات التي تستهدفها الحركة، قائلا إن الحركة توزع على كافة الفصائل؛ كي تقيهم من الخطر".
مع بداية العام 2013، أعلن "أبو حمزة الرقة" اندماج فصيله حركة الفجر الإسلامية، وجماعة الطليعة المقاتلة، وكتائب أحرار الشام ذاتها، إضافة إلى كتائب الإيمان المقاتلة.
تُعرّف "أحرار الشام"، عن نفسها، بأنها "حركة إسلامية إصلاحية شاملة تعمل على بناء مجتمع إسلامي في سوريا يحكم بشرع الله الذي ارتضاه لهم".
رغم أن بداية تشكّل الحركة لم يكن ينكر قادتها بأنهم يؤمنون بالفكر السلفي الجهادي، إلا أن الشهور الأخيرة لقادتها شهدت تحولا كبيرا أدى بهم لانتقاد
السلفية الجهادية بشكلها الحالي.
حيث اعتذر "أبو يزن الشامي" للشعب السوري عن كونه سلفيا جهاديا في السابق، وقال: "أبناء التيار السلفي الجهادي دلسوا على أنفسهم بأنهم جهاد نخبة، بل هم جهاد فئة".
تطرّق الفيلم أيضا إلى إنجازات "أحرار الشام" بمشاركتها الفاعلة في تحرير الرقة والطبقة، قبل أن يخسرها الثوار أمام تنظيم الدولة.
ركّز الفيلم على إقرار "أحرار الشام" بأخطائها في إدارة المناطق المحررة في بداية تأسيسها، حيث خرجت مظاهرات واسعة في الرقة تنتقد "أحرار الشام"، ما دعا قادة الصف الأول أمثال "أبو حمزة الرقة"، للجلوس مع الأهالي وشرح الوضع الصعب لهم.
"أبو حمزة" اعترف بخطأ الحركة بالتعامل مع تنظيم الدولة، قائلا إن سياسة الرفق بهم كانت خاطئة، وكان من الواجب وضع حد لتجاوزاتهم منذ البداية.
ورغم مقتل الطبيب "أبو ريان"، أحد قادة "الأحرار"، تحت التعذيب في سجون تنظيم الدولة، إلا أن عناصر الحركة أصرّ غالبيتهم على عدم قتال التنظيم.
"أبو جابر الشيخ"، قال إن تلك الفترة كانت صادمة، مضيفا: "ألقى جل الأخوة أسلحتهم؛ لرفضهم قتال المسلمين".
وبطريقة غير مباشرة، حمّلت "أحرار الشام" نفسها مسؤولية خسائر المناطق أمام تنظيم الدولة، مضيفا: "الهزيمة في الرقة، ودير الزور، والحسكة، وأجزاء من ريف حلب، جاءت بسبب التورع عن قتالهم".
واستعرض الفيلم جانبا من الميثاق الشرفي لحركة أحرار الشام الإسلامية.
وفي نهاية الفيلم، أكدت الحركة أنها لا تسعى لمصالحها فقط، وشعارها هو "ثورة شعب".
حيث قال "أبو حمزة": "نحن لسنا جيل التمكين، نحن جيل التضحية، فلا ينتظر أحد المناصب إن انضم إلينا".
فيما قال "أبو يزن الشامي": "سألني: أين ترى أحرار الشام في المستقبل؟ قلت له: لا أراها، لا ينبغي أن تستمر، يجب أن تكون مرحلة فقط".