فيما سيطر الارتباك على
الأسواق العالمية، توقع محللون أن تواصل البنوك المركزية الكبرى خفض أسعار الفائدة، أسوة بقرار
البنك المركزي الأوروبي الذي أعلن خفض أسعار الفائدة الخميس.
وأعلن المركزي الأوروبي قرارا بخفض معدل الفائدة الأساسي بواقع 5 نقاط أساس إلى 0%، إضافة إلى خفض سعر الإيداع من -0.3% إلى -0.4%، كما توسع البنك المركزي في برنامج التيسير الكمي عن طريق شراء
السندات ليصل إلى 80 مليار يورو شهريا بعد أن كان 60 مليار يورو، ليكون بذلك قد قرر ضخ 20 مليار يورو إضافية في الأسواق شهريا.
تأتي خطوات المركزي الأوروبي في إطار حزمة من الإجراءات التي تهدف إلى إنقاذ اقتصاديات الدول الأوروبية من موجة البتاطؤ التي أصباتها طيلة الفترات الماضية ومحاولة لإنعاش الأسواق التي يخيم عليها الركود والتباطؤ، لكن ماتزال الشكوك تحوم حول مدى تحقيق هذه الإجراءات التحفيزية لما يهدف إليه المركزي الأوروبي، خاصة أنه سبق أن اتخذ قرارات مماثلة في الفترات الماضية، لكن لم تنجح في تحقيق الهدف منها.
وبمجرد إعلان قرار خفض الفائدة وتوسيع برنامج التيسير الكمي أمس، دخلت أسواق الأسهم والسندات العالمية في حالة من الفوضى حيث سجلت ارتفاعاً كبيراً فور صدور القرار، لكن سرعان ما عاودت الارتداد مرة أخرى.
وبعد اتخاذ إجراءات وصفها محللون بأنتها "جريئة" لتعزيز اقتصادات منطقة اليورو من بينها زيادة مشتريات الأصول وخفض أكبر لأسعار الفائدة على الودائع، ألمح رئيس المركزي الأوروبي ماريو دراغي، إلى أنه لن يكون هناك المزيد من الخفض لأسعار الفائدة.
وقال دراغي إن "برنامج التيسير الكمي سيمتد حتى عام 2017 وربما بعد ذلك"، مؤكدا أن هذه التدابير أدت إلى تحسن الأحوال المالية في المنطقة الأوروبية.
وتوقع عدم اتخاذ المزيد من قرارات خفض معدل الفائدة، ولكن في الوقت نفسه، ربما تتغير الأمور في المستقبل، مشيرا إلى أن معدلات الفائدة ستظل على انخفاضها الحالي - أو عند مستويات أدنى - لفترة ممتدة، كما أن معدل التضخم سيظل سلبياً في الأشهر المقبلة.
وأظهرت تقديرات أولية تراجع معدل التضخم السنوي في منطقة اليورو بأكثر من المتوقع لينزل عن الصفر في شباط/فبراير، وهو ما يزيد الضغط على البنك المركزي الأوروبي لتبني المزيد من إجراءات التيسير النقدي الأسبوع المقبل.
وذكر مكتب الإحصاء التابع للاتحاد الأوروبي أن أسعار المستهلكين في الدول الـ19 بمنطقة اليورو انكمشت بواقع 0.2 بالمئة على أساس سنوي مقارنة مع تضخم نسبته 0.3 بالمئة في كانون الثاني/يناير.
وجاءت البيانات دون التوقعات وهو أول انكماش في الأسعار تشهده المنطقة منذ أيلول/سبتمبر حين سجلت انكماشا نسبته 0.1 بالمئة. وتوقع محللون في استطلاع أجرته "رويترز" أن يصل معدل التضخم في شباط/فبراير إلى الصفر.
كما نزل معدل التضخم الأساسي أكثر من المتوقع أيضا. وانخفض معدل التضخم الذي يستبعد أسعار الأغذية غير المصنعة والطاقة إلى 0.8 بالمئة في شباط /فبراير في حين توقع اقتصاديون وصوله إلى 0.9 بالمئة الشهر الحالي مقارنة مع واحد بالمئة في كانون الثاني/يناير.
أيضا أظهر مسح نشرت نتائجه مؤخرا نمو أنشطة قطاع الصناعة التحويلية في منطقة اليورو بأضعف وتيرة في عام الشهر الماضي إذ أخفقت تخفيضات الأسعار الكبيرة في وقف تباطؤ نمو الطلبيات.
ونزل مؤشر ماركت لمديري المشتريات في منطقة اليورو إلى 51.2 من 52.3 في كانون الثاني/يناير، وهو أفضل قليلا من التقديرات الأولية عند 51 كما أنه أعلى من مستوى 50 نقطة الذي يفصل بين النمو والانكماش.
كما نزل المؤشر الفرعي للإنتاج لأقل مستوى في عام مسجلا 52.3 مقارنة مع 53.4 في كانون الثاني/يناير، ولكنه أعلى من القراءة الأولية عند 51.9.
وما يثير قلق واضعي السياسة، حدوث تباطؤ رغم خفض المصانع للأسعار بأكبر نسبة منذ منتصف 2013 ونزل مؤشر أسعار الانتاج إلى 47.6 من 48.3. ونزلت أسعار المدخلات ياسرع وتيرة منذ تموز/يوليو 2009.
ورغم المخاوف التي تحيط بالاتحاد الأوروبي، خاصة فيما يتعلق بملف اليونان، توقع محافظ البنك المركزي اليوناني يانيس ستورناراس، قبل أيام، أن تعود بلاده إلى النمو في النصف الثاني من 2016 لكنه قال إنها معرضة لمخاطر تتراوح بين أزمة المهاجرين في
أوروبا واحتمالية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقال ستورناراس العضو في مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي "إنه من المنطقي أن نتوقع بأن الكساد سيبلغ القاع وأن الاقتصاد سيشهد تعافيا طفيفا خلال النصف الثاني من العام شريطة المحافظة على الاستقرار السياسي وأن يتم القضاء على الضبابية التي تضر بثقة المستثمرين".