نشرت صحيفة "فزغلاد" الروسية، تقريرا حول انسحاب القوات العسكرية الروسية من
سوريا، الذي لم تكن تتوقعه واشنطن، وقابله شركاؤها الأوروبيون بالترحيب.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الإعلام الغربي أظهر احتفاءه بتحويل روسيا لمسار الحرب بطريقة غير متوقعة، "فقد جعل
بوتين نظيره الأمريكي
أوباما مجبرا على اتخاذ قرارات صعبة مرة أخرى".
ووفقا للخبراء الروس؛ "فإن بوتين يريد من خلال هذا الانسحاب تمرير رسالة إلى جميع القوى في المنطقة، ودفعهم إلى حل سياسي للصراع".
ونقلت الصحيفة عن عن رئيس مجلس الأمن الدولي، الدبلوماسي الأنغولي إسماعيل غاسبار مارتينز، قوله إن "هذه خطوة إيجابية"، وإن "كل أعضاء مجلس الأمن تقبلوا هذا الإعلان بحماسة"، مشيرا إلى أن الصراع في سوريا كان يمكن أن يتخذ "منحى مختلفا".
ونقلت أيضا عن فيتالي تشوركين، ممثل روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، قوله في اجتماع مغلق لأعضاء مجلس الأمن، إن "اتخاذ القرار بالانسحاب من سوريا؛ يُظهر الالتزام العميق للعملية السياسية الروسية".
وفي تعليقه على الانسحاب الروسي؛ قال وزير الإعلام السوري عمران الزعبي، إنه "على الرغم من
انسحاب القوات الروسية؛ فإن التعاون بين روسيا وسوريا لا يزال على أعلى مستوى، وسوف يستمر كذلك".
وذكرت الصحيفة أن واشنطن واجهت القرار الروسي بشيء من التحفظ، حيث صرحت كل من وزارة الخارجية ووزارة الدفاع الأمريكية، بأن كل ما يدركونه هو أن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغ الرئيس باراك أوباما عن انسحابه هاتفيا، وما زلنا ننتظر المزيد من المعلومات".
وأضافت نقلا عن وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، أنه "في ظل انسحاب القوات الروسية من سوريا؛ فإنه سيتم الضغط على نظام
بشار الأسد، للمشاركة بجدية في مفاوضات جنيف بشأن الانتقال السياسي".
وجاء الموقف البريطاني من خلال ما صرح به وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، حيث قال إنه "يمكن لهذه الخطوة التي أقدمت عليها روسيا أن تكون إيجابية؛ إذا وقع الالتزام بتنفيذ تسليم السلطة السياسية للسوريين أنفسهم، واستئناف الجهود الرامية إلى وقف القتال".
ونقلت الصحيفة عن الممثل الرسمي لوزارة الخارجية الصينية لوكانغ، قوله إن "القرار الروسي إشارة إيجابية لتشجيع جميع الأطراف على الالتزام بالحوار والمفاوضات؛ لإيجاد حل سياسي للمشكلة السورية".
وقالت الصحيفة إن تركيا هي القوة الوحيدة التي أعربت عن استيائها الواضح من هذا القرار، حيث أكد الممثل الدائم لتركيا لدى الاتحاد الأوروبي أن "انسحاب الجيش الروسي لن يؤثر على الصراع السوري، بل سوف تستمر الحرب، وسيستمر تدفق المهاجرين، والفرار من النظام"، مضيفا أن "الضربات الجوية لم تحقق النصر، ونحن بحاجة إلى قوات على الأرض، ولكن لا أحد يجرؤ على المخاطرة من خلال العمليات الأرضية، والشيء الوحيد الذي يمكن أن أتفق فيه مع بوتين هو رحيل بشار الأسد، لكن السؤال هو ماذا بعد رحيله؟ نعم، نحن نريد التخلص منه، ولكن من سيأتي من بعده؟".
ونقلت الصحيفة عن أحد الدبلوماسيين الأمريكيين قوله: "نحن نأمل في الحصول على مزيد من المعلومات للنظر في المسألة خلال الساعات القليلة القادمة"، مضيفا أن "علينا أن ندرك ما هي بالضبط نوايا روسيا، وأنا لا أستبعد أن أوباما سيدعو فلاديمير بوتين للتباحث حول التطورات الراهنة في سوريا".
ويعتقد بعض المحللين العسكريين الروس أن التدخل الروسي ساعد في إضعاف المعارضة، وتعزيز موقف بشار الأسد الذي كان على وشك الانهيار، كما أن روسيا تمكنت من إضعاف موقف الجماعات "المتطرفة".
ونقلت الصحيفة عن النائب الأول لرئيس لجنة مجلس "الدوما" للدفاع، سيرغي زيغاريف، قوله: "لقد أثبتنا أننا نستطيع القتال بصفة فعلية، وحققنا نتائج إيجابية في أقصر وقت ممكن، سواء كان ذلك جوا أم بحرا".
وقالت الصحيفة إن الانسحاب الروسي من الأراضي السورية "له طابع تعليمي"، ونقلت في هذا السياق عن الخبير الروسي كوستين، قوله إن "النجاحات الروسية مهدت الطريق للتوصل إلى تسوية سياسية"، وإن "قرار بدء انسحاب القوات جاء ردا على المشككين الذين شبهوا التدخل الروسي بغزو أفغانستان عام 1979".
وأضاف هذا الخبير الروسي: "المشككون كانوا مخطئين في قولهم إن القوات الروسية ستبقى في سوريا لفترة طويلة، وإنها أصبحت عبئا لا يطاق، والدليل على ذلك أن الجيش الروسي سيعود إلى أرض الوطن".