يأمل ذوي ضحايا
الحرب البوسنية في تسعينيات القرن الماضي، بأن تصدر المحكمة الجنائية الدولية بحق جرائم الحرب التي ارتكبت في
البوسنة (1992 - 1995)، حكما بالسجن المؤبد على "رادوفان كاراديتش" الملقب بـ"
سفاح البوسنة".
ومن المزمع أن تنطق المحكمة بالحكم على كاراديتش، الخميس، حيث ينتظر ذوي الضحايا الذين أدلوا بشهادتهم في المحكمة، أن تحكم على المتهم بالسجن المؤبد.
وفي هذا الإطار، أشار "حسن نوحانوفتيش"، الذي فقد شقيقه وأبويه في مجزرة بلدة سربرينيتسا البوسنية تموز/ يوليو 1995، وعمل مترجما لدى الأمم المتحدة إبان الحرب، إلى أهمية قرار المحكمة، مؤكدا أن كاراديتش من أكبر المسؤولين عن جرائم الحرب والإبادة.
وأكد نوحانوفتيش، أن المسلمين تعرضوا لعمليات إبادة جماعية وجرائم حرب في عدة مدن بوسنية علاوة على إخوانهم في صربيا، موضحا أن "تحقيق العدالة من أجل ذوي الضحايا أمر في غاية الصعوبة، غير أن الحكم عليه (كاراديتش) بالمؤبد هو النتيجة المنطقية بالنسبة لنا كضحايا".
وأفاد نوحانوفتيش، أن مسألة إدانة كاراديتش في المحكمة، أهم بكثير من قضية الحكم عليه، قائلا: "كان في قمة الضالعين في الحرب".
من جانبها، أوضحت "ميرسادا ملاغيتش" التي فقدت ابنيها وزوجها، في مجزرة سربرينيتسا، أنها أدلت بإفادتها في المحكمة بقضية كاراديتش، كشاهدة في 2012، قائلة: "خلال إدلائي بشهادتي لم أجد أي تعبير في وجه كاراديتش، يوحي بالندم، أخذ كل ما أملك في الدنيا، لا يوجد عقاب في العالم يعادل ما اقترفته يداه، والحكم عليه بالسجن المؤبد سيشفي غليلي بعض الشيء".
بدوره أفاد "محمد موسيتش" أنه اعتقل في معسكرات الأسرى التي أنشئت في العاصمة البوسنية سراييفو وأطرافها، بأمر من كاراديتش في 1992، وقال: "كنت أدعو الله كل يوم بأن يقتلوني، تعرضت لشتى أنواع التعذيب التي يعجز لساني عن وصفها، كانوا يطفئون أعقاب السجائر في أجسام المعتقلين، الحكم عليه بالمؤبد هو ما ننتظره".
من جانبه أكد "يوسف حجر" الطبيب السوري، الذي تولى إدارة المستشفى العسكري في سراييفو إبان الحرب، أنه يعرف كاراديتش شخصيا، قائلا: "كنا أصدقاء في فترة من الزمن، تعرفت عليه عند مجيئي لسراييفو".
وأضاف: "أدليت بكل ما أعرف في المحكمة، كوني كنت على صلة به، ووجهت سؤالا لكاراديتش: أنت طبيب مثلي، ما كان عليك أن تقوم بما فعلت، لم أكن أعرفك هكذا؟".
وأردف: "عملت ليلا ونهارا طيلة شهرين، ورأيت بأم عيني جثث مئات الأطفال الذين أصيبوا بطلقات قناصة في القلب، كل ذلك أدليت به أمام المحكمة، وكل ذلك سمعه كاراديتش، ولم يرف له جفن، وكأنه بمعزل عما يسمع".
أما مدير معهد المفقودين البوسنيين عمرو ماسوفيتش، الذي أدلى بشهادته أمام المحكمة، فقال بدوره: "أدليت بشهادتي كخبير"، مشيرا إلى أن الرفات الذي استخرج من المقابر الجماعية يؤكد ارتكاب الإبادات الجماعية في البوسنة إبان الحرب.
ولفت ماسوفيتش، إلى أن نحو 8 آلاف شخص قتلوا في الحرب البوسنية دون العثور على جثثهم، قائلا: "بعد رؤيتي لجثث أطفال صغار استخرجت من المقابر الجماعية يصعب على الإنسان أن يكون محايدا في شهادته أمام المحكمة".
جدير بالذكر أن رادوفان كاراديتش، تولى رئاسة صرب البوسنة، بعد أن أصبح رئيسا لمجلس الأمن القومي لجمهورية صرب البوسنة، إثر انهيار الاتحاد اليوغسلافي في 1991.
ويواجه كاراديتش، تهم ارتكاب جرائم حرب وممارسة القتل بحق المدنيين الأبرياء، إضافة لانتهاك قوانين الحرب، إبان الحرب البوسنية، وقد قبض عليه في 2008 بعدما كان يتجول بهوية مزورة، وبدأت محاكمته في 2009.
يشار إلى أن القوات الصربية، ارتكبت العديد من
المجازر بحق مسلمين، خلال ما عرف بفترة حرب البوسنة، التي بدأت عام 1992، وانتهت 1995 بعد توقيع اتفاقية دايتون، وتسببت في إبادة أكثر من 300 ألف شخص، باعتراف الأمم المتحدة.
ويقبع كل من كاراديتش، والقيادي الصربي راتكو ملاديتش، في سجن "سخييفينينغن" في لاهاي، قيد المحاكمة بتهم جرائم الحرب.
وجدير بالذكر أن القوات الصربية، بقيادة راتكو ملاديتش، دخلت سربرنيتسا في 11 تموز/ يوليو 1995، بعد إعلانها منطقة آمنة من قبل الأمم المتحدة، وارتكبت خلال عدة أيام، مجزرة جماعية راح ضحيتها أكثر من 8 آلاف بوسني، تراوحت أعمارهم بين 7 إلى 70 عاما.