أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي
لافروف، خلال لقاء جمعه مع سعد
الحريري، رئيس الوزراء
اللبناني الأسبق وزعيم تيار "المستقبل"، استعداد موسكو للمساهمة في تعزيز قدرات الجيش اللبناني، في حين أكد الحريري أهمية تعيين رئيس في لبنان، وإيجاد حل سياسي في
سوريا.
وجاء في بيان نشرته وزارة الخارجية الروسية تعليقا على اللقاء الذي عقد في موسكو الأربعاء، أن لافروف والحريري "أعربا عن قلقهما المشترك من مستوى الخطر الإرهابي في لبنان والذي لا يتراجع، إذ أكد الوزير الروسي في هذا السياق استعداد موسكو للمساهمة في تعزيز قدرات الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية".
وأشار البيان إلى أن لافروف والحريري تبادلا الآراء حول تطورات الوضع في لبنان وفي منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، إذ أكد لافروف دعم موسكو لسيادة لبنان ووحدة أراضيه، وشدد على ضرورة الاحتفاظ بالوئام بين مختلف الطوائف ومكونات المجتمع الإثنية عن طريق الحوار بين السياسيين اللبنانيين على أساس دستور البلاد بعيدا عن أي تدخلات خارجية، بحسب تعبيره.
وفي مقابلة للحريري مع وكالة "إنترفاكس" الروسية، أوضح رئيس الوزراء اللبناني الأسبق أن الحكومتين الروسية واللبنانية تجريان اتصالات مكثفة حول المساعدة الروسية المحتملة في تشديد الرقابة على الحدود اللبنانية-السورية، مضيفا أنه سبق لبيروت، وموسكو، أن أجرتا محادثات حول المساعدات العسكرية المحتملة، وأن الجانب اللبناني يرحب بأي مساعدات روسية.
وكانت السعودية أعلنت الشهر الماضي وقف المساعدات المقررة لتسليح الجيش اللبناني وقدرها ثلاثة مليارات دولار، كما قررت إيقاف ما تبقى من مساعدة مقررة بمليار دولار لقوى الأمن الداخلي اللبناني، وذلك بسبب حزب الله اللبناني المناهض للسعودية.
"حلوا مشاكلكم بأنفسكم"
وأعرب وزير الخارجية الروسي، للحريري، في مستهل لقائه عن أمل موسكو في أن يتجاوز لبنان عما قريب أزمته السياسية، مشددا على ضرورة أن يحل اللبنانيون مشاكلهم بأنفسهم بمعزل عن التدخلات الخارجية.
وقال لافروف إن "
روسيا تجري اتصالات دورية مع كافة القوى السياسية في لبنان، تشمل الحكومة، وزعماء مختلف التيارات السياسية. ويعكس هذا الموقف اهتمامنا الصادق بالحفاظ على أسس المجتمع اللبناني وكيان الدولة اللبنانية، ورغبتنا في أن نشهد في القريب تجاوز اللبنانيين الأزمة السياسية الداخلية التي عمّت بلادهم"، بحسب وسائل إعلام روسية.
وجدد لافروف تأكيد موسكو على ضرورة أن يحل اللبانيون كافة مشاكل بلادهم بأنفسهم بلا تدخلات خارجية، مع الاحترام المطلق لسيادة البلاد ووحدة أراضيها واستقلاها.
وأضاف: "نأمل في أن يتمسك اللاعبون الخارجيون الآخرون بنفس المبدأ، بما يخدم توفير الظروف اللازمة لتجاوز الوضع الراهن" في لبنان.
وأعاد الوزير الروسي إلى الأذهان المشاورات التي يجريها زعيم تيار المستقبل مع ممثلي القيادة الروسية بشكل دوري، مشيرا إلى اهتمامه بالاطلاع من الحريري على تقييمه للوضع الداخلي في لبنان والمنطقة.
وأكد الحريري تقدير بلاده للدور الروسي في القضايا الإقليمية، وأعرب عن تمسكه بمواصلة التعاون مع موسكو في محاربة الإرهاب والرقابة على الحدود اللبنانية، معربا عن أمله في هذه المناسبة، في أن تسهم مشاوراته مع لافروف في تسوية العديد من الأزمات التي يواجهها لبنان، ومنها التدخلات الخارجية في الشأن اللبناني وشؤون بلدان المنطقة، الأمر الذي يحول -إلى جانب عوامل أخرى- دون انتخاب رئيس جديد للبنان.
"أقنعوا الأسد"
من جانب آخر، أعرب الحريري، خلال زيارته إلى موسكو، عن تمنياته، أن تؤدي روسيا دورا أكثر نشاطا على المستوى السياسي في سوريا وتقنع رئيس النظام السوري بشار الأسد، بالبحث عن حل سياسي.
وقال الحريري في حوار مع صحيفة "إزفيستيا" الروسية نشر الأربعاء، إنه "لا شك أن التدخل الروسي غيّر موازين القوى في ساحة المعركة"، معربا عن أمله في الوقت نفسه بأن "تؤدي موسكو دورا أكثر نشاطا على المستوى السياسي وتقنع بشار الأسد بالبحث عن حل سياسي".
وحمّل الأسد المسؤولية عن "المماطلة في التسوية"، مشيرا إلى أن الأسد "يقول شيئا ويفعل شيئا آخر تماما".
وأوضح الحريري أنه بحث مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الوضع في لبنان في ما يتعلق بخلو كرسي الرئاسة وتدفق اللاجئين السوريين والتهديدات في مجال الأمن، إلى جانب العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية.
وعن الموقف الروسي تجاه سوريا، قال الحريري إنه "من الواضح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد حلا سياسيا في سوريا، قد يكون الآخرون لا يعتبرون هذا الأمر أساسيا، إن كان بشار الأسد أم المعارضة، لكني أعتبر أن هناك حلا سياسيا قادما إلى سوريا، وهذا الأمر يهم الشعب السوري".
تدخلات في الرئاسة
وأكد الحريري أن هناك تدخلات تحصل في المنطقة، خصوصا في لبنان، لمنع انتخاب رئيس للجمهورية، وسط تشديدات لافروف على حل اللبنانيين مشاكلهم بأنفسهم.
وكان الرئيس الحريري رد على أسئلة لقناة "المستقبل" حول نتائج لقائه مع لافروف بالقول: "لا شك أن هناك اهتماما روسيا كبيرا بلبنان، ونحاول بشتى الوسائل أن نحمي لبنان من أي كارثة يمكن أن تحصل، وبالنسبة إليّ فإن الأهمية القصوى هي لانتخاب رئيس للجمهورية، لأنه بذلك نكون قد حللنا السبب الأساسي لمعظم المشاكل التي يشهدها البلد، سواء بالنسبة إلى تدهور المؤسسات أم كل ما يتعلق بالوضع الاقتصادي والأمني".
وأوضح الحريري أن الموقف الروسي واضح، سواء في لبنان على أهمية الرئاسة، أم في سوريا في ما يتعلق بموضوعي بشار الأسد والحل السياسي هناك.
وحضر اللقاء الذي جرى في مبنى الضيافة التابع لوزارة الخارجية الروسية، بالإضافة للحريري ولافروف، من الجانب اللبناني: وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، والنائب السابق الدكتور غطاس خوري، والسيد نادر الحريري، ومستشار الرئيس الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان. وحضر عن الجانب الروسي: نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، ونائب مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية أندريه بانوف، ومسؤول مكتب الشرق الأوسط ديمتري دوغاتكين.