تواصلت الإدانات الواسعة الرافضة لاتفاقية إعادة ترسيم الحدود بين
مصر والمملكة العربية
السعودية، والتي قضت بتنازل القاهرة عن جزيرتين استراتيجيتين في البحر الأحمر (
صنافير وتيران) لصالح الرياض، وهو الأمر الذي دفع بعض النشطاء والحقوقيون لإقامة دعاوى قضائية وتدشين حملات شعبية لوقف تنفيذ هذه الاتفاقية، فيما دعا آخرون إلي تعليق التوقيعات والتصديقات عليها لحين عرض الأمر على استفتاء شعبي.
من جانبه، استنكر المجلس الثوري المصري بأشد العبارات "قيام سلطة الانقلاب العسكري بالتنازل عن السيادة المصرية عن جزيرتي
تيران وصنافير في إطار اتفاقية غير قانونية لترسيم الحدود مع السعودية".
وأشار في بيان له، الأحد، إلى أنه "حذر منذ فترة من أن الشعب المصري بعد تحرره وإسقاط هذا الانقلاب لن يقر أية اتفاقيات أو معاهدات أبرمتها سلطة الانقلاب مع حكومات أو جهات أو شركات باعتبارها باطلة وغير قانونية وغير مشروعة".
وحذر المجلس الثوري كل من شارك في إبرام تلك الاتفاقيات أو المعاهدات سواء في وزارة الخارجية أو الجيش وغيرها بأنه سينضم إلى تهمة الخيانة العظمى التي ستوجه لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي وأركان نظامه.
وأهاب المجلس بالشعب المصري "الاستمرار في ثورته وتصعيدها ضد وجود السفاح القاتل ونظامه في سدة الحكم، لأن كل يوم جديد لهم في الحكم يمثل خسارة مباشرة واستنزاف متواصل للشعب المصري وموارده وثرواته وسيادته على أرضه وإقليمه".
من جهته، أعلن حزب الأصالة المصري رفضه التام والقاطع للاتفاق السعودي مع نظام السيسي المنقلب بشأن ترسيم الحدود، وما أسفر عنه من نتائج.
واعتبر في بيان له، الأحد، أن هذا الاتفاق كأن لم يكن، ويؤسفه استغلال الشقيقة (السعودية) لحالة الوهن التي تعيشها مصر في تلك الظروف الراهنة، وهو الأمر الذي سيتغير، وحينها ستصبح تلك الاتفاقات جزءا من التاريخ بعد أن كانت جزءا من الجغرافيا.
وقال الحزب إنه "يأمل من الطرف السعودي بعد أن فرض سيادته على جزيرة تيران، وبالتالي الممرات البحرية، أن يوقف الملاحة الصهيونية بخليج العقبة، فمن العار أن تجري ملاحة محتل الأقصى برعاية خادم الحرمين، وأن يرى حاكم مسلم المسلمين محاصرين في غزة وغيرها بأيدي الصهاينة، ويقوم بتسهيل حياة الصهاينة وإنعاش تجارتهم ورعاية سفنهم وحمايتها، وهي تجري في ممراته الملاحية على حسب اتفاقياته المبرمة".
ونوه إلى أنه يستغرب "الموقف الصامت من مؤيدي الانقلاب إزاء التفريط في أراضي وثروات البلاد، فبعد فضيحة ترسيم الحدود البحرية مع قبرص، وإضاعة غاز المتوسط، وما سبقها من إهدار حقوق مصر في مياه النيل، يأتي التفريط في حدود وثروات مصر بالبحر الأحمر، وهو الأمر الذي يدخل بلا شك أو تردد في نطاق الخيانة والتفريط في سلامة الوطن وأراضيه، وهو ما يفقد النظام أي حق في مطالبة مؤيديه بحمايته أو الالتفاف حوله، فحماية الخيانة خيانة".
وأطلق عدد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي حملة توقيعات شعبية لرفض التنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير"، داعين المواطنين إلى مساندة الحملة التي أطلقت تحت اسم "
الرافضون لتنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر: وقعوا لإنقاذ الجزيرتين".
وتستهدف الحملة وصول عدد الموقعين إلى 20 ألف مواطن، في حين أن عدد الموقعين الفعليين عليها تجاوز 4 آلاف ونصف مؤيد حتى الآن.
بدوره، أكد السفير إبراهيم يسري، مدير إدارة القانون الدولي والمعاهدات الدولية بوزارة الخارجية سابقا، أن جزيرتي "تيران وصنافير" مصريتان 100% منذ العهد العثماني، مضيفا أنه حين تم إبرام اتفاقية طابا التي كان مشتركا بها تم الاستعانة بالخرائط التاريخية التي أثبتت أن جزيرتي "تيران وصنافير" تتبع السيادة المصرية.
وأكد في تصريح صحفي أن الخطر ليس في كون الجزيرتين تابعتين لمصر أو السعودية في ضوء الجسر الجديد الذي تتكفل السعودية بإنشائه، ولكن الخطر يكمن في ترسيم الحدود البحرية بالبحر الأحمر، في ظل الدراسات التي أعدها الجانب السعودي، والتي تؤكد احتمالية اكتشافات بترولية فيه.
وبشأن قبول السلطات المصرية بالتنازل عن الجزيرتين، أوضح "يسري" أن هناك هبة دبلوماسية وسياسية واقتصادية من السعودية تجاه مصر لا يمكن الوقوف للتصدي لها، وكان يحتم على القيادة السياسية احتضانها وقبولها في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها مصر، كما أن الملك السعودي أصر على إتمام اتفاقية الجزيرتين حتى يهدئ الوضع في المملكة.
وعلّق رئيس حزب مصر القوية، عبد المنعم أبو الفتوح، على قرار التنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية، قائلا عبر حسابه على "تويتر": "لن يستفيد من العبث بحدود مصر الشرقية إلا الصهاينة، تيران وصنافير مصرية.. مضيق تيران مصري 100في المئة ولن يكون مضيقا دوليا، أم الرشراش أرض مصرية محتلة".
من جهته، دعا المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى "سحب توقيعهما، واعتبار
اتفاقية ترسيم الحدود البحرية كأن لم تكن"، وقال إن "جزيرتي تيران وصنافير جزء لا يتجزأ من إقليم الدولة المصرية بموجب اتفاقية أول تشرين الأول/ أكتوبر 1906 بين الدولة العلية العثمانية ومصر الخديوية".
وكتب عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك" أن "الدولة المصرية تمارس سيادتها على إقليمها بما فيه الجزيرتين دون انقطاع، حتى في تحولات الصراع العربي الصهيوني وما صاحبه من احتلال واتفاقيات وضعت الجزيرتين ضمن المنطقة (ج) في كامب ديفيد في تأكيد دولي لملكية وسيادة مصر عليهما".
وقال صباحي إن "المملكة العربية السعودية نشأت كدولة قانونية عام 1932 أي أنها لم تمتلك الجزيرتين ولم تمارس عليهما السيادة على وجه الإطلاق. وأية مطالبات لها مردود عليها بحجج دامغة تاريخيا وقانونيا وواقعيا، وبكل الجدية والحسم، واحترام الحقائق دون شطط ولا اقتتال ولا تنابذ ولا تخاصم بين الأشقاء".
وأضاف أنه "لا يحق لرئيس الجمهورية التنازل طبقا للمادتين الأولى و151 من الدستور وخصوصا فقرتها الأخيرة: (وفي جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة)".
وتابع المرشح الرئاسي السابق أن "هذا هو القول الفصل بنص الدستور: التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة باطل حتى لو وافق البرلمان بكامل أعضائه أو أجرى استفتاء وجاءت نتيجته بالموافقة، لا البرلمان ينفع ولا الاستفتاء يشفع إزاء الباطل الدستوري".
ورأى صباحي أنه "لكي نجنب مصر أزمة دستورية هي في غنى عنها، ونتجنب أزمة في علاقات الأخوة والجوار مع الأشقاء في العربية السعودية التي نحرص عليها، فإنني أدعو السيد رئيس الجمهورية وجلالة خادم الحرمين الشريفين إلى سحب توقيعهما واعتبار اتفاقية ترسيم الحدود البحرية كأن لم تكن صونا للحقوق واتقاء للشبهات. فلا يليق بالسعودية أن تضع نفسها في موضع شبهة استغلال حاجة مصر، ولا يليق بمصر أن تقبل على نفسها شبهة الإذعان تحت وطأة الحاجة".
وأقام محامي يدعى "علي أيوب" أول دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، الأحد، لوقف تنفيذ اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية.
ودعا الحقوقي خالد علي، إلى تعليق التوقيعات والتصديقات علي اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، لحين عرض الأمر على استفتاء شعبي استنادا لنص المادة 151 من الدستور.
وكتب "علي"، تدوينة عبر صفحته الشخصية على "فيسبوك": "يجب أن يتحول غضب التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير من الإدانة والشجب فقط إلى مطلب شعبي واضح، وأقترح أن نرفع معا مطلب تعليق التوقيعات والتصديقات لحين عرض الأمر على استفتاء شعبي استنادا لنص المادة 151 من الدستور".
كما دعا المحامي طارق العوضي، مدير مركز دعم دولة القانون، المواطنين إلى تحرير توكيلات باسمه لرفع دعاوى قضائية ضد قرار التنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير" للمملكة العربية السعودية.
وقال عبر منشور له على "فيسبوك": "أمامكم اليوم وغدا فقط، لمن يريد رفع دعاوى باسمه ضد قرار بيع الأرض المصرية للسعودية، مطالبا بسرعة تحرير توكيل في القضايا، باسم طارق محمد العوضي المحامي بالنقض، العنوان: 36 امتداد ولي العهد - حدائق القبة- القاهرة".
وأكد "العوضي" أنه بالبحث لم يتم العثور على ثمة وثائق ولو "مشبوهة" تشير إلى أحقية السعودية في تيران وصنافير، بل العكس هو الصحيح، إذ يوجد العديد من الوثائق الرسمية التي تثبت مصريتهما.
وطالب عضو مجلس النواب عن دائرة العريش بشمال سيناء حسام رفاعي، الدولة المصرية باللجوء إلى التحكيم الدولي لحسم أمر جزيرتي "تيران وصنافير".
وقال حزب الكرامة، الأحد، إن جزيرتي "تيران وصنافير" جزء لا يتجزأ من إقليم الدولة المصرية بموجب اتفاقية الأول من تشرين الأول/ أكتوبر 1906 بين الدولة العثمانية ومصر الخديوية، مضيفا أن الدولة المصرية تمارس سيادتها على الجزيرتين دون انقطاع منذ ذلك الوقت.
وأكد الحزب، في بيان له، أن السعودية نشأت كدولة قانونية في 1932 أي أنها لم تمتلك الجزيرتين، ولم تمارس عليهما السيادة على وجه الإطلاق، مشدّدا على أن أي مطالبات لها مردود عليها بحجج دامغة تاريخيا، وقانونيا، وواقعيا وبكل الجدية والحسم واحترام الحقائق دون شطط ولا اقتتال ولا تنابذ ولا تخاصم بين الأشقاء.
وأضاف أنه "لا يليق بالسعودية أن تضع نفسها في موضع شبهة استغلال حاجة مصر، ولا يليق بمصر أن تقبل على نفسها شبهة الإذعان تحت وطأة الحاجة"، مطالبا السيسي وسلمان بسحب توقيعهما، واعتبار اتفاقية ترسيم الحدود البحرية كأن لم تكن صونا للحقوق واتقاء للشبهات، وتجنيب مصر أزمة دستورية هي في غنى عنها، وتجنب أزمة في علاقات البلدين.
إلى ذلك، ألقت قوات الأمن المصرية القبض على عدد من النشطاء تظاهروا في وسط القاهرة، ظهر الأحد، احتجاجا على ضم جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية.
وقال أحد منظمي الوقفة إنهم تجمعوا في ميدان طلعت حرب اعتراضا على قرار التنازل عن الجزيرتين، وبمجرد رفع لافتات مكتوب عليها "لا لبيع مصر"، و"نرفض التنازل عن أراضي مصرية"، هاجمتهم قوات الأمن التي تمكنت من اعتقال بعض النشطاء واقتادتهم إلى قسم شرطة عابدين.
وتداول بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للرئيس الراحل جمال عبدالناصر وهو يتحدث عن جزيرة تيران، وقال إنها "مصرية ونباشر سيادتنا عليها دون تدخل من أي دولة خارجية".
فيديو آخر لجمال عبد الناصر وهو يتحدث بلهجة عنيفة وحاسمة عن "سيادة مصر على جزيرة تيران، مؤكدا أنها جزء لا يتجزأ من الأراضي المصرية.
بينما حذف القائمون على الموقع الرسمي لوزارة البيئة المصرية، المعلومات المنشورة على الموقع حول جزيرتي تيران وصنافير، حيث تؤكد المعلومات الموجودة على الموقع قبل الحذف، أن الجزيرتان مصريتان.
وكان الموقع يصنف الجزيرتان " تيران"و "صنافير"، على أنهما إحدى المحميات الطبيعية الخاصة بالدولة المصرية في محافظة جنوب سيناء، إلا أنه بعد أن أعلنت الحكومة المصرية عن تبعيتهم للسعودية قامت بحذفها من على الموقع.
وأكد وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، أن جزيرتي تيران وصنافير دخلتا ضمن اتفاقية كامب ديفيد بعد احتلال عام 1967، مشيرا في لقاء مع رؤساء تحرير الصحف المصرية إلى أن المملكة مثل أي دولة تريد تحديد حدودها، وسبق وأن قامت بذلك مع الإمارات، والعراق، والبحرين، وعمان، واليمن.
واستشهد "الجبير" بعرض الملك فاروق على الملك عبد العزيز حماية هذه الجزر، وشكر الملك عبدالعزيز لمصر على ذلك آنذاك، مضيفا: "بعد 1967 والاحتلال ثم كامب ديفيد رفضت إسرائيل فصلهما عن الاتفاقية، خاصة أنهما كانا ضمن الأراضي المحتلة، وبذلك دخلا في كامب ديفيد، وبعد ذلك مصر والسعودية شكلتا لجنة لاستعادة الجزر، ولكن الأحداث التي مرت بها المنطقة بعد 11 سبتمبر والانشغال الذي دخل فيه العالم العربي أدى إلى تأخر مسألة تحديد الحدود البحرية".
وتابع وزير الخارجية السعودي "مصر لم تحتل هذه الجزر، ولكنها دخلت بناء على طلب السعودية، وهناك دراسات معمقة ومفصلة من قبل وزارة الخارجية المصرية تؤكد هذه الحقيقة، ووزارة الخارجية المصرية من أمهر وزارات الخارجية في العالم العربي".
ووقع عبد الفتاح السيسي والملك سلمان بن عبد العزيز 17 اتفاقية أبرزها اتفاقية إنشاء جسر بري بين السعودية ومصر، واتفاقية لترسيم الحدود البحرية بين البلدين.