يحبس أهالي مخيم الرشيدية جنوبي
لبنان أنفاسهم تخوفا من انفجار الوضع الأمني على غرار ما حصل سابقا في مخيم عين الحلوة في صيدا، في تطور جاء على خلفية اعتقال شابين متهمين بالتخطيط لاغتيال القيادي في
حركة فتح، رفعت شناعة، بينما تشير مصادر متطابقة إلى انتمائهما لحركة أنصار الله المقربة من
حزب الله.
غير أن الحركة تنفي علاقتها بالمعتقلين، وتقول إنها هي من قامت باعتقالهما وتسليمهما للأمن الوطني الفلسطيني.
يأتي ذلك بعد أيام من مقتل مسؤول حركة فتح في مخيم المية ومية، فتحي زيدان، إثر انفجار قنبلة في سيارته أمام مدرسة الأميركان قرب مدخل مخيمَيْ عين الحلوة والمية ومية للاجئين
الفلسطينيين، في مدينة صيدا جنوب لبنان.
وتعد حركة "أنصار الله" التي يطلق عليها أيضا وصف "سرايا مقاومة
المخيمات الفلسطينية"، ذراعا عسكرية لحزب الله في المخيمات.
وكان مخيم عين الحلوة شهد قبل أسابيع توترا كبيرا إثر عمليات اغتيال متبادلة بين مناصرين لحركة فتح ومجموعة "بلال بدر"، وهي من المجموعات الإسلامية في المخيم. كما شهد المخيم في شهر آب/ أغسطس الماضي، موجة قتال عنيفة، إثر عملية اغتيال طالت القيادي في حركة فتح، العقيد طلال الأردني، واتهمت الحركة مجموعة "بلال بدر" بتنفيذها.
وبشأن نفي حركة أنصار الله علاقتها بتخطيط كل من سلمان محمود ناصر وطارق علي المهداوي لعمليات اغتيال، أكدت مصادر فتحاوية خاصة لـ"
عربي21" أن الشكوك ما زالت حاضرة بشأن ضلوع عناصر تابعة لأنصار الله في التخطيط لتنفيذ اغتيالات ضد قيادات في حركة فتح في أكثر من مخيم.
وكان مصدر مسؤول في حركة فتح أشار إلى أن قيادة الحركة تلقت اتصالات وضغوطات من جهات لبنانية نافذة، بينها اتصال من مسؤول الارتباط بحزب الله وفيق صفا ومسؤول الملف الفلسطيني نبيل قاووق، طالبت بعدم التسرع في الاتهام وترك الفرصة للأجهزة الأمنية اللبنانية لاستكمال التحقيق.
وبغض النظر عن التضارب في الروايات، فإن الثابت هو الأوضاع الهشة، في حين أفاد شهود عيان لـ"
عربي21" أن مخيم الرشيدية، جنوب مدينة صور، شهد استنفارا متبادلا بين عناصر "أنصار الله" وحركة فتح، وذلك على خلفية اعتقال أحد عناصر الأولى في المخيم، وقد اعترف في التحقيقات أنه مكلف باغتيال رفعت شناعة بوضع قنبلة في سيارته.
وإزاء هذه الاتهامات، أصدرت حركة أنصار الله بيانا أكدت فيه أن "سلمان محمود ناصر وطارق علي المهداوي لا ينتميان إلى حركة أنصار الله، وليس لهم أي علاقة تنظيمية أو في أي إطار تنظيمي، ولقد تم اعتقالهما من قبل حركتنا وتسليمهما للأخ مسؤول حركة فتح في الجنوب الاخ توفيق عبد الله".
وقال فتحي أبو العردات، أمين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير في لبنان، في تصريحات خاصة لـ"
عربي21"، إن "هناك تعاونا كبيرا لضبط الأوضاع بين الفصائل الفلسطينية، والأمور باتت جيدة نوعا ما في المخيمات الفلسطينية، بعد الجريمة النكراء التي استهدفت القيادي زيدان في صيدا".
ولفت العردات إلى أن "جميع الأطراف الفلسطينية متفقة على تصنيف هذه الجريمة بأنها محاولة لبث الفتنة، وذلك بالنظر إلى طريقة الاستهداف والموقع الذي نفذت فيه داخل مدينة صيدا".
وأوضح أن "لجنة التحقيق الفلسطينية تعمل لجمع الأدلة والملابسات، إلى جانب لجنة التحقيق اللبنانية التي تعمل بجد ونشاط وتمتلك المهنية، وكل ذلك بهدف الوصول إلى الحقيقة المطلوبة والكشف عن الفاعلين".
وحول ما إذا ما تمكنت لجنتا التحقيق من الوصول إلى خيوط في عملية اغتيال زيدان، قال العردات: "لا نستطيع أن نطلق العنان لمواقفنا، فالتحقيق هو الذي سيكون حاسما ويقول كلمته، ولن ندخل في متاهات ما يشاع من اتهامات وأقاويل"، وفق تعبيره.
وعن محاولة اغتيال شناعة في مخيم الرشيدية وربطها بالأحداث التي سبقتها، أوضح القيادي الفتحاوي أن "الوضع لا يخلو من الخطورة، والقلق هنا مشروع خصوصا لجهة التطور في الرشيدية، وقد تم إلقاء القبض على المتهمين في التخطيط للاغتيال وتم تسليمهما من قبلنا كحركة فتح وفصائل فلسطينية لمخابرات الجيش (اللبناني)، ويتم الآن التحقيق معهم للوقوف على أبعاد هذه المحاولة".
ورفض العردات "توجيه الاتهام حاليا مباشرة إلى أي جهة"، بانتظار ما ستكشفه التحقيقات الأمنية اللبنانية.
وأضاف: "منذ خمس سنوات، ونحن نمر بأوضاع دقيقة وخطرة، لكننا تمكنا من تجاوز الكثير من المطبات والأزمات"، مشيرا إلى أن "حركة فتح وقياداتها دائما ما كانت في دائرة الاستهداف"، منوها إلى أن "وحدة الموقف الفلسطيني تعكس ارتياحا لجهة منع أي اقتتال داخلي فلسطيني، إلى جانب تعاوننا مع الجانب اللبناني الرسمي، على قاعدة عدم السماح بأن لا نكون طرفا في أي خلافات وتجاذبات".
وأكد أن "العلاقات الفلسطينية اللبنانية هي علاقات صلبة وراسخة، وهو ما يعطي دفعة للوقوف بوجه كل المخططات الهادفة لاستهداف مخيماتنا والمس بأمنها".