نشرت صحيفة "الإسبانيول" الإسبانية حوارا مع الصحفي الألماني يورجين تودنهوفر، حول "المغامرة" التي خاضها داخل الأراضي التي يسيطر عليها
تنظيم الدولة في
سوريا والعراق.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن تودنهوفر شغل مناصب عديدة قبل أن يتحول إلى صحفي، فقد كان قاضيا لعدة سنوات، ونائبا عن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (حزب أنجيلا ميركل)، كما كانت له مسيرة في الحياة السياسية.
ونظرا لاهتمامه بالمسائل الدولية، فقد سبق أن زار أعضاء من حركة طالبان في أفغانستان خلال الثمانينيات، كما كان له لقاء مع قادة جبهة التحرير الوطني في الجزائر. وفي الآونة الأخيرة، عاش على وقع الثورات ضد معمر القذافي في ليبيا وبشار الأسد في سوريا.
وذكرت الصحيفة أنه لهذا السبب، يبدو من الطبيعي أن يقوم هذا الصحفي بزيارة إلى مواقع تنظيم الدولة في عام 2014، هذه المغامرة في أراضي "الخلافة"، التي دونها في كتابه "في قلب داعش: 10 أيام داخل الدولة الإسلامية".
ويشير التقرير إلى أن تودنهوفر توجه نحو سوريا، في كنف السرية التامة، برفقة ابنه فريدي وأشخاص آخرين من جنسيات مختلفتة؛ كانوا يرغبون في العيش والقتال في أراضي "الخلافة". وقد تحدى الصحفي مسؤولي تنظيم الدولة، وأجرى عدة مقابلات صحفية، للكشف عن حقيقة ما يجري هناك.
وأشارت الصحيفة إلى الانتقادات التي واجهها تودنهوفر في ألمانيا، حيث اعتبر منتقدوه أن رحلته خدمت العلاقات العامة للتنظيم. لكن في واقع الأمر، تحدث الصحفي عن "الفضائح" التي شاهدها داخل تنظيم الدولة.
وفي هذا الإطار، نقلت الصحيفة قوله إن "
الإرهابيين يطلقون على تنظيمهم اسم الدولة الإسلامية، ولكن هذا التنظيم هو معادٍ للإسلام؛ لأن الإسلام لا يسمح بقتل الأبرياء أو القيام بأعمال وحشية، ولا يسمح بتدمير الكنائس أو يجبر أحدا على الاعتقاد بشيء غصبا عنه".
وعندما سئل الصحفي عن سبب عدم تتبع
صحفيين آخرين خطاه، بما أنه هو الصحفي الأول الذي انضم إلى صفوف تنظيم الدولة، أجاب تودنهوفر بأن "تنظيم الدولة لا يريد صحفيين آخرين، ففي أول الأمر قرر الإرهابيون قتل الصحفيين، ثم حاولوا استقطابهم، ولكن كانت آثار دعوة الصحفيين سلبية جدا. وهكذا عادوا إلى الاستراتيجية القديمة. كما أن الصحفيين لم يعد لهم اهتمام بهذه المغامرة نظرا للأخطار التي تحملها".
وعند الحديث عن أسباب سفره إلى معاقل التنظيم، ذكّر الصحفي بنظرية "اعرف عدوك إذا كنت تريد الانتصار عليه". كما ذكر بعض الأمثلة كزيارة هنري كيسنجر إلى فيتنام، أو زيارة جيمي كارتر إلى كوريا الشمالية. لذلك يجب التحدث مع العدو وطرح أسئلة عليه، كما يقول.
وأضافت الصحيفة أنه فيما يتعلق بالمعلومات التي يفتقر لها
الغرب حول تنظيم الدولة، رأى تودنهوفر أن كل من كتبوا عن التنظيم لا يعرفونه، وكثيرا ما تحدث الصحفيون عن التنظيم، لكنهم لم يعيشوا هناك، وفضلا عن ذلك تحدث أخصائيون عن هذه المواضيع رغم جهلهم بحقائق التنظيم، مضيفا أنه "لا يمكنك كتابة قصة أو تاريخ حول تنظيم الدولة، دون العيش في أراضيه".
وفي هذا الإطار، أعطى الكاتب مثلا حول الافتقار الكامل للمعلومات في الغرب حول "الجماعات الإرهابية". فقد ربط عدد من المحللين الهجمات في أوروبا بضعف التنظيم في أراضيه، لكن في حقيقة الأمر تم اتخاذ قرار الهجمات في أوروبا منذ أن صرح المتحدث باسم تنظيم الدولة، أبو محمد العدناني، بوضوح في خريف عام 2014، قائلا: "أطلب من جميع أصدقائنا مهاجمة أعدائنا في الدول الغربية، بكل الوسائل المتاحة".
ويضيف التقرير أنه خلال عشرة أيام قضاها الصحفي في أراضي التنظيم، كان يشعر أنه يعيش في عالم مواز وفي عالم آخر غير عالمنا، ومن الأشياء المروعة التي بقيت في ذهن الكاتب، مختلف أشكال العبودية التي يقوم بها عناصر التنظيم، وخاصة ضد الفتيات القاصرات.
وحول نظرته الآن تجاه تنظيم الدولة، قال تودنهوفر: "هذه المنظمة هي أداة للانتقام، بعد الحرب في العراق وفي أفغانستان، وللانتقام ضد كل الحروب التي تقودها الدول الغربية في الشرق الأوسط"، مضيفا: "صحيح أن الحق في المقاومة أمر مشروع، ولكن ليس لقتل الأبرياء".
وعند السؤال عن الصورة التي يروجها تنظيم الدولة، قال الصحفي الألماني إنه "كان ينتظر أن يرى العديد من السيارات مع أعلام تنظيم الدولة، كثيرا من الجنود، وكثيرا من المقاتلين، لكن كل ما كانت تروج له أشرطة الفيديو الدعائية ليس صحيحا".
وبحسب رأيه، فإن القصف ضد تنظيم الدولة هي استراتيجية خاطئة، حيث ساهمت نسبيا في جذب المزيد من العناصر للتنظيم. فمنذ أن بدأت الحرب بقصف أفغانستان في عام 2001، أصبح لدينا بضع مئات من "الإرهابيين الدوليين"، والآن، وبعد 14 عاما من القصف، أصبح لدينا عدة آلاف منهم. واستشهد الكاتب بقول خافيير سولانا، الممثل الأعلى السابق للسياسة والأمن في أوروبا، بأنه "إذا قتل المدنيون، فإن أولئك الذين سيعيشون سيصبحون إرهابيين".
وفي الختام، يرى الكاتب أنه إضافة إلى المشكلات الإقليمية، ساهمت مشكلات المجتمعات الغربية بقدر كبير في تنمية المنظمة الإرهابية، في إشارة إلى تنظيم الدولة.