ربطت دراسة حديثة في
اليمن بين استمرار المضاربات على الدولار، وبين وجود ما أسمته "لوبي" فساد بقطاع
النفط ويشكل اقتصادا موازيا.
وانتعشت السوق السوداء للعملة خلال الثلاثة أشهر الأولى من العام الحالي، إذ وصل سعر صرف الدولار إلى 270 ريالا؛ وبلغ متوسط ارتفاع العملات الأجنبية 21 في المائة أمام العملة اليمنية مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وبلغت خسائر القطاع الخاص في اليمن جراء الحرب نحو 39 مليار دولار.
وقدر مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي اليمني، في دراسة حديثة نشرتها صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، عدد اليمنيين الذين هم في حاجة إلى مساعدات إنسانية بنحو 21 مليونا من إجمالي 26 مليون يمني.
وقالت الدراسة إنه في حين تحسنت آلية دخول السلع الغذائية وغيرها من الخارج خلال الثلاثة أشهر الماضية مقارنة بالعام الماضي، فإن بعض المدن التي تشهد صراعات مسلحة لا تزال تواجه صعوبة في وصول المواد الغذائية الأساسية وما زالت بعيدة عن متناول المنظمات الإغاثية والإنسانية الدولية كمحافظة تعز جنوب اليمن.
ارتفاع السلع
وتطرقت الدراسة إلى أسعار السلع الأساسية التي أوضحت أنها ارتفعت في ست محافظات: (صنعاء وتعز وعدن وحضرموت والحديدة ومأرب) بمتوسط نسبته 24.8 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وكشفت عن ارتفاع في أسعار المواد الأساسية (دقيق، أرز، سكر، زيت، حليب) خلال الربع الأول من العام الحالي، وقد حلت محافظة تعز في المرتبة الأولى في نسبة ارتفاع الأسعار بمتوسط ارتفاع بلغ 45.2 في المائة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، تلتها محافظة الحديدة بمتوسط ارتفاع بلغ 27.9 في المائة، ثم محافظة عدن بمتوسط بلغ 20 في المائة، ومحافظة حضرموت بمتوسط ارتفاع بلغ 19.8 في المائة، تلتها محافظة مأرب بمتوسط ارتفاع بلغ 18.2 في المائة، وحلت صنعاء في المرتبة الأخيرة بمتوسط ارتفاع بلغ 17.6 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
انخفاض العملة المحلية
وتراجعت العملة المحلية اليمنية مقابل سلة من العملات الأجنبية بصورة ملحوظة خلال الربع الأول من العام الحالي حتى بلغ متوسط ارتفاع العملات الأجنبية 21 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وأشارت الدراسة إلى قرار البنك المركزي في آذار/مارس الماضي عقب اجتماع مشترك حضره ممثلو البنوك ومحلات الصرافة باعتماد سعر صرف يقترب من سعر السوق السوداء، وتم تخفيض سعر العملة المحلية إلى 250 ريالا مقابل الدولار الواحد مقارنة بـ215 ريالا للدولار، وتخفيض سعر الريال إلى 65 ريالا سعوديا مقارنة بـ57 ريالا في السابق.
ووجه البنك المركزي البنوك اليمنية وشركات الصرافة بصرف الحوالات الخارجية بالعملات التي أرسلت بها بعد أن كان قد أجبر البنوك وشركات الصرافة خلال الأشهر السابقة على استلام حوالاتهم بالعملة اليمنية.
مجرد مسكنات
وقالت الدراسة إن تلك القرارات أشبه بحقنة مسكنة، لذلك لم يكن لها تأثير كبير في السوق المصرفية والتعاملات النقدية، إذ لا تزال مشكلة السيولة من النقد الأجنبي قائمة في ظل عدم تدخل المركزي لضخ كميات تكفي حاجة السوق، كما أن البنوك تمتنع عن صرف احتياجات المودعين من العملات النقدية لا سيما الأجنبية.
وتمتنع البنوك عن استقبال الودائع بالدولار أو العملات الأجنبية الأخرى، وتفرض رسوما تتراوح ما بين واحد إلى اثنين في المائة على المبالغ المودعة. إضافة إلى القيود الكبيرة التي تكتنف عمليات التحويل إلى الخارج لتمويل الاستيراد.
وأكدت الدراسة استمرار المضاربات على الدولار في السوق السوداء التي تشهد نشاًطا ملحوظا لا سيما بعد قرار إتاحة المجال للقطاع الخاص لاستيراد المشتقات النفطية بطريقة غير مدروسة وغير منضبطة في تموز/يوليو 2015، وبدلاً من أن يتم ترشيد الحصول على العملة الأجنبية وفًقا للاحتياجات الأساسية فإن معظم المضاربات تتم لشراء المشتقات من قبل لوبي فساد أصبح يشكل اقتصادا موازيا للاقتصاد الرسمي نظًرا للمكاسب الكبيرة التي يجنيها جراء انخفاض أسعار النفط عالميا، إذ يكلف سعر البرميل ما يقارب 35 دولارا للبرميل ويتم بيعه بمبلغ 160 دولارا، أي بزيادة تجاوزت أكثر من 450 في المائة.
ارتفاع أسعار المشتقات النفطية
وأظهرت الدراسة ارتفاع أسعار المشتقات النفطية خلال الربع الأول من العام الحالي، لتحل تعز بالمرتبة الأولى بمتوسط ارتفاع بلغ 191 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، تلتها محافظة الحديدة بمتوسط ارتفاع بلغ 73 في المائة، ثم محافظة عدن بمتوسط بلغ 70 في المائة، وصنعاء بمتوسط ارتفاع بلغ 57 في المائة، ومحافظة مأرب بمتوسط ارتفاع بلغ 47 في المائة، وحلت محافظة حضرموت بالمرتبة الأخيرة بمتوسط ارتفاع بلغ 45 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وكشفت الدراسة عن إغلاق شركة من بين كل أربع شركات في اليمن جراء المعارك الدائرة، موضحا أن ثلاثة موانئ يمنية فقط من أصل ثمانية ما زالت تعمل، مع تسريح 70 في المائة من العمالة. وفي أحدث تقرير للغرفة التجارية والصناعية بأمانة العاصمة، قدرت خسائر القطاع الخاص منذ بدء الحرب بنحو 39 مليار دولار.