تلوح في الأفق بوادر أزمة حادة بالوسط الصحفي
المصري، وفي القلب منه نقابة الصحفيين، من جهة، وجريدة "
الأهرام" (كبرى الصحف المصرية) من جهة أخرى، على خلفية عدم التزام الأخيرة بقرارات الجمعية العمومية للنقابة، الأربعاء، فيما يتعلق بمطالبها سواء باعتذار رئيس الانقلاب عبدالفتاح
السيسي، أو إقالة وزير الداخلية، أو غيرها من المطالب، حلا لأزمة
اقتحام قوات الشرطة لمقر النقابة.
"الأهرام" تضرب عرض الحائط بالقرارات
وضربت "الأهرام" عرض الحائط بقرارات الجمعية العمومية في عددها الصادر الخميس، ووصفت الجمعية بأنها فشلت، وتحولت لاجتماع، وقالت إن أغلبية رؤساء تحرير الصحف رفضوا قرارات الاحتجاب.
وفي خبر بالصفحة الأولى قالت الجريدة: "فشل الجمعية العمومية للصحفيين وتحويلها لاجتماع.. أغلبية رؤساء الصحف يرفضون الاحتجاب".
وقالت الجريدة - التي انفردت بذكر فشل الجمعية - إن من حضر من الصحفيين لا يتجاوز ألف صحفي من 8 آلاف مقيدين في النقابة، وإن الصحفيين رددوا هتافات مسيئة للنقابة وللصحفيين.
وفي تقرير موسع بصفحتها الثالثة بعنوان "شرخ في جدار الجماعة الصحفية"، قالت الجريدة إن أغلب رؤساء التحرير لم يحضروا، وإن أغلب من حضر رفض تسويد الصحف، مما يدل على انقسام بين الصحفيين على ما حدث منذ يومين.
رئيس تحرير "الأهرام" يدعي التسييس
وشن رئيس تحرير الصحيفة، محمد عبد الهادي علام، هجوما لاذعا على مجلس إدارة النقابة، وكتب مقالا بالصفحة الأولى بعنوان "ضد تسييس نقابة الصحفيين"، قال فيه إن مجلس النقابة دعا إلى اجتماع عاجل تم توظيفه سياسيا في قضية لم تكن تحتمل كل تلك المزايدات، منتقدا ما اعتبره "استعراض العضلات السياسية لقلة في مجلس النقابة".
وزعم "علام" أن أغلبية ساحقة من المصريين تنظر إلى الأمر باعتباره عبثا ومراهقة سياسية تخصم من رصيد مهنة مثقلة بخطايا يقترفها بعض المنتسبين إليها، قائلا إن "الأهرام" لا تريد أن تنجرف النقابة أكثر في طريق لعبة سياسية خطرة تخرج أعضاءها من دائرة النقل الأمين للأخبار والمعلومات إلى انحيازات ليست في مصلحة الوطن.
وكيل النقابة ينتقد "الأهرام"
وهاجم وكيل نقابة الصحفيين، كارم محمود، "الأهرام"، بسبب هذا الموقف، وقال إن مانشيت جريدة "الأهرام" الصادر الخميس هو إهانة لتاريخ مؤسسة "الأهرام" العريقة قبل أن تكون إهانة للنقابة التي ينتمي إلى عضويتها.
"المصري اليوم": "الأهرام" تشق الصف الصحفي
واتهمت صحيفة "المصري اليوم" "الأهرام" بأنها تشق الصف الصحفي، مشيرة إلى التزام أغلب الصحف المصرية في عدد الخميس بقرارات الجمعية العمومية.
وأكدت أن "المصري اليوم" تعلن التزامها بقرارات عمومية الصحفيين، مستدلة بنشرها صورة وزير الداخلية "نيغاتيف".
غضبة صحفيي "الأهرام"
وكان لافتا أن الغضب من موقف "الأهرام" من الأزمة لم يقف عند الوسط الصحفي خارج الأهرام، وإنما امتد إلى داخل "الأهرام" وبين عدد من صحفييها أنفسهم.
وأبدى بعضهم دهشته من أن موقف "الأهرام" كان قويا للغاية في بداية الأزمة بين نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية، إذ هاجمت في افتتاحيتها تحت عنوان: "اقتحام بيت الصحفيين" وزير الداخلية، ورفضت اقتحام النقابة بشكل قاطع، وأعلنت عن رفض ما فعلته وزارة الداخلية، وكيف أن بعض قادتها يصورون للقيادة السياسية أنهم بذلك يحمون أمن الدولة.
وتساءل رئيس قسم المعلومات بالجريدة، مراسلها العسكري السابق، عبد الجواد توفيق، باستنكار: "لا أدري من أين استقت الأهرام دليلها على أن الجمعية العمومية أو الاجتماع قد فشل؟".
ووصف "عبدالجواد" تقرير "الأهرام" بأنه جاء من كوكب آخر. وأضاف: "أسأل شيوخ الأهرام وشبابه: هل شاهدت في حياتك في جمعيات عمومية، أو في انتخابات، هذا العدد في النقابة؟".
وتساءل في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "لماذا يصر البعض على خلط الأوراق، والقول إنها وقفة ضد مؤسسات الدولة أو الرئيس أو الجيش؟".
وأردف: "من يفعل ذلك المفروض أن يكون مكانه بالأمس مع المواطنين الشرفاء الذين جيء بهم في أتوبيسات، وهم أناس لا علاقة لهم بشيء، ولا يعرفون ماذا تعني صحافة أو حتى قراءة وكتابة".
والأمر هكذا، شدد "عبدالجواد" على أن "الأهرام" ليست ملك يمين لوزير أو غفير، وأن "الأهرام" ملك وطن وأمة وشعب ودولة، وهي واحدة من أهم مؤسسات الوطن، وضميره، وبيت الشعب، متهكما: "أم أن الدولة والوطن هم الداخلية فقط؟".
ويذكر أن الجمعية العمومية الطارئة لنقابة الصحفيين أصدرت، الأربعاء، بيانا تضمن عددا من القرارات والمطالب كان على رأسها اعتذار السيسي، وعدم ذكر اسم وزير الداخلية في أي منشور صحفي، مع نشر صورته "نيغاتيف"، غير واضحة المعالم، والمطالبة بإقالته، باعتباره المسؤول الأول عن جريمة اقتحام النقابة.
كما قررت الجمعية العمومية دعوة جميع الصحف القومية والحزبية والخاصة والمواقع الإلكترونية، لنشر "لوغو موحد" تحت شعار "لا لحظر النشر.. لا لتقييد الصحافة"، وهو ما التزمت به غالبية الجرائد، باستثناء "الأهرام"، مع مجاراة الأخبار والجمهورية لها في ذلك على استحياء، وليس بشكل سافر.