نشرت "واشنطن بوست" تقريرا للكاتب وليام بوث، وصف فيه وصول مجموعة من مشاهير الكتاب بصحبة عسكري
إسرائيلي سابق، كان يحمل مدفعا رشاشا وتحول إلى ناشط حقوق إنسان، لزيارة قلب مدينة
الخليل التاريخية، ليروا بأنفسهم كيف يعيش 850 متطرفا يهوديا، بحماية 650 جنديا إسرائيليا بين 200 ألف
فلسطيني غاضبين.
وتقول الصحيفة إن الكتّاب لم يعجبهم ما رأوه، حيث لم يحب المستوطنون الكتاب، خاصة من حضروا، مشيرة إلى أن كاتب الرواية الأمريكي والفائز على جائزة "بولتزر" لروايته "ذي أميزنغ أدفنتشرز أف كافالير أند كلي" مايكل شيبون، قال إن
الاحتلال العسكري الإسرائيلي هو "أكبر ظلم رأيته في حياتي"، في الوقت الذي صرخ فيه المستوطنون على الكتّاب قائلين لهم: "كاذبون".
ويشير التقرير إلى أن الرحلة جاءت بمناسبة مشروع سيقوم فيه 25 كاتبا بزيارة إسرائيل والضفة الغربية وغزة خلال الصيف؛ لجمع مادة لمقالات ستنشرها دار "هاربركولنز" في شهر حزيران/ يونيو 2017، وبست لغات آخرى في الوقت ذاته، لافتا إلى أن نشر الكتاب سيصادف مناسبة مرور 50 عاما على الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، حيث إنه من المتوقع أن يترك صدى سياسيا.
ويقول بوث إن "القائمين على المشروع يأملون بأن يشجع على التفكير، ويولد الغضب والتغيير، حيث إنهم يرون أنه بعد خمسة عقود من الأخبار حول عمليات سلام متعثرة وقتل وانتقام، أصبح الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بحاجة إلى لمسة روائي يستطيع نقل الرواية بطرق أخرى".
ويضيف الكاتب أن المستوطنين الصهاينة لا ينتظرون صدور الكتاب، بل إنهم حكمو على فشله من الآن، مشيرا إلى موقف مستوطن لحيته بيضاء كان يقود سيارته القديمة في شارع الشهداء، وتوقف عندما رأى المجموعة، وضغط على بوق السيارة وبدأ بالصياح، والإشارة إلى يهودا شاؤول، وهو رجل ضخم القامة وكان شاويشا في الجيش، وهو مؤسس مجموعة ضد الاحتلال تسمي نفسها "كسر الصمت"، وقال: "لا تصدقوه، إنه خائن.. الجيش الإسرائيلي هو الأفضل في العالم، لا تصدقوه"، ثم لوح بيده، وقال: "شابات شلوم"، قبل أن يعود للسير بسيارته.
وتعلق الصحيفة بأن هذه المواجهة كانت واحدة من عدة لقاءات سريعة وسريالية، مستدركة بأنه مع أن هذه المشاهد كلها كانت في الخليل، التي قد تكون بدت جديدة للكتاب، إلا أنها مشاهد معادة، حيث إنه عادة ما يقوم المستوطنون بالسخرية من السياح الذين يحضرون برفقة ناشطين يساريين.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن أطفال المستوطنين المدربين جيدا تصرفوا بشكل روتيني بالطريقة ذاتها، وحاولوا إغلاق الطريق أمام شاؤول دون مسه، "حيث إن أي هجوم جسدي على إسرائيلي يهودي يمكن أن يؤدي إلى تدخل الجنود الإسرائليين"، ووصفوه بالسمين، ووضعوا أيديهم على عدسات الكاميرات، وشتموا ناشطي منظمة "كسر الصمت".
ويذكر بوث أن مشروع الكتاب هو من فكرة الروائي شيبون وزوجته آيليت وولدمان، ويساعدهما على تحقيقه الروائي الشهير ماريو فارغاس لوسا، لافتا إلى أن وفد الكتاب يضم جيرالدين بروكس وكولم تويبن وتشريل سترايد وآساف غافرون وراشيل كوشنر وتايي سيلاسي وديف إجرز "الذي سافر إلى غزة".
وتبين الصحيفة أن هذه الزيارات تعد مثيرة للجدل في إسرائيل؛ لأن المنظمة التي تقف خلفها هي منظمة "كسر الصمت"، وهي عبارة عن منظمة من جنود إسرائيليين سابقين يعارضون الاحتلال، ويشرحون عنه من خلال تجارب المجندين، مشيرة إلى أن المستوطنين، البالغ عددهم حوالي 600 ألف يهودي متطرف، يبغضون هذه المنظمة وتكتيكاتها، التي تتضمن شهادات مجهولين.
ويستدرك التقرير بأنه رغم ذلك، فإن المجموعة شاهدت سوق الخليل القديم وهو خال من أهله الفلسطينيين، حيث يمنع العرب من المشي فيه، والدكاكين مقفلة وأبوابها الحديدية مقفلة باللحام، أما سوق الخضار واللحوم فأصبح مجرد ذاكرة، مشيرا إلى أن عددا بسيطا من العائلات الفلسطينية بقي في المنطقة المجاورة مباشرة للمستوطنات اليهودية في الخليل، ويدخلون بيوتهم من أبواب خلفية ومن سطوح المنازل.
ويورد الكاتب أن شاؤول وقف على تقاطع فارغ، وقال لهم: "مرحبا بكم في مركز مدينة الخليل.. كان هذا أكثر مناطق المدينة حيوية"، وعرض عليهم صورة تبين المكان مليئا بمرتادي السوق، وقال: "وهو الآن مجرد مدينة أشباح".
وتنقل الصحيفة عن شيبون قوله إنه سعى هو وزوجته إلى ضم كتاب عالميين من الشباب والمخضرمين ليسوا يهودا ولا مسلمين ليرووا القصة، وأضاف أنهما "لم يسعيا للحصول على محافظين أو ليبراليين، لكن من العدل القول بأن المجموعة تميل نحو اليسار"، وقال شيبون: "لا يمكن أن تكون مجموعة بهذا التنوع من الكتاب لها أجندة".
وينوه التقرير إلى أن كل كاتب سيقوم ببحثه الخاص، الذي سيكون موضوع مقاله، مشيرا إلى أن بعض المواضيع المطروحة تتضمن: حياة رام الله الليلية، وكرة القدم الفلسطينية، والجدار العازل، والهيب هوب في الضفة الغربية، والسجناء الأطفال في السجون الإسرائيلية والمحاكم العسكرية.
ويورد بوث نقلا عن والدمان قولها: "سيكتبون ما يشاءون"، حيث ولدت والدمان في القدس، وهي ابنة أحد سكان الكبوتسات، وهاجرت وهي طفلة إلى كندا والولايات المتحدة، ولدى سؤالها إن كانت هذه الزيارات ستقدم وجهة نظر جانب واحد من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أجابت والدمان: "ليس هناك جانبان للاحتلال، هناك جانبان للصراع، لكن ليس هناك جانبان للاحتلال، بل هناك من يقوم بالاحتلال ومن يعيش تحت الاحتلال".
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى قول والدمان إنها ليست عمياء، وتضيف: "لا أنكر واقع الإرهاب، ولا الباصات التي تفجر في القدس، وأن هناك هجمات بالسكاكين، لكن هذا الكتاب صمم لإعطاء فكرة للعالم عن طبيعة الحياة تحت الاحتلال العسكري لمدة 50 عاما".