شن إعلاميون مقربون من دولة
الإمارات حملة إعلامية شرسة ضد رئيس
حركة النهضة الشيخ راشد
الغنوشي، على خلفية قرار الحركة الأخير بالتحول للعمل السياسي الحزبي، والابتعاد عن العمل الدعوي ضمن أطر الحزب، مع ترك هذه المهمة لمن يشاء من أعضاء الحزب ضمن الأطر التي يسمح بها القانون
التونسي، وعبر مؤسسات المجتمع المدني القانونية.
وخلال يومين كتب ثلاثة من الكتاب المحسوبين على الإمارات مقالات وتغريدات متزامنة تهاجم الشيخ راشد الغنوشي وتتهمه بالخداع، وتؤكد أن عليه إثبات توجه حركة النهضة الجديد بالأفعال لا الأقوال.
وكتب كل من رئيس تحرير موقع 24 الإماراتي علي بن تميم، ورئيس تحرير جريدة العرب اللندنية القريبة من الإمارات، ومدير قناة العربية تركي الدخيل المعروف بقربه من ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، بشكل متزامن وبلغة متقاربة ضد الشيخ الغنوشي وحركة النهضة.
وقال رئيس تحرير موقع 24 الإماراتي علي بن تميم في مجموعة تغريدات على "تويتر" إن "إعلان الغنوشي وحركته بالانفصال عن
الإسلام السياسي كان يمكن أن يكون خبرا مبهجا ومشرقا لو (لولا) ما خبرناه من ازدواجية الرجل ولعبه على حبال السياسة"، مضيفا إن "المؤكد أن المجتمع التونسي الرافض للإسلام السياسي أجبره على التنازل سواء كان حقيقيا أم مناورة".
وأضاف بن تميم إن "تغيير الغنوشي يشبه ما قام به سيد قطب الذي انتقل من الانحلال إلى الحاكمية والغنوشي انتقل من الحاكمية إلى الانحلال، والانحلال هنا تفسخ وتحلل"، معتبرا أن "التحول الحقيقي ليس ما قاله الغنوشي بل الوعي المستجد بأن الإسلام السياسي بات بضاعة خاسرة حتى بدأ كبار دعاته يقفزون من السفينة بحجة نجاتها".
وفي اتهام واضح للشيخ الغنوشي بالخداع، غرد بن تميم: "قال الغنوشي للإخوان: هذا افتراق بيني وبينكم، ولم يقل هذا فراق بيني وبينكم، وبين الفراق والافتراق فرق مثل الفرق بين البينونة الصغرى والكبرى"، مضيفا أن "الحذر كله من أن تكون مثل هذه الدعاوي الغنوشية مجرد مناورة للعودة إلى السياسة من باب الدعوة والعمل الخيري لأن ذلك سيكون عودا على بدء".
أما مدير قناة العربية تركي الدخيل، والذي يعتبره مراقبون مستشارا لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، فقد كتب مقالا في جريدة عكاظ السعودية وصف فيه تصريحات الغنوشي بأنها "تبين أزمة فكر الإخوان المسلمين، وتفتح مآزق تفكير الإسلام السياسي، تصدعات، وارتباك، وزلازل داخل حركات الإسلام السياسي".
وسخر الدخيل من إعلان النهضة التحول لحزب ديمقراطي، مشيرا إلى النقاشات التي شهدها المؤتمر العاشر للحركة حول آلية اختيار المكتب التنفيذي لها، والتي أفضت إلى تعيينه من قبل رئيس الحركة بناء على طلب الشيخ راشد، وهو ما وصفه الدخيل بالأمر العجيب، مضيفا بلغة ساخرة "أن الحزب الديموقراطي، كرّس الزعامة المطلقة للزعيم، بضغط من الزعيم الديموقراطي نفسه!".
وكما رفض بن تميم تصديق قرار النهضة بالتحول إلى حزب سياسي، فإن الدخيل هو الآخر ركز على أن تصريحات الغنوشي "لن تخرجه هو ولا النهضة خارج الإسلام السياسي الحركي كما يؤمّل البعض"، مشيرا إلى أن "الخلاف داخل الإخوان كبير، وهذا بعد أن انتهى زمن تحكّمهم المطلق بالمجتمعات الإسلامية بفضلٍ وعيٍ تنامى على كافة الصّعُد".
وبالتزامن مع ما نشره علي بن تميم وتركي الدخيل، كتب رئيس تحرير جريد العرب اللندنية المقربة من الإمارات عبد العزيز الخميس مقالا مطولا في موقع "السعودي" بعنوان "هزيمة الغنوشي"، قال فيه إن "الحزب التونسي استعمل الدين للوصول إلى مقعد الحكم، وقدم تجربة إدارة فاشلة جعلت الشباب التونسي يكفر بالإسلام السياسي".
وفي نفس إطار الحملة التي رأى مراقبون أنها مبرمجة، اتهم الخميس الشيخ راشد بالتلاعب، معبرا عن خشيته من أن "كل ما قاله الغنوشي ليس سوى لاعتبارات ذرائعية عرف بها الغنوشي ولم يحصد منها إلا إثبات الفشل والهزيمة"، على حد قوله.
وكما تحدث بن تميم والدخيل عن "الخداع"، عبر الخميس عن نفس الموقف، بطريقة تثير التساؤلات حول تزامن الحملة
الإعلامية وتقاربها في الطرح والمواقف، حيث قال الخميس: "كل ما يفعله الغنوشي هذه الأيام، هو إقناع الغرب بأن حزبه لا علاقة له بالإخوان، وأنه مشروع مدني، لكن المقبل من الأيام سيحمل العديد من التطورات، أولها أنه لا يمكنه خداع الناس، فالمرجعية الإخوانية واضحة في الطرح الحزبي، ومهما قدم من تبريرات فلن يحصد سوى أنه أعلن هزيمته ومعه كل التيارات الإسلامية السياسية، وما نكوص زعيمها الغنوشي إلا بيانا واضحا عن أن هذه التيارات لم ولن تنجح ما دامت تصبغ عملها بتسييس الدين واستغلاله ببشاعة"، حسب زعمه.