حذَّر السيناريست والكاتب الدرامي والمسرحي
المصري، محفوظ عبد الرحمن، من اندلاع
ثورة جديدة في مصر، جرّاء ما وصفه بـ"عودة فئران
الفساد".
جاء ذلك في حوار لعبد الرحمن مع صحيفة "فيتو" الورقية الصادرة هذا الأسبوع.
وأشار محفوظ إلى أنه في ظل الأوضاع الحالية يمكن أن تحدث "ثورة ثالثة" نتيجة الضغوط على الفقراء تحديدا، وفق تعبيره.
وأضاف: "إذا قرأنا المستقبل بخريطة الماضي، فسنجد أنه لا بد من أن يحدث تغيير لأن الأثرياء زادوا ثراء في الفترة الأخيرة، وزاد الفساد، وإذا حدث وارتفعت معدلاته بدرجة أكبر من ذلك فستحدث مذبحة".
وأردف أن الشعب مسؤول عن ذلك الفساد أيضا مع الدولة، ضاربا مثلا بأن "التعاملات كلها أصبحت تتم عن طريق الرشاوى، وهذا فساد، وعلى مستوى الحكومة والأجهزة التابعة لها فإنها تعاني أيضا من فساد كبير".
وأشار إلى أن "اللجان التي تعقد لمناقشة مشكلة معينة يحدث أن تطمع في الكعكة، وتأخذ الأموال لنفسها، وعلى مستوى الوزارات توجد فئران بمعنى الكلمة، تعمل في السر على إفساد المنظومة من أجل الأموال"، على حد قوله.
وعن المسؤول عن انتشار الفساد، قال: "كلنا مسؤولون عن الفساد، الحكومة والجهاز الإداري للدولة، والشعب أيضا يتحمل المسؤولية عن ذلك".
وأضاف أنه "من أسباب بقاء الفساد أنه موجود في العالم كله، ولكن بنسب تختلف من دولة لأخرى، ففي العالم الفساد حوادث فردية أما في مصر فهو حياة يومية"، وفق وصفه.
الكيمياء السياسية تقود للثورة
وعن كيفية الارتقاء بأوضاع الحريات في مصر، قال: "يجب أن يتعاون الجميع، وأنا ضد تحويل الرئيس إلى جهاز يمكنه أن يصلح كل شيء، فهو بشر في النهاية، والبلد يعاني مشكلات كثيرة، والتغيير يحتاج وقتا".
وأضاف أنه "توجد ملفات كثيرة تتطلب تغييرا، ويمكن أن يأتي وقت يثور فيه الشعب على الفساد بكل أشكاله لأنه يوجد ما يسمى الكيمياء السياسية، وتعني اتفاق المواطنين دون أن يتفقوا على هدف واحد فتحدث ثورة، كما حدث في ثورة 1919 دون تدخل من أحد".
وحول أهم الملفات التي تتطلب تغييرا واهتماما من قبل الدولة، قال: "التعليم يحتاج إلى تغيير، حيث يعاني من حالة من الفساد، وأمريكا سبب أساسي في ذلك، فقد دفعت أموالا كثيرة من أجل إفساد منظومة التعليم في مصر، والنظام ارتضى بذلك".
وتابع: "يعاني التعليم أيضا حاليا من مشكلات كثيرة، منها الدروس الخصوصية، وغياب دور المدارس، وضياع دور الكتب المدرسية، واللجوء للكتب الخارجية".
وأردف أن الدروس الخصوصية أصبحت الأساس، وأن المدارس تحولت إلى شيء مرفوض، قائلا إنه بالنظر لدول في آسيا - على سبيل المثال - نجد أن بعضها بدأ بالتعليم فقط، وارتقى بسبب ذلك خلال عدد محدد من السنوات.
وشدد على أن الدولة يجب أن تلتفت لذلك؛ لأن التعليم الخاطئ يسهم في زيادة معدلات البطالة، وانتشار الفوضى في المجتمع، وفق قوله.
أؤيده برغم تراجع حرية التعبير
وبالنسبة لتقويمه فترة حكم رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، من حيث حرية الفكر والإبداع، قال: "أؤيد النظام الحالي، ولكن الحقيقة تؤكد أن حرية الفكر والإبداع في تراجع، وأن المجتمع أصبح أيضا يعاني من عدم فهم معنى الديمقراطية وحرية الرأي، وأصبحت هناك حالة من عدم تقبل الرأي الآخر بل مهاجمته".
وشدد عبد الرحمن على أنه يجب على الشعب (المصري) أن يتدرب على الديمقراطية، قائلا: "الشعب مسؤول أيضا بشكل كبير عن تراجع حرية الفكر والإبداع في فترة حكم السيسي"، على حد قوله.
واستطرد: "الشعب هو الذي يصنع الديمقراطية والحرية، وهي مكسب يحصل عليه الإنسان بعنف وقوة، ولن يمنح النظام الشعب الديمقراطية وحرية الفكر والإبداع أيضا دون أن يطلبها، ويقاتل من أجلها، والأهم من الديمقراطية العدل"، وفق وصفه.
النية موجودة.. والعدل مفقود
وعن الخطوات المبذولة حاليا لتحقيق العدل، قال: "النية موجودة، ولكن يجب أن يحدث نضال من الشعب بفئاته المختلفة، وعلى رأسهم المثقفون من أجل تحقيق العدل، وأن يحدث نضال من السلطة الحاكمة حاليا من أجل تحقيق ذلك".
واستدرك: "لكن توجد مطالب غير منطقية فيما يتعلق بالعدل، ولا تتعلق بالديمقراطية، خاصة تلك التي تنادي بتحقيق العدل مع العناصر التي تحارب الدولة، وهو مطلب وضع الدولة في مأزق لأنها من المفترض أن تعامل الناس كلهم بشكل واحد، وفي الوقت نفسه لا يمكن أن "تدلع" الدولة المسجونين من عناصر تحاربها"، على حد تعبيره.
وبالنسبة للكُتاب في مصر، وهل حصلوا على حقوقهم، قال: "الكتاب في مصر والعالم العربي كله عبر التاريخ، وحتى الآن، عناصر مشوهة ومهمشة ومرفوضة ومكروهة من السلطة، والسلطة لا تثق في أي كاتب لأنه من الممكن أن ينقلب عليها في أي وقت"، على حد قوله.
و"محفوظ عبد الرحمن" كاتب وباحث ومؤلف مصري. كتب للمسرح والإذاعة والتلفزيون والسينما.
ومن أشهر ما كتب للسينما فيلم "حليم" عام 2005 من إخراج شريف عرفة، وفيلم "ناصر 56" عام 1996، وفيلم القادسية.
وللتلفزيون كتب مسلسلات أم كلثوم، وبوابة الحلواني، وسليمان الحلبي وعنترة، وليلة سقوط غرناطة. والمسلسلات الثلاثة الأخيرة من إخراج عباس أرناؤوط.