نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية مقالا لنائب رئيس البرلمان الأوروبي السابق، أليخو فيدال كوادراس؛ تحدث فيه عن تقرب الممثلة العليا لسياسة الأمن والشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، من رجال الدين الحاكمين في
إيران.
وقال الكاتب في مقاله الذي ترجمته "
عربي21"، إن الممثلة العليا لسياسة الأمن والشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، أعربت مرارا عن ارتياحها، على مدى الأسابيع الأخيرة، تجاه المناخ الجديد للعلاقات بين
أوروبا وجمهورية إيران الإسلامية الذي تم إنشاؤه بعد توقيع الاتفاق النووي.
وأضاف الكاتب، أنه حسب الرؤية السريالية والملائكية لنائبة رئيس الاتحاد الأوروبي، فإنه قد أصبح من الممكن الآن، إجراء حوار بنّاء مع النظام الإيراني. وقد يمهد هذا الحوار إلى فسح المجال للتعاون في مجالات أمن الطاقة، الطاقة المتجددة، وكذلك في مجال ترشيد استهلاك الطاقة. هذا فضلا عن التعاون في مجالات النقل، والخدمات المالية، والبنية التحتية، والاتصالات، والبحث العلمي، والتعليم والسياحة.
وذكر الكاتب أن هذه النظرة المتفائلة تعتبر أن آية الله
الخامنئي، سيكون له دور هام وبنّاء في دعم السلام في
سوريا وفي الحرب ضد تنظيم الدولة.
كما أشار الكاتب إلى أنه خلال زيارتها الأخيرة إلى إيران، رفقة سبعة مفوضين أوروبيين، بدت الممثلة السامية الأوروبية في جو من الارتياح التام والتآخي مع كبار قادة النظام الديني الخميني في إيران.
ويضيف الكاتب أن أولئك الذين سارعوا بالسفر إلى إيران في محاولة للظفر بعقود كبيرة والفوز بولاء رجال الدين الحاكمين كحلفاء استراتيجيين في الشرق الأوسط، والذين من بينهم فيديريكا موغيريني؛ قد أهملوا بعض الحقائق التي تجعل منهم أكثر حذرا في توقعاتهم.
وأشار الكاتب إلى أنه منذ توقيع الاتفاق النووي، تنامت ممارسات القمع الداخلي للنظام الإيراني، وبلغ أقصى درجاته. كما أنه خلال العام الماضي، ارتفع عدد الإعدامات في البلاد إلى ألف حالة، وهو أعلى مستوى في العالم باستثناء الصين؛ وذهب ضحية هذه الأحكام سياسيون، ونشطاء اجتماعيون، وأفراد من الأقليات العرقية أو الدينية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الأحكام التي تصدر في حق هؤلاء، لا تخضع إلى معيار قانوني، وأغلبها تحركها تهم من قبيل "العداء لله"، "نشر الفساد في الأرض" أو "التعاون الفعال" مع جماعات المعارضة مثل حزب الحياة الحرة لكردستان أو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. كما أن إيران تطلق هذه الأحكام على القُصّر، وحاليا، هناك حوالي 160 سجينا قاصرا، في انتظار تنفيذ حكم الإعدام ضدهم.
كما أورد الكاتب، أنه في إطار حملة القمع التي تشنها إيران، أسست الدولة الدينية مؤخرا هيئة جديدة لتشديد الرقابة على السكان، الأمر الذي تسبب في إهانة النساء وضاعف من الاعتداءات ضدهن.
ويذهب الكاتب أبعد من ذلك فيشير إلى أنه في نفس الأيام التي زارت فيها موغيريني إيران، تم إعدام 10 أشخاص، بينهم امرأتان. لكن، لا يبدو أن هذه الوقائع، ستغير موقف موغيريني المتفهم للوضع الإيراني.
وقال الكاتب إن النظام الإيراني يقدم دعما كبيرا لنظام الأسد؛ الطاغية الذي تسبب في مقتل حوالي 200 ألف سوري دون التخلي عن استخدام الأسلحة الكيميائية. كما تشارك المليشيات الشيعية التي تدعمها إيران، وحزب الله، والآلاف من قوات الحرس الثوري وأعضاء من السلك العسكري للجمهورية الإسلامية، في المجازر اليومية ضد السكان السنة في كل من سوريا والعراق؛ الأمر الذي ساهم في خلق مناخ مناسب لدعم نفوذ تنظيم الدولة.
ويضيف الكاتب أن النظام الإيراني يتكون من "معتدلين" و"محافظين"، في ظل تقاسم السلطة بين روحاني والمرشد الأعلى خامنئي لأنه كما هو الحال في أي نظام شمولي، تتصارع مختلف الفصائل حول السلطة، دون أن يؤثر ذلك على استراتيجياتها الخاصة؛ ولكنها في النهاية تتشارك جميعا في أهداف إمبريالية متطابقة.
ويجمع مختلف هذه الفصائل؛ توظيف الإرهاب كأداة سياسية، والتعصب الديني، وإرادة الهيمنة السياسية على الأمة الإسلامية والكره الرجعي تجاه الغرب. ولكن، إذا بدا على موغيريني وزملائها، بعض الانزعاج عند قراءة الدستور الإيراني، فإن موقفها قد اعتدل نسبيا، بعد بداية مرحلة جديدة تقوم على تعزيز العلاقات مع حكام بلاد فارس القديمة.
وذكر الكاتب أن الاعتقاد الطوعي بأن إيران ستتبنى مواقف منطقية، أو أنها ستبادر بالتعاون والإخلاص إلى الاتحاد الأوروبي، وأنها على استعداد لتنتقل تدريجيا نحو مجتمع أكثر انفتاحا؛ هو سراب خطير يمكن أن يؤدي إلى أخطاء فادحة.
وأشار إلى أنه إذا كانت العقوبات والضغوطات الدبلوماسية القوية قد أجبرت آية الله على الجلوس إلى طاولة المفاوضات النووية، خوفا من الانهيار الاقتصادي الذي يهدد بلاده واستمراريتهم في السلطة؛ فلا يبدو من الجيد الوثوق في بعض الأطراف التي لها تاريخ عريق في الكذب والعنف.
وفي الختام، قال الكاتب إن آثار الحرب الثانية في
العراق كانت كارثية؛ حيث أصبحت العراق وسوريا اليوم دولا فاشلةً، ولقي مئات الآلاف من الضحايا حتفهم، وأصبح ملايين الأشخاص لاجئين.
وكان كل ذلك، نتيجة لسوء فهم السيناريو الجغرافي الاستراتيجي، الذي كان سائدا قبل 23 سنة. فالهدف من قراءة التاريخ هو التعلم منه واستيعاب دروسه.