كتب مراسل صحيفة "نيويورك تايمز" في القاهرة ديكلان وولش، عن تقديم رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق المستشار هشام
جنينة، مشيرا إلى أن المسؤول وجد نفسه متهما أمام المحاكم.
ويقول الكاتب إن "قيصر مكافحة
الفساد في
مصر كان يظن أنه يقوم بعمله على ما يرام، عندما قدر الثمن الذي تدفعه بلاده، بسبب الكسب غير المشروع المستشري، بحوالي 76 مليار دولار، وقال إنه يتم من خلال صفقات الأراضي، لكن التقدير تبين أنه جريمة جنائية في حد ذاته".
ويشير التقرير إلى أن المسؤول السابق سيقف أمام المحكمة في القاهرة اليوم، بعد شهرين من قيام الرئيس عبد الفتاح
السيسي، بصفته رئيسا للجهاز المركزي للمحاسبات، بعزله بطريقة غير رسمية، حيث يواجه جنينة اتهامات بنشر أخبار كاذبة، والإخلال بالأمن العام، ما قد تترتب عليه عقوبة بالسجن لمدة سنة.
وتنقل الصحيفة عن جنينة، الذي خدم قاضيا لمدة 32 عاما، قبل أن يتسلم جهاز مكافحة الفساد في عام 2012، قوله إن
المحاكمة لها دوافع سياسية، ويقودها أعداء أقوياء داخل حكومة السيسي، وأضاف في مقابلة معه: "توقعوا ألا أتناول حالات معينة".
ويعلق وولش قائلا إن "نقاد الحكومة، بشكل عام، يرون أن حالة جنينة هي مثال عن الكيفية التي يتعرض فيها المسؤولون البارزون في ظل السيسي للقمع السلطوي، والهدف هو قمع أي نقد للدولة داخل الأجهزة القوية".
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الحكومة وجهت في الشهر الماضي اتهامات إلى رئيس نقابة الصحافيين القوية، وأصدرت أحكاما ضد 150 شخصا، تظاهروا ضد قرار السيسي تسليم جزيرتي صنافير وتيران للسلطات السعودية، مشيرا إلى أن المؤيدين للسيسي أجبروا على دعم الخط الرسمي للدولة، حيث أنه في أيار/ مايو، هدد رئيس البرلمان المصري بمعاقبة أي سياسي يقوم بنقد تراجع العملة المصرية.
وتنقل الصحيفة عن المحاضر في الجامعة الأمريكية في القاهرة أشرف الشريف، قوله: "هذه طريقة غير مسبوقة للتعامل مع الفساد وحكم القانون"، وأضاف أن "الرسالة هي أن لا أحد في الدولة، خاصة في الأجهزة الرئيسة، سيتعرض للمحاسبة".
ويذكر الكاتب أن ملاحقة المستشار جنينة بدأت في آذار/ مارس، بعد أيام من عزل السيسي له بقرار رئاسي، حيث إنه قرار فاجأ الكثيرين في مصر؛ لسرعته ولمكانة المتهم، مشيرا إلى أنه على خلاف الإسلاميين والصحافيين، الذين استهدفتهم المؤسسة، فإن جنينة يعد من الشخصيات التي عملت في المؤسسة الحاكمة وخدمتها طويلا.
ويورد التقرير نقلا عن محامي جنينة علي طه، قوله إنه تم تحريف كلام جنينة من الصحيفة، التي ذكرت أنه قال إن الدولة تكبدت 76 مليار دولار خسائر عام 2015 بسبب الفساد، بدلا من أن تقول إنه على مدار ثلاث سنين، حيث قام السيسي بتشكيل لجنة للتأكد من الرقم، التي وجدت أن جنينة بالغ في الرقم.
وتجنب جنينة مناقشة تفاصيل التقرير في مقابلة مع الصحيفة؛ لأنه نصح بعدم مناقشة القضية، لكنه يعتقد أن ملاحقته مرتبطة بإغضابه مصالح الأقوياء، وهم المسؤولون الذين أثروا في عهد حسني مبارك وقطاع من الأجهزة في عهد السيسي، حيث قال: "في كل منصب عملت فيه تعرضت لفحص أمني، ولو كنت خطيرا فلماذا لم يلاحقونني قبل 40 عاما؟".
وينوه وولش إلى حملة التشويه التي تعرض لها جنينة وعائلته على التلفزيونات المؤيدة للنظام، في محاولة للتقليل من شأنه، واتهامه بعضوية جماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى الإشارة إلى أن زوجته دعمت حركة حماس في غزة؛ لأنها من أصول فلسطينية.
ويورد التقرير نقلا عن جنينة، الذي كانت زوجته تجلس إلى جانبه، قوله: "لقد فقدت الثقة بالكثير من الأمور"، وتحدثت زوجته عن صدمتها لجر زوجها، ووضعه في عربة شرطة، ورميه في السجن.
وتفيد الصحيفة بأن السيسي جعل من محاربة الفساد إحدى أهم سياساته، منذ وصوله إلى السلطة عام 2013، إلا أن حكومته أصدرت قانون "المصالحة"، الذي برأت من خلاله ساحة عدد من رموز مبارك، من تهم الفساد، مقابل دفع مبالغ مالية كبيرة، حيث وافق رجل الأعمال حسين سالم، الذي يعيش في إسبانيا، على دفع مبلغ 600 مليون دولار، مقابل السماح له بالعودة إلى مصر.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن محللين يقولون إن تصريحات جنينة، حول قيمة الفساد المقدرة بـ 76 مليار دولار، ضربت على وتر حساس، خاصة أنها لمست مؤسسات قوية، حاول السيسي استرضاءها، وإن اتهمت بالفساد؛ من أجل تعزيز سلطته، وباسم تحقيق الاستقرار.