لا يزال الجدل قائما في
اليمن إزاء تهديد قياديين بارزين في جماعة
الحوثيين، بإتلاف
مكتبة فكرية تابعة لمفتي اليمن السابق، القاضي محمد بن إسماعيل العمراني؛ عقب رفضه لطلبهم وضعها تحت تصرف الجماعة التي تسيطر على
صنعاء منذ أكثر من عام.
مصدر مقرب من العمراني أفاد بأن رئيس المجلس السياسي لجماعة الحوثيين، صالح الصماد، والأمين العام لحزب الحق، حسن زيد، طلبوا من
القاضي العمراني، قبل أيام تفويضهم التصرف في وضع المكتبة، التي تضم أمهات الكتب الواقعة ضمن مركز دراسات يحمل اسم الرجل في صنعاء.
وأضاف المصدر، الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه، لـ"
عربي21"، إن العلامة العمراني، الذي يعد أحد الرموز الدينية في اليمن، رفض طلب الحوثيين، لكن ردهم كان قاسيا ولوّحوا بإتلاف المكتبة التي حولوها منذ أكثر من عام إلى مركز لتعاطي القات، حسب قوله.
ونفى المصدر المقرب من العلامة اليمني أن تضم المكتبة كتبا لها صلة "بداعش والوهابية" كما يزعم الحوثيون، بل تحتوي على كتب تتعلق بأصول الدين والتأريخ والأدب، وأخرى تتعلق بجميع المذاهب الفقيهة، منها المذهب الزيدي.
وأوضح المصدر ذاته أن القياديين الحوثيين ساوما "القاضي العمراني" خلال زيارتهم له، التي حملت عنوان "الاطمئنان على صحته"، بتهديد مبطن بـ"إتلاف محتوياتها" في حال رفض تفويضهم وضع المكتبة -التي تضم "نفائس الكتب"- تحت وصايتهم.
واشتهر العمراني البالغ من العمر 100 سنة، بعلمه الواسع في مختلف العلوم الدينية، وتحديدا الفقهية، ما حدا بالكثير من رفاقه بوصفه بـ"شوكاني العصر".
وعمل القاضي العمراني مفتيا لليمن، خلال فترات سابقة، إضافة إلى اشتغاله بالتدريس في عدد من المراكز الدينية، أبرزها "جامعة الإيمان"، التابعة للداعية الشهير، عبدالمجيد الزنداني، قبل اقتحام الحوثيين لها في أيلول/ سبتمبر من عام 2014.
ومنذ أخضع الحوثيون مكتبة الشيخ العمراني لسيطرتهم، قبل نحو عام، كونها ضمن المبنى الذي يضم مسجد الصحابي" بلال بن رباح" وسط صنعاء، أبقوها رهينة لديهم، وحولوها إلى مكان يتجمع فيه أنصارهم لـ"لمقيل"، فضلا عن منع الاستفادة منها، الذي يأتي في سياق محاربة الأفكار التي يرون أنها "مناوئة لهم"، حسب تعبير المصدر المقرب من العمراني.
وتشير المعلومات إلى أن الشيخ العمراني أول من درس المذهب الزيدي في الجامعات اليمنية، إضافة إلى قيامه بنشر بحث طويل باسم" زيدية اليمن"، قبل نحو ستين عاما، في مجلة المنار التي أسسها العلامة "رشيد رضا".
ووصف كثير ممن اطلع على البحث، الذي نشره العمراني عن المدرسة الزيدية في اليمن، بأنه "منصف" رغم أن كاتبه "عالم سني".
ورغم تأكيد المصدر القريب جدا من العمراني مساومة الحوثيين له بلغة تحمل صيغة التهديد، نفى أمين عام حزب الحق، حسن زيد، في تعليق على حسابه بموقع "فيسبوك" تهديده للقاضي محمد العمراني، خلال زيارته له مع رئيس مجلس سياسي الحوثي، بإغلاق مكتبته ومصادرتها.