حرَّض الإعلامي والكاتب الصحفي إبراهيم عيسى المسيحيين في
مصر على السلفيين، في سابقة خطيرة وجه فيها اتهامات بالجملة إلى السلفيين، بينما طالب الأعضاء المسيحيين في "مجلس نواب ما بعد الانقلاب"، بأن يفعلوا شيئا لأجل مسيحييهم، مبديا أسفه من وصول هؤلاء النواب للمجلس عبر "الكوتة" التمييزية.
جاء ذلك في مقاله، الاثنين، بعنوان: "النواب
الأقباط يخذلون
الدستور والأقباط"، بجريدة "المقال"، التي يرأس تحريرها.
وفي البداية قارن عيسى بين أضخم ميزانية مجلس نواب في تاريخ مصر مع أضأل أحلام مصر في مجلس النواب الحالي، قائلا إن الأغلبية الهائلة من الشعب المصري لم تعد تنظر إلى البرلمان كممثل لإرادة الأمة بقدر ما هو ممتثل لإرادة السلطة التنفيذية.
واستدرك: "الأكثر خذلانا لما انتخبوا من أجله هم النواب الأقباط، سواء من قرر الدستور تمثيلهم في القائمة الانتخابية أو الأقباط الذين كسبوا في المقاعد الفردية أو النواب الذين قدموا أنفسهم (وهم مسلمون) باعتبارهم حماة القبط وحقوقهم ودعاة الإنصاف لهم، فتدافعت الكنائس لتأييدهم لدى شعبها".
ومحرضا أردف عيسى أن "كل هؤلاء خذلوا الوطن والدستور والأقباط طبعا، وقطعا بذلك الصمت المريب والسكوت المتواطئ والرضوخ للتعمية والتغمية عن جرائم السلفيين وجماهيرهم ضد المسيحيين في مصر، وليس إلا أشهرها كمواطنين".
واتهم عيسى السلفيين بأنهم تحت رعاية الدولة وصمت الشرطة وتواطؤ الأجهزة المحلية يمنعون الأقباط في أماكن معينة من الريف المصري من ترميم كنيسة أو الصلاة في بيت أحدهم، ويهاجمون بيوت الأقباط، ويحرقونها ويطردون سكانها.
واستنكر عيسى في المقابل "أننا لا نسمع رفضا ولا غضبا من هؤلاء النواب الذين جاء بهم الدستور للتمييز الإيجابي للأقباط، بحيث يكون لهم كسائر المواطنين من يدافع عن حقوقهم من بينهم ومن قلب مشكلاتهم ومن يشعر بوجعهم ومن يطالب بتطبيق الدستور وقواعد المواطنة على الجميع مسلمين وأقباطا"، حسبما قال.
واتهم عيسى النواب المسيحيين بأنهم "يضربون بالمغزى الدستوري لوجودهم عرض الحائط، ويتصرف النائب القبطي كنائب أقلية، وليس كنائب للشعب ويتحول إلى الدور نفسه الذي يلعبه القس في كنيسته حيث التوسط والتطبيب والجلسات العرفية وإقناع الأقباط بألا يثيروا غضب الأجهزة الأمنية، وأن السيد مدير الأمن لو قلب علينا هتبقى مشكلة، وأن السادة ضباط الأمن الوطني قالوا: مفيش داعي نوسع الموضوع، ونتصالح أحسن ما الإخوان والسلفيون يسخنوا البلد علينا، وفي الآخر إحنا اللي نتبهدل! ويرتعش بعضهم حين يبتزه أحدهم بأن الدفاع عن الأقباط سيؤدي إلى فتنة طائفية، أو أن مطالبه بتطبيق الدستور مطالب طائفية"، وفق قوله.
وتساءل الكاتب محرضا: "أين هم هؤلاء النواب الذين مكنهم الدستور من أن يدخلوا القائمة بصفتهم أقباطا أو أن ينتخبهم جموع المصريين مسلمين ومسيحيين ليكونوا صوتا قبطيا مدافعا عن الوطن والدستور والمواطنة؟ أين هم فعلا؟".
وأجاب بسخرية: "موجودون طبعا، لكن تحت مظلة الأمن، وتحت خيمة البرلمان.. لا حس ولا خبر ولا استجواب ولا طلب إحاطة ولا غضب للدستور، ولا نفرة من أجل حقوق مواطنين".
والأمر هكذا اختتم إبراهيم عسى مقاله قائلا: "إن الوقت الذي بدلناه دفاعا عن حق الأقباط (والمرأة والشباب) في التمييز الإيجابي في البرلمان، ووجود ممثليهم في مجلس النواب راح هدرا، وذهب بددا مع أداء مثير للشفقة من هؤلاء الذين يسكتون عن إهدار حقوق المواطن القبطي مقابل ثلاثين من فضة النفوذ، وذهب الحصانة"، على حد تعبيره.
ويأتي مقال الكاتب تعليقا على حادثة وقعت بمنطقة العامرية التابعة لمحافظة الإسكندرية بين مسلمين ومسيحيين اختلفوا على تحويل مبنى إلى كنيسة، كما يأتي في أعقاب حادثة المنيا التي مارس فيها مسيحي الفاحشة مع مسلمة، فاشتبكوا مع والدته، بعد أن فر هاربا من منزله، وقيل إنهم جردوها من بعض ملابسها.
وقال مراقبون إن تلك الحوادث، وغيرها، حوادث فردية، وتعالج في إطار المواطنة، والحقوق الجنائية، وليس بالتحزب الطائفي الذي يدعو إليه عيسى، والذي يمكن أن يقود المصريين إلى الاحتراب الطائفي.