بعد ثلاث سنوات من انقلاب الجيش على الرئيس
المصري محمد
مرسي، والوعود الكبيرة التي قدمها زعيمه عبد الفتاح
السيسي؛ يتسع نطاق خيبة الأمل في تحقيق تحول ديمقراطي في مصر مع تزايد وطأة القيود على الحريات.
وخلال السنوات الماضية، شهدت مصر حملة قمع دامية ضد جماعة الإخوان المسلمين، امتدت بعد ذلك لتشمل الناشطين الشباب الذين أطلقوا الثورة على حسني مبارك في 2011، والذين يقبعون الآن في السجون.
وتصاعدت المخاوف خلال الأشهر الأخيرة من فرض مزيد من القيود على الحريات العامة وحرية التعبير، خصوصا عقب إحالة نقيب الصحافيين يحي قلاش واثنين من أعضاء مجلس النقابة إلى المحاكمة بتهمة التستر على مطلوبين للعدالة، في سابقة منذ تأسيس النقابة قبل 75 عاما.
وجاءت هذه المحاكمة على خلفية اعتصام اثنين من الصحافيين الشباب بمقر نقابتهما عقب صدور قرار بتوقيفهما لمشاركتهما في نيسان/ أبريل الماضي، في تظاهرات مناهضة لاتفاقية تمنح السعودية السيادة على جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر، عند المدخل الجنوبي لخليج العقبة.
"تم توظيفنا"
وقال الناشط الحقوقي جمال عيد الذي شارك في الثورة على مبارك، وفي التظاهرات المناهضة لمرسي: "عندما أتذكر 30 يونيو 2013، أشعر أنه تم خداعنا وتم توظيفنا من جناح في الدولة ليس للإطاحة بالإخوان وبدء تأسيس نظام ديموقراطي، وإنما لصالح استيلاء الجيش وهو جزء من نظام مبارك على السلطة".
ويتابع رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، الملاحق هو نفسه قضائيا بتهمة تلقي تمويل أجنبي بشكل غير قانوني، بأنه "تم استغلال الكراهية الشعبية للإخوان من أجل الاستيلاء على السلطة. فعندما نزلنا إلى الشارع، كنا نشعر أن الإخوان خانوا الثورة ولم يعد يعنيهم تحقيق أهدافها في الديموقراطية والعدالة الاجتماعية، وكنا نريد انتخابات رئاسية مبكرة يتاح لمرسي نفسه خوضها من جديد".
ويؤكد أن "اليوم ومن دون مبالغة، وضع حقوق الإنسان هو الأسوأ في تاريخ مصر الحديث"، مضيفا أنه "وفقا لتقديرات المنظمات الحقوقية، فإنه يبلغ عدد السجناء السياسيين قرابة الـ60 ألفا" غالبيتهم من الإسلاميين.
وأطلق عبد الفتاح السيسي الذي كان قائدا للجيش في عهد مرسي، اسم "ثورة 30 يونيو" على التظاهرات واتكأ عليها كمصدر لشرعية قراره بالانقلاب على الرئيس محمد مرسي الرئيس الإسلامي واعتقاله بعدها بثلاثة أيام، ثم تولى فعليا زمام الأمور في البلاد إلى أن تم انتخابه رئيسا بانتخابات شكلية في أيار/ مايو 2014.
ولكن شعبية الرئيس المصري الذي كان يدعي أنه "المنقذ"، تقلصت، بحسب المحلل السياسي مصطفى كامل السيد.
وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في القاهرة: "هناك ضيق من السياسات الاقتصادية لدى غالبية المواطنين"، في إشارة إلى الغلاء المضطرد الذي أدى إلى ارتفاع معدل التضخم الشهري بنسبة 3.15% خلال شهر أيار/ مايو الماضي مقارنة بـ1.24% في الشهر السابق، ليصل المعدل السنوي في أيار/ مايو 2016 إلى 12.23% مقابل معدل سنوي نسبته 9.51% في الشهر السابق، وفق بيانات البنك المركزي المصري.
ويتابع السيد، بأن "هناك ضيقا من تعاظم دور القوات المسلحة في الاقتصاد لدى رجال الأعمال وضيق من التضييق على الحريات خصوصا بعد أزمة نقابة الصحافيين وضيق من التنازلات للسعودية وهي كلها مؤشرات على انخفاض شعبية السيسي".
في المقابل، يرى أنصار السيسي على العكس، أن مصر تتحرك إلى الأمام في الاتجاه الصحيح.
ويؤكد محمود بدر، مؤسس حركة "تمرد" التي أطلقت الدعوة لتظاهرات 30 حزيران/ يونيو، أن أهدافها تمثلت في "تحقيق الاستقلال الوطني والخروج من التبعية الأمريكية وتحسين الأحوال الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين. وأعتقد أننا نسير بخطى ثابتة نحو تحقيقها وأننا على الطريق الصحيح".
وأضاف بدر الذي انتخب في نهاية العام الماضي عضوا في البرلمان ضمن قائمة "في حب مصر" المؤيدة للسيسي، أن التظاهرات كانت ضد الإخوان المسلمين "لأنهم جزء من المشروع الأمريكي لمحاولة الهيمنة على المنطقة واحتواء ثورات الربيع العربي".