ربما لا يبادل الأردنيون شرطة المرور الود بقدر ما بادلوه خلال الأيام الماضية لأشهر رقيب مرور عرفه الأردن، خلال السنوات الماضية، بعد وفاته بوعكة صحية مفاجئة.
وأظهر الأردنيون حزنهم على مواقع التواصل الاجتماعي لوفاة
شرطي المرور هزاع الذنيبات، صاحب الحركات البهلوانية والابتسامة الصباحية خلال توجه الموظفين إلى أعمالهم كل صباح في العاصمة الأردنية عمان.
ويعرف السائقون الأردنيون وتحديدا في عمان أن الأزمة الخانقة التي تواجههم في منطقتي دوار الداخلية ومنطقة العبدلي (وسط عمان) لا يخفف من وطأتها سوى "هزاع"، الذي يؤدي التحية العسكرية لأغلب السائقين خلال محاولته فكفكة عقدة الأزمة الخانقة في وسط العاصمة.
وبدأ "هزاع" المولود عام 1942 الخدمة في سلك المرور الأردني عام 1966 واستمر حتى عام 1984 لينتقل بعدها إلى دولة خليجية ويعمل فيها بعد تقاعده في وظيفة مرورية، لكنه كما يقول في مقابلة مع قناة أردنية: لم يكن مرتاحا في العمل بالخارج وفضل العودة إلى الأردن، ليقوم أحد مدراء الأمن العام السابقين عام 2007 بالتنسيب به لإعادته للخدمة، مع استمرار راتبه التقاعدي نظرا لتميزه في عمله وخبرته الطويلة في التعامل مع أزمات الطرق.
الانتقال من مسار إلى مسار آخر في الطريق قفزا كطائر رشيق، والاستدارة حول نفسه خلال توجيه المركبات للتنقل بين المسارات، وإلقاء التحية العسكرية لكل سائق يلوح له بيده مصبحا عليه، تلك هي أبرز السمات التي حببت الأردنيين في شخص هزاع، وأسلوب عمله في شوارع عمان المزدحمة.
ومن القصص الشهيرة عن "هزاع" أنه أوقف في أحد الأيام موكب الملك الراحل حسين بن طلال خلال مروره بأحد شوارع عمان، وقام بفتح الطريق لسيارة إسعاف تقل أحد المرضى، الأمر الذي لاقى استحسان الملك وقام بتكريمه على فعله.
كما يعرف عن "هزاع" أنه لم يقم بتحرير مخالفات طيلة سنوات خدمته الطويله وبعد عودته من التقاعد إلا مرة واحدة، مبررا ذلك بأن شرطي المرور لا يمكنه "صنع أخلاق للسائق إن لم يكن الأخير اكتسبها"، كما أشار إلى أن بعض المخالفات لا تعد جرائم يستحق عليها السائق المخالفة الورقية، بل يجب أن يكتفي الشرطي بتوجيه النصيحة ويتركه يغادر بهدوء.
ومن العبارات التي كان هزاع يرددها للعديد من الأردنيين كل صباح: ""أنا شغلي إنك توصل شغلك يا ريت تحب شغلك مثل ما أحب شغلي".
أحد المعلقين الأردنيين باسم محمد صقر على موقع فيسبوك، قال تعليقا على خبر
وفاة الشرطي هزاع: "من العادة والعرف أن يتجنب صاحب واسطة النقل أماكن الازدحام وتقاطعات الطرق، ولكننا كنا نعمد إلى السير باتجاه جسر النشا بالمحطه لكي نستمتع بحركات المرحوم هزاع، وكيفية إتقان عمله بتنظيم السير بطريقة محببة، تجعل المواطن ينتهج بجهود كل من يخدم وظيفته ووطنه بإخلاص".
أما المعلق عبدالوهات الشطي فقال: "على فكرة، هزاع الذنيبات خدم رقيب سير لما يقارب الأربعين سنة، وما حرر إلا مخالفتين فقط لا غير .. يعني هذا الرجل -الله يرحمه- كان هدفه ورسالته خدمة وطنه وشعبه والحفاظ على أرواح الناس بالحسنى.. ما كانش همه الجباية وقمع الناس ومص دمهم".
ولفت أحد المعلقين إلى أنه كان يتعمد المرور في الشارع الذي يقف فيه "هزاع" وقال: "شاهدته بعيني أكثر من مرة، وكنت أتعمد الوقوف على المفرق فترة طويلة لأستمتع بحركاته الجميلة.. رحمة الله عليه".
وقال المعلق عمار العجارمة على فيسبوك: "العرق الذي يتساقط من جبينك أطهر وأزكى من أصحاب المعالي، رجل مخلص مخلص، الله يرحمك هزاع الذنيبات..وداعا هزاع".
يشار إلى أن الشرطي هزاع تعرض لوعكة صحية قبل أيام، أدخل على إثرها للمستشفى ومكث عدة أيام قبل أن يفارق الحياة عن عمر ناهز 74 عاما.