حرصت روسيا منذ أن دخلت الحرب في
سوريا إلى جانب حليفها بشار الأسد؛ على استهداف البنى التحتية، وفي مقدمتها
المشافي، إذ استهدف الطيران الروسي أكثر من 20 مشفى في مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة، بناء على إحصائيات لمديريات الصحة الحرة في سوريا،
وقد أدى هذا الاستهداف لتسوية قسم من هذه المشافي بالأرض، وقسم دُمر بشكل جزئي، فيما القسم الآخر أصبح خارج الخدمة.
وقصف المشافي في ريف إدلب خلف هاجس الخوف من لجوء الناس إلى المشافي لمعالجة مرضاهم، م إلا في حالات الضرورة القصوى، وخاصة بالنسبة للمرضى العاديين.
ويقول أبو محمد، ابن مدينة: "لم نعد نجرؤ على الدخول إلى المشافي الميدانية ولا حتى النقاط الطبية، التي باتت مستهدفة من قبل سلاح الجو الروسي وطائرات النظام في أي لحظة، على مرأى ومسمع المجتمع الدولي، الأمر الذي دفعنا للذهاب إلى عيادات
الأعشاب الطبية التي غالبا ماتتألف من غرفة واحدة، فيها طبيب أعشاب واحد، لا يتم استهدافها من قبل الطائرات".
ويردف أبو محمد في حديثه لـ"عربي2": "أصبح ارتياد طب الأعشاب معتادا لدى نسبة لا بأس فيها من أهالي إدلب، إذ لا يحتاج طب الأعشاب للمكوث داخل العيادة، وإنما يعتمد
العلاج على استخدامه في المنزل، وهذا أكثر أمنا من النوم في المشافي ومراجعتها، وبعيدا عن الازدحام الذي يتسبب بتجمعات يستهدفها الطيران.
وينهي حديث قائلا: "حتى العلاج والدخول إلى المشافي حرمنا منها الطيران الروسي والسوري".
أما "الحكيم الحوراني"، وهو من أهالي بلدة كفروما بريف إدلب، ولديه عيادة لطب الأعشاب منذ فترة طويلة، وملك خبرة في استخدام الأعشاب الطبية للعلاج، فقد تحدث لـ"عربي21" عن عمله قائلا: "بدأت العمل في هذا المجال منذ فترة طويلة بخبرة ضعيفة، وأتقنتها بشكل جيد، إذ بدأ عملي بوصف العلاج للمرضى، ثم انتقلت إلى صنع الخلطات وتجهيزها لهم".
واوضح الحوراني أنه "كان عدد المرضى الذين يرتادون العيادة قبل دخول سلاح الجو الروسي قليلا، قياسا بالعدد الذي ازداد بشكل كبير منذ أن قامت روسيا باستهداف المشافي الميدانية والنقاط الطبية بالصواريخ الفراغية والقنابل العنقودية".
وعن الحالات التي يعالجها الحوراني، قال لـ"عربي21: "هم مرضى وليسوا جرحى من القصف، وأغلب الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة وبحاجة إلى النوم في المشافي يأتون إليّ للإشرف على علاجهم، فأقدّم لهم الخلطات التي أصنعها بيدي، مقابل سعر الأعشاب والمواد التي أجلبها لصنع الدواء".
ويشير إلى أن مرضاه "يصطحبون الخلطات معهم إلى منازلهم ويطبقوا إرشاداتي لهم، دون الحاجة للبقاء في العيادة وخلق ازدحام وتجمعات قد يستهدفها الطيران، كما أنني أحيانا أرافق المريض إلى منزله لأساعده في تطبيق الوصفة الطبية".
الجدير بالذكر بأن عيادات طب الأعشاب أصبحت منتشرة بشكل متزايد في الريف الإدلبي، إذ أن الحرب الدائرة في سوريا دفعت المدنيين للعودة إلى كل ما كان يستخدم خلال عقود مضت، بما في ذلك العلاج عند العطارين.