كتاب عربي 21

عن استئناف مشاورات اليمنيين العدمية

1300x600
من المقرر أن تستأنف أطراف المشاورات اليمنية أعمالها في الكويت الجمعة 15 تموز/ يوليو الجاري بحسب تأكيدات المبعوث الأممي ولد الشيخ، وما ليس مؤكداً هو أن يتوصل الطرفان إلى حل سياسي سلمي يحقن دماء اليمنيين وينقذ ما تبقى من مؤسسات الدولة اليمنية.

وفي تقديري أن مشاورات الكويت لن تفضي إلى حل سياسي إلا في حالتين، الأولى أن يضغط المجتمع الدولي وفي مقدمته الولايات المتحدة على الطرف الانقلابي "الحوثيين تحديداً" للرضوخ للقرار 2216، ويسلم الأسلحة، وينسحب من المحافظات ومؤسسات الدولة ومن ثم الذهاب إلى تشكيل حكومة جديدة، واستئناف المسار السياسي من حيث توقف في تشرين الأول/ سبتمبر 2014، أو أن يحقق طرف ما انتصاراً حقيقياً على الأرض يمكّنه من فرض شروطه على طاولة الحوار.

أما الشريك الحقيقي للحوثيين، علي عبد الله صالح، فهو المحرض الفعلي على فشل المشاورات، ويدفع باتجاه التأزيم والتعطيل لكل نجاح، وليس له مصلحة إلا في استمرار الحرب حتى نهايتها أو نهايته، والسبب أنه يدرك يقينا أن المجتمعين المحلي والدولي والمحيط الإقليمي مجمعون على شيء واحد هو ضرورة خروج صالح وعائلته من المعادلة السياسية إلى الأبد.

 لهذا يدرك أنه الحلقة الأضعف، ويريد استمرار هذه الحرب حتى تأكل حلفاءه في الداخل وترهق أعداءه في الخارج، وبكل الأحوال لم يطمئن للحظة واحدة لحلفائه الحوثيين ويخاف الانقضاض عليه في أي لحظة، وقبل أيام قال لأحد أصدقائه: "لم أشعر بلحظة ضعف في حياتي مثل هذه".. وهذا ما دفعه لجمع قيادة وكوادر حزبه المؤتمر الشعبي في القاعة الكبرى بصنعاء مطلع الأسبوع الجاري حتى يُشعر الحوثيين أنه لا يزال قوياً عسكرياً وقادراً سياسياً.

صحيح أن صالح لديه سيولة نقدية مهولة واستثمارات مع شخصيات يمنية لكنه يكتنزها لشراء الولاءات القبلية والسياسية والعسكرية.. أما رواتب جنوده وحراسته الشخصية فقد وضعته في ضائقة مالية كبيرة، وقبل فترة توسط بالقيادي الحوثي اللواء زكريا الشامي عند الحوثيين لصرف رواتب ثلاثة ألوية المكلفة بحراسته بعد أن قطعها الحوثيون، حتى يضيقوا الخناق على صالح ويدفعوا بمجموعة من ضباطه للتسليم لهم تحت وطأة الحاجة المادية، وفي كل الأحوال صالح تحت رحمة الحوثيين، ويريد أن يطيل عمره تحت أيديهم أكبر قدر ممكن.

سيعود الطرفان للكويت بنوايا في ظاهرها الحرص على نجاح المشاورات لكن في حقيقتها لا تزال الهوة بين الطرفين كبيرة، وربما يأخذان 70 يوماً جديدة تفضي إلى العدم، فالجانب الحكومي لن يتنازل عن بند من نصوص القرار الأممي 2216 وبحسب تراتبيتها، والطرف الانقلابي شديد الحرص على مغانم السلطة، ويسعى لاستدامة الحرب حتى يقتنع المجتمع الدولي بأنه لا حل إلا بحكومة وطنية تسبق الحوار السياسي وتهيئ له، ما يعني منح الانقلاب الحوثي شرعية مكتملة الأركان.. مضافاً لذلك تباطؤ كبير من المجتمع الدولي في الضغط على الطرف الانقلابي لتنفيذ القرار 2216 الصادر تحت الفصل السابع.

ما يهم القضية اليمنية في هذه اللحظة هو ثبات الموقف الخليجي وألا يسهل تفكيكه من قبل الولايات المتحدة، وعدم الإصغاء لوعود وتعهدات القرن الماضي، فأمريكا اليوم لديها مشروع آخر في المنطقة، ولن تظل حامي حمى الخليج، وما يهم أيضاً الإبقاء على القرار الأممي الحالي وعدم تعطيله بقرار جديد.