يتنامى القلق بالجزائر حيال وضع
الحريات بشكل لافت، وتعبر النخبة بالبلاد من قادة سياسيين، وجامعيين، ونشطاء المجتمع المدني، والحقوقيين، عن مخاوف من غلق أكبر لمجال حرية التعبير على خلفية سجن عدد من الصحفيين في الآونة الأخيرة.
وأعلنت محكمة عبان رمضان بالجزائر العاصمة، الأحد، عن تأجيل النظر في طلب الدفاع بالإفراج عن مدير القناة التلفزيونية "كاي بي سي"، مهدي بن عيسى، والمخرج بنفس القناة، رياض حرتوف، ومسؤولة بوزارة الاتصال، مونيا نجاي، إلى الأربعاء المقبل.
وأودع بن عيسى وحرتوف ونجاي السجن، يوم 23 حزيران/ يونيو الماضي، على خلفية بث القناة برنامجين ساخرين تناول أداء المسؤولين
الجزائريين وهما "ناس السطح" و"كي أحنا كي الناس"، والمقصود من التسمية "مثلنا مثل عامة الناس".
ووقفت هيئة دفاع السجناء "كا.بي.سي"، الأحد، أمام القاضي بغرفة الاتهام لمجلس قضاء العاصمة للمرافعة في استئناف أمر إيداع هؤلاء الثلاثة الحبس المؤقت في قضية مخالفة تراخيص تصوير البرنامجين الساخرين.
من جهة ثانية، يحاكم غدا، الإثنين، الصحفي الجزائري، محمد تامالت، بتهمة الإساءة لرئيس الجمهورية والمساس بهيئة نظامية، بعد نشره مقالات تتعرض للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بمجلة السياق العربي، التي تصدر بلندن.
ورفض تامالت استكمال
المحاكمة بجولتها الأولى قبل أسبوع، بسبب انسحاب محاميه.
وقال أمين سيدهم، محامي المتهم، بتصريح لصحيفة "
عربي 21"، الأحد "إن الصحفي محمد تامالت متابع بتهمتي الإساءة لرئيس الجمهورية والمساس بهيئة نظامية، لأنه كتب مقالا عن الرئيس ومقالا آخرا عن قائد عسكري كبير بالجزائر".
وبالإضافة إلى الصحفيين الثلاثة الموجودين رهن السجن بالجزائر، يوجد الجنرال المتقاعد حسين بن حديد، بالسجن دون محاكمة منذ عشرة شهور، بعد إدلائه بتصريحات ضد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وقائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح.
وأعلنت هيئة دفاع الجنرال بن حديد، بمؤتمر صحفي، السبت، أن "الوضع الصحي للجنرال بلغ مرحلة الخطر إثر إصابته بسرطان البروستات في السجن".
كما قرّر المحامون خالد بورايو، وبشير مشري، ومصطفى بوشاشي، "متابعة وزير العدل الطيب لوح أمام القضاء في حالة أصيب موكلنا بمكروه، لذلك نطالب بالإفراج عنه فورا".
وأفاد بشير مشري، أحد محاميي الجنرال المسجون، في تصريح لصحيفة "
عربي21"، الأحد، "إننا كدفاع نتساءل عن تعمد خرق القانون ضد شخصية عمومية وضابط سام سابق في الجيش، أمضى نصف قرن من حياته في خدمة المؤسسة العسكرية وبلده الجزائر، هل هذا التعمد في خرق القانون درس لغيره من الضباط السامين المتقاعدين؟".
كما أوضح المحامي بورايو بأن "موكلنا الجنرال بن حديد رهينة مشروع يستهدفه شخصيا، وقد بدأت بعض جوانبه تظهر في قانون المستخدمين العسكريين الذي يمنع الكلام عن الضباط المتقاعدين، وفي ذلك إرادة لقفل حرية التعبير".
وأثار حبس صحفيين ومسؤولين عسكريين بسبب مواقفهم بالجزائر موجة سخط وسط نشطاء حقوق الإنسان وأحزاب المعارضة في البلاد، حيث اعتبرت الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، في مؤتمر صحفي، الأحد أن "عمليات
الاعتقال التي طالت إعلاميين وفنانين جزائريين وإصدار نصوص تقيد الحقوق السياسية والاقتصادية للجزائريين، بيان على ضعف كبير للنظام وقرب نهايته".
وذكرت حنون "إن ممارسات النظام الذي لا يطيق الحرية السياسية سواء كانت بالرسم أو السمعي البصري أو المقالات يعبر عن ضعف كبير وقرب نهايته وبيان أنه يفتقد لقاعدة شعبية".
وتابعت حنون "حينما يفقد نظام قاعدته الشعبية فهذا يعني أن العد التنازلي له قد انطلق"، مشبهة حالة النظام بذلك الذي يقطع الغصن الذي يستند إليه، لافتة إلى أنه "أصبح من السهل وضع جزائريون وجزائريات في السجن".