يبدو أن الموقف
المصري في إفريقيا يزداد ضعفا يوما بعد يوم، لا سيما فيما يتعلق بالخلاف بين مصر ودول
حوض النيل حول توزيع مياه النهر.
ويقول خبراء إن النظام المصري يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه عبر طلب الوساطة من دول أخرى، للتدخل في ملف المياه وتقليل الخسائر المتوقعة في حصة مصر.
اعتراف بالسيطرة الإسرائيلية
وقال حمدي عبد الرحمن حسن، مؤسس برنامج الدراسات المصرية الإفريقية بجامعة القاهرة، إن زيارة وزير الخارجية سامح شكري إلى تل أبيب الأسبوع الماضي كانت تهدف إلى البحث عن حل وسط حول أزمة سد النهضة والحفاظ على الموارد المائية لمصر.
وأضاف حسن، في تصريحات لصحيفة "الشروق"، أن إسرائيل تمتلك مفاتيح إثيوبيا خاصة فيما يتعلق بأنشطة السدود وتوزيع الكهرباء وتحديث نظام الري، لافتا إلى أن مسالة توازن القوى فيما يتعلق بدول حوض
النيل لم تعد في صالح مصر.
ويقول مراقبون إن مصر طلبت من إسرائيل التدخل لدى
أثيوبيا وإقناعها بزيادة مدة ملء خزان سد النهضة، حتى لا تتأثر حصة مصر من المياه جراء هذه الخطوة.
طلب الوساطة التنزانية
إلى ذلك، تستضيف العاصمة الرواندية "كيجالي" اجتماعات الدورة السابعة والعشرين لقمة الاتحاد الإفريقي يومي الأحد والاثنين المقبلين بمشاركة زعيم الانقلاب، عبد الفتاح السيسي الذي يرأس وفد مصر.
وصرح السفير أحمد أبو زيد، المتحدث باسم الخارجية المصرية أن الوزير سامح شكري، الموجود في كيجالي منذ يوم الأربعاء الماضي، أجرى عددا من اللقاءات الثنائية مع نظرائه من الوزراء الأفارقة، وخاصة دول حوض النيل، تركزت حول التعاون مع مصر في المجالات الاقتصادية والمائية.
وأضاف أبو زيد أن شكري طلب من أوجاستين ماهيجا، وزير خارجية تنزانيا، أن تبذل تنزانيا جهودا دبلوماسية لتقريب وجهات النظر بين دول حوض النيل، حول الاتفاق الإطاري لمبادرة حوض النيل واتفاقية عنتيبي.
وتعقد قمة "كيجالي" تحت شعار "2016 العام الإفريقي لحقوق الإنسان"؛ حيث سيركز القادة الأفارقة على أوضاع حقوق الإنسان بشكل عام في القارة وخاصة حقوق المرأة، وستناقش تقرير مجلس السلم والأمن عن الحروب والنزاعات في إفريقيا.
لا تراجع عن عنتيبي
واجتمع وزراء دول حوض النيل الخميس في العاصمة الأوغندية "كمبالا"، لمناقشة التعاون المائي والزراعي بينهم، وتحويل مبادرة حوض النيل إلى مفوضية.
أكد وزراء حوض النيل، أن اتفاقية "عنتيبي" الخاصة بتوزيع مياه النهر، التي وقع عليها ست دول، لن يتم التراجع عنها، داعين مصر للانضمام إلى الاتفاقية بدلا من المطالبة بإلغائها.
وأنهت اتفاقية "عنتيبي" حصة مصر التاريخية في مياه نهر النيل التي تقول دول الحوض إنها مجحفة.
في المقابل، أكد وزير الري المصري محمد عبد العاطي، أن مشاركته في اجتماع وزراء المياه بدول حوض النيل، تهدف إلى إعادة تأكيد رفض بلاده القاطع للاتفاقية.
وأضاف بيان صادر عن وزارة الري، تلقت "عربي21" نسخة منه، أن مشاركة مصر في الاجتماعات بهدف إثبات موقفها القانوني من المبادرة، ومن الخطوة الأحادية التي اتخذتها الدول بالتوقيع على مسودة الاتفاقية.
ونقلت "الشروق"، عن "جون راو نياورو" المدير التنفيذى لمبادرة حوض النيل، قوله إن الباب مفتوح أمام القاهرة إذا رغبت في التوقيع على اتفاقية عنتيبي والانضمام إلى عائلة النيل، على حد قوله.
وأضاف "نياورو" أن رفض مصر والسودان التوقيع على الاتفاقية منذ عام 2010 وتجميد مصر لأنشطتها، تسبب في آثار سلبية على وضع المبادرة، لكن عدول السودان عن قرارها مؤخرا يعد بادرة أمل لعودة مصر وإيجاد حل جماعي لمشكلات المبادرة.
وأوضح أن كلمته أمام الاجتماع شددت على أهمية العمل الجماعي تحت مظلة المبادرة لتحقيق الاستخدام العادل والمتكافئ لمياه النيل، ومضاعفة المنافع من المياه لجميع دول حوض النهر.
شراكة تتخطى سد النهضة
وفي تصريحات تعكس التفوق السياسي والدبلوماسي على مصر، بحسب مراقبين، قال وزير الخارجية الإثيوبي "تيدروس أدحانوم" إن بلاده تسعى لتحقيق شراكة مع مصر والسودان، تتجاوز مسألة سد النهضة والخلاف حول مياه نهر النيل، موضحا أن إمكانات البلدان الثلاثة هائلة ولا يمكن حصرها في موضوع سد النهضة فقط!.
وأضاف "أدحانوم"، في تصريحات لوكالة أنباء "الأناضول"، أن العلاقات بين إثيوبيا والسودان ومصر شهدت نقلة نوعية في المسارات كافة، بعد اتفاق إعلان المبادئ بينهم اذتي تم في الخرطوم في شهر مارس الماضي.
ووقعت مصر والسودان وإثيوبيا في مارس الماضي، وثيقة "إعلان مبادئ" سد النهضة في العاصمة السودانية الخرطوم، اعترف ضمنيا بحق إثيوبيا في بناء السد مقابل التعهد بعدم الإضرار بمصالح مصر المائية.
وحول تطورات ملف سد النهضة أكد الوزير الإثيوبي التزام "أديس أبابا" بعدم إلحاق الضرر بمصالح القاهرة والخرطوم، وأنه لن يكون هناك خاسر في هذه القضية، مشيرا إلى حدوث تقدم كبير في مفاوضات اللجان الفنية الثلاثية، ما يمهد لتوقيع العقود مع المكاتب الاستشارية لبدء دراسات حول تأثير السد على حصص مصر والسودان المائية.