وصف الإعلامي
المصري الذي يؤيد الانقلاب الدموي، ويعارض رئيسه
عبد الفتاح السيسي، إبراهيم عيسى، نظام حكم السيسي بأنه نظام "بوليسي" يحكم مصر بنظرية "خلينا نشوف حيحصل إيه"، مؤكدا أن السيسي لا يثق إلا في تحذيرات الجهات الأمنية، ولا يستمع إلا لها.
وقال عيسى - في أحدث مقال له بجريدة "المقال" الورقية، الصادرة الثلاثاء، التي يرأس تحريرها - إن أي قرار اقتصادي مهم ومؤثر لا يمكن أن تتخذه حكومة شريف إسماعيل وحدها، بل لا بد أن يحصل أولا على موافقة الرئيس، ثم إنه لن يوافق إلا باستطلاع رأي أجهزة الأمن ومخابراته الحربية والعامة وجهاز الأمن الوطني.
وتساءل الكاتب في مقاله الذي عنونه بـ"النظام البوليسي يخاف من الإصلاح الاقتصادي": "ما الذي يمكن أن تقوله أجهزة الأمن الآن للرئيس عن أي قرار مثل تحرير سعر الصرف أو رفع أسعار البنزين؟".
وأجاب: "بالتأكيد طلبت الأجهزة الأمنية تأجيل هذه القرارات خوفا من تململ أو تدمر شعبي".
وأشار عيسى إلى أن السيسي يزن الأمر الآن على عكس ما فعل عقب شهر من توليه الرئاسة، "إذ رفع أسعار الخدمات، وألغى جزءا من الدعم على البنزين والسلع، مستندا إلى ما زعم أن شعبيته هي التي جاءت به محمولا على الأعناق إلى مقعد الرئاسة".
واستدرك: "لكن الآن هو (السيسي) يحسبها.. بين إحساسه أنه ليس هناك حل غير حل صندوق النقد، وهو اعتماد منهج رفع الدعم وتحرير سعر الصرف لإنقاذ مصر من أزمة طاحنة، وبين إدراكه أن الجماهيرية والشعبية الآن لا تكفي ضمانا لمثل هذه القرارات، فنجد أنفسنا أمام حالة تلكؤ عن الحل يفاقم المشكلة".
وتابع: "لا السيسي عنده حل اقتصادي آخر ينقذ البلد مما هو فيه، بل صار الآن لا يتلقى من تقارير وآراء وملفات إلا المتفائلة المستبشرة التي تقول له كلاما حلوا.. ولا هو أيضا قادر على لجم زمام ارتفاع الأسعار رغم ما يبذله من أعمال خيرية عبر صندوق "تحيا مصر"، أو بتدخل القوات المسلحة بسلع مخفضة وقوافل لحوم وخلافه، وهو أيضا يتحسب لتحذيرات الجهات الأمنية التي لا يثق إلا فيها، ولا يسمع إلا لها، من جراء اتخاذ قرارات رفع الدعم".
نظرية الحكم: "خلينا نشوف حيحصل إيه"
والأمر هكذا اعتبر عيسى أن ما يحدث بالضبط هو نظرية: "خلينا نشوف حيحصل إيه"، على حد تعبيره.
وأقسم: "آه والله.. هذه هي النظرية الحالية التي يحكمون بها مصر الآن".
وشرح عيسى تلك النظرية فقال: "بمعنى اجعل الأسعار ترتفع (أنت أصلا ليس في يدك أن توقفها) لكن أضبط الشارع أمنيا ، ارفع سعر فاتورة الكهرباء والرسوم وزد الضرائب لكن استنى (انتظر) على البنزين، دع الدولار يرتفع كما يحلو له (فأنت أساسا لا تملك أن تخفضه)، ونشوف (نرى) سيصل لحد كم، والناس ستتعامل وتتحمل وتتعايش وتعتاد على الوضع لغاية ما يبقى تدريجيا أمرا واقعا دون ما تتدخل أنت بقرار تحرير السعر فتتركه يتحرر لكن دون ما تعلن هذا رسميا".
وواصل: "حتى جرائم الفتنة الطائفية، والاعتداء على الكنائس، والتورط في قتل الأقباط، فلتتركها تتراجع لوحدها أو يدوسها النسيان دون اللجوء إلى قوانين مثل بناء الكنائس أو حتى تطبيق القانون الجنائي على المتورطين، فقد يستفز هذا السلفيين، وقد يحفز الأقباط لمزيد من المطالب، فالأحسن أن نطيب الخواطر، ونهدئ النفوس، ونخفف من أهمية الجرائم (لنقل عنها حوادث، وكذلك فردية)".
المهم.. "كله تحت السيطرة"
وشدد عيسى على أن المهم لدى الدولة (نظام
الحكم) الآن هو بقاء كل شيء تحت السيطرة، متهما الإعلام بأنه لا يصارح الشارع، بل يضلله.
ومتحدثا بلسان حال النظام، أضاف: "البرلمان تحت جناحنا، والأحزاب كلها مفككة وتافهة وفارغة، ولا تملك أن تحرك جناح بعوضة، والسلفيون ضمن صفقة مع الأمن، والجماعة الإسلامية داخل الاتفاق نفسه".
وأردف الكاتب: "ثم إن الشارع بلا نخبة أو طليعة تحركه، ولا تراجع عن تشديد القبضة الأمنية، وتخويف الناس من أي تحرك قد يؤدي إلى فوضى وانفلات".
واستنتج أنه "لا بد إذن من انتفاخ دور الجهاز الأمني حتى يتمكن من إحكام السيطرة، وهو ما يقذف بنا قذفا إلى مفهوم النظام البوليسي".
واختتم عيسى مقاله قائلا: "بالمناسبة.. النظام البوليسي هو أكثر النظم خوفا.. أنت لا تلجأ إلى العنف والتنصت والتجسس والقبض والمنع إلا لأنك خائف.. والخوف يقود للبطش، والبطش يعمي".