حاول رئيس الانقلاب،
عبد الفتاح السيسي، استرضاء بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية،
تواضروس الثاني، في لقائه به الخميس، بإقراره قانون "
بناء الكنائس" الذي أعدته الكنيسة كما هو، ودون اشتراط الموافقة الأمنية التي نص عليها مشروع مواز تقدمت به الحكومة إلى مجلس النواب، مما أثار غضب البابا، وجعله يهاجم "جهة معينة" (المخابرات)، تريد السيطرة على بناء الكنائس، حسبما وصفها، في لقائه بوفد اللجنة الدينية بالبرلمان في المقر الباباوي، الاثنين الماضي.
ولوح البابا - في لقائه بالوفد - بإمكان رفض الكنيسة لقانون بناء الكنائس، مشددا على رفض سيطرة جهة معينة على بناء الكنائس بمصر، في ضغط واضح منه استهدف، وفق مراقبين، تمرير الكنيسة مشروع قانونها عبر البرلمان دون إدخال تعديلات حكومية عليه، حينما تقوم الحكومة بعرضه أمام البرلمان خلال أيام.
وفي أعقاب
لقاء السيسي والبابا ووفد كنسي بقصر الرئاسة "الاتحادية"، الخميس، كشفت الكنيسة، في بيان أصدرته، عن أن اللقاء شهد مناقشة قرب صدور مشروع قانون بناء الكنائس "بصورة مرضية"، بحسب نص البيان.
وأضاف البيان أن اللقاء "كان فرصة للجميع للمناقشة حول موضوعات عدة تشغل الرأي العام كبعض الأحداث التي تعكر وحدة كل
المصريين، وكذلك قرب صدور قانون بناء الكنائس "بصورة مرضية"".
ومن جهته، قال المتحدث الرسمي باسم الكنيسة، القس بولس حليم، الذي حضر اللقاء، إن "الرئيس عبد الفتاح السيسي وجه رسالة طمأنة إلى المواطنين المصريين (يقصد المسيحيين) خلال اللقاء".
وكشف حليم - في تصريحات عقب اللقاء - عن أن اللقاء استمر لمدة ساعة وربع الساعة، وأن أسقف طنطا، الأنبا بولا، أشار خلاله إلى قانون بناء الكنائس، مؤكدا أنه عقدت اجتماعات في اليومين الماضيين، وحدث فيها تقدم كبير بشأن الشكل النهائي للقانون، وفق قوله.
ومن جهته، شكر الأنبا بولا، السيسي، على "حدوث انفراجة في قانون بناء دور العبادة"، على حد وصفه.
وسادت فرحة غامرة في الأوساط والدوائر المسيحية إزاء النتائج التي أسفر عنها اللقاء الذي تم بدعوة من السيسي.
وقالت مصادر كنسية إن السيسي وعد خلال اللقاء بوضع حد للاعتداءات على المسيحيين التي كان البابا قال، خلال لقائه الوفد البرلماني، إنها بلغت 37 اعتداء خلال ثلاث سنوات.
وقال الباحث القبطي وزميل المفوضية السامية لشؤون الأقليات بالأمم المتحدة بجنيف، جوزيف ملاك، إن اللقاء كشف رغبة مؤسسة الرئاسة في وأد الفتن الطائفية الأخيرة، وعدم تكرارها، ومعرفة تصور الكنيسة في معالجة هذه الأزمات الطائفية، والأطروحات التي تراها لمعالجة حالة الغضب التي تنتاب جموع الأقباط، وفق وصفه.
وأضاف ملاك، في تصريحات صحفية، أن الأقباط جميعا في انتظار القرارات التي سوف تتخذ بعد هذا اللقاء، وتأثيرها على القضايا الطائفية العالقة، ودور مؤسسات الدولة في تفعيل ذلك أيضا، ومنها دور برلمان الشعب، ووزارة الداخلية، حسبما قال.
ويذكر أن المادة 235 من الدستور المصري الحالي، (الذي وضعته لجنة "الخمسين" المعينة من قبل العسكر) نصت على أن "يصدر مجلس النواب في أول دور انعقاد له (الحالي) قانونا لتنظيم بناء وترميم الكنائس، بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية"، وهو ما تجري حوله مناقشات موسعة حكومية وبرلمانية وكنسية منذ شهور، ويتوقع أن يتم تمريره عبر البرلمان في خلال أيام، باستغلال الأحداث الطائفية الأخيرة، وما تردد عن غضب المسيحيين إزاءها.