كشفت صحيفة "إندبندنت" البريطانية عن أن
تنظيم الدولة يقوم بتدريب الجيل القادم من الجهاديين على الإرهاب.
وجاء في التقرير، الذي أعدته ليزي ديردن، أن أبناء المقاتلين الأجانب، الذين يعيشون في مناطق تنظيم الدولة في العراق وسوريا، يتلقون تدريبات ليصبحوا الجيل المقبل من الإرهابيين الذين يستهدفون أوروبا.
وتشير الكاتبة إلى تصريحات مسؤولي الأمن في القارة الأوروبية، الذين قالوا إن التنظيم يقوم بالإعلان عن استخدام الأطفال بصفتهم مقاتلين وانتحاريين، وكذلك فإنه يظهرهم في دعايته، بما في ذلك طفل لا يتجاوز عمره الأربعة أعوام، الذي ظهر في فيديو بشع فيه تنفيذ عمليات إعدام.
وتذكر الصحيفة أن هناك مخاوف من إجبار أعداد كبيرة من الأطفال على الانضمام إلى صفوف التنظيم، أو زيادة عددهم؛ بسبب الزيجات المستمرة للجهاديات في مناطق التنظيم.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى تقرير عن الإرهاب أصدره الاتحاد الأوروبي، الذي جاء فيه أن الأطفال الذين ينشؤون في ظل حكم التنظيم الإرهابي هم مصدر قلق خاص، حيث يقول التقرير: "عادة ما يُظهر تنظيم الدولة في دعايته الأطفال وهم يتدربون، وتحضيرهم ليصبحوا جيل المستقبل من الجهاديين، وهو ما يشكل تهديدا إرهابيا للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي".
ويضيف تقرير الاتحاد: "سيعمل العائدون من مناطق التنظيم على زيادة التهديد الإرهابي على الاتحاد الأوروبي، من خلال تسهيل العمليات والتمويل والتجنيد والتشدد، وقد يشكلون نموذجا يحتذى به للجيل المقبل من الجهاديين"، مشيرا إلى أن هناك ما يقرب من 50 طفلا من
بريطانيا يعيشون في ظل "
الخلافة"، وهناك 31 ألف امرأة حامل، بحسب تحقيق قام به مركز بريطاني.
وتكشف ديردن عن أن من بين هؤلاء الأطفال الطفل عيسى داري، وهو ابن الجهادية البريطانية المعروفة خديجة داري، الذي ظهر كأنه يجهز لتفجير سيارة مفخخة، تحتوي على ثلاثة سجناء، وذلك في شريط فيديو بث في شهر شباط/ فبراير الماضي، وقال في الشريط: "سنقتل الكفار هناك"، وكان معه ولدان تحدثا بلهجة بريطانية، وهددا بريطانيا ودول التحالف الدولي، التي تشارك بضرب تنظيم الدولة.
وتورد الصحيفة أن جهاديا بريطانيا آخر يدعى أبا الرميثة، واسمه الحقيقي سيدهارتا دار، قام بتحدي السلطات الأمنية، من خلال ظهوره مع وليده الجديد، بعدما استطاع الهروب من بريطانيا، رغم الحظر على سفره، وكتب مفاخرا على "تويتر": "الحمد لله، فقد أكرمني الله بولد ذي صحة جيدة في الدولة الإسلامية"، وأضاف: "إنه إضافة عظيمة للدولة الإسلامية، وبالتأكيد ليس بريطانيا"، لافتة إلى أن عددا كبيرا من المقاتلين قاموا بتصوير أنفسهم مع أولادهم، ووضعوا صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي، بما في ذلك صورة وليد جديد وحوله هويات صادرة عن الدولة وقنبلة يدوية ومسدس.
ويفيد التقرير بأن محللين يرون أن تنظيم الدولة يتعامل مع الأطفال على أنهم ضمان مهم لاستمرار التنظيم على المدى البعيد، ويعدهم أفضل من المقاتلين الأشداء؛ لأنهم تربوا على عقيدة التنظيم وتشربوها منذ الصغر، مشيرا إلى أن آثار المقاتلين الأجانب ظهرت في عمليات قاتلة، نفذت في باريس وبروكسل واسطنبول.
وبحسب الكاتبة، فإن مجموعة "الرقة تذبح بصمت"، التي توثق ممارسات التنظيم فيما يطلق عليها عاصمة "الدولة"، ذكرت أنه حتى لو هزم التنظيم في معقله فإن خطره سيستمر، من خلال "الجيل الضائع" أو الشباب ممن سيحاولون إعادة الخلافة.
وتنقل الصحيفة عن نيكتا مالك من مؤسسة "قويليام" في لندن، قولها إن التنظيم يستخدم الأطفال كونهم جزءا من برنامج بناء الدولة في العراق وسوريا، وتضيف أنهم "يمثلون تهديدا مباشرا، وسيصبحون تهديدا أكبر على المدى البعيد"، مشيرة إلى أن "التربية التثقيفية تفرخ الحقد ضد الغرب، وتعد بقية الدول الأخرى غير شرعية، ولن تصبح لهؤلاء الأطفال أي ذاكرة لأفكار أخرى".
وتحذر مالك من أن الحكومة البريطانية ليست لديها استراتيجية جاهزة من أجل استيعاب أطفال المقاتلين الأجانب وإعادة تعليمهم، خاصة إن عادوا بأعداد كبيرة، في حال تم سحق "الخلافة"، وتقول: "لن يعرف الأطفال أي شيء عن بريطانيا، لكن التشريعات الحالية تعني أن بريطانيا تتحمل المسؤولية عنهم كونهم مواطنين، مع أن الأمر معقد".
ويذكر التقرير أن تنظيم الدولة نشر عددا من الأشرطة التي استخدم فيها الأطفال للدعاية والتدريب في دعايته الوحشية، وكشفت أشرطة
الدعاية من معسكر "أشبال الخلافة" قرب الرقة عن أطفال يتدربون، وظهر الأطفال في دورات تدريبية ومعارك كاراتيه ودفاع عن النفس في أشرطة أخرى، لافتا إلى أن العائلات التي فرّ أبناؤها إلى تنظيم الدولة، تقول إنهم تعرضوا لغسيل دماغ في مدارس تنظيم الدولة، وأمر بعضهم بالقيام بعمليات انتحارية.
وتبين ديردن أنه في الوقت الذي يتم فيه تعليم الأطفال أساليب القتال، والدفاع عن النفس، فإن البنات يتلقين دروسا حول الطبخ وكيفية إدارة البيت، والتهيئة للزواج، حيث يقول تقرير الشرطة الأوروبية "يوروبول" إن البنات لا يسمح لهن بالقتال بعد، لكن يتم إعدادهن من أجل تربية الأطفال بناء على عقيدة تنظيم الدولة، ويتم تشجيعهن على قبول وفاة أزواجهن أو أبنائهن، الذين هم على استعداد للمشاركة في المعارك والهجمات الإرهابية منذ سن مبكرة، لافتة إلى أنه يعتقد أن عدد الأطفال الذين ولدوا لمقاتلين أجانب في زيادة مستمرة.
ويقول تقرير "يوروبول" إن نسبة 40% من القادمين إلى أرض "الخلافة" هي من الفتيات، اللواتي لا يستطعن الفرار مثل الرجال، وعادة ما يتزوجن مرة أخرى عندما يقتل أزواجهن لإنجاب أطفال من جديد.
وتورد الصحيفة أن تقريرا أعده مركز مكافحة الإرهاب أشار إلى أن 89 طفلا قتلوا العام الماضي وهم يقاتلون من أجل "الخلافة"، واستخدم عدد منهم لقيادة سيارات محشوة بالمتفجرات.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن تقرير "يوروبول" يقدر عدد الأوروبيين الذين حضروا إلى مناطق التنظيم بحوالي 5 آلاف مقاتل، مستدركة بأن العدد قل منذ زيادة الهجمات على التنظيم في العراق وسوريا.