أثار قرار رئيس الوزراء
العراقي حيدر
العبادي، بضم مليشيات
الحشد الشعبي رسميا إلى القوات المسلحة العراقية، تساؤلات عدة عن توقيت اتخاذ القرار، والأسباب التي دعته لاتخاذه، وما هي مخاطره على المؤسسة العسكرية.
ويتألف الحشد الشعبي من 150 ألف مقاتل ضمن حوالي 42 مليشيا، تشكلت بعد فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقتها مرجعية رجل الدين الشيعي علي السيستاني في النجف، وذلك بعد سيطرة تنظيم الدولة على مساحات واسعة من العراق في حزيران/ يونيو 2014.
وأمر رئيس العبادي، في 27 تموز/ يوليو بإعادة هيكلة مليشيات الحشد الشعبي وتحويلها إلى تشكيل عسكري يضاهي جهاز مكافحة الإرهاب، بعدما كان قد أقر في وقت سابق بارتكاب الحشد انتهاكات ضد المدنيين بالفلوجة.
وجاء في أمر ديواني أصدره العبادي، أنه "بناء على مقتضيات المصلحة العامة ولغرض إعادة تشكيل هيئة الحشد الشعبي تقرر جعل الحشد تشكيلا عسكريا مستقلا وجزءا من القوات المسلحة مرتبطا بالقائد العام للقوات المسلحة".
وتضمن الأمر توجيها "بالعمل بنموذج يضاهي جهاز مكافحة الإرهاب الحالي من حيث التنظيم والارتباط، فضلا عن تألفه من قيادة وهيئة أركان وصنوف وألوية مقاتلة".
انتهاكات "الحشد"
دفع تزايد الاتهامات الموجهة لمليشيات الحشد الشعبي المشاركة في العمليات العسكرية في محافظة الأنبار، بارتكابها انتهاكات تتعلق بعمليات تعذيب وقتل وإخفاء مئات المدنيين من أهالي مدينة الفلوجة، العبادي، للإقرار بارتكاب عناصر "الحشد" لهذه الانتهاكات.
ورغم إقرار رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، في 10 حزيران/ يونيو الماضي، بوقوع انتهاكات ضد أهالي الفلوجة، فإنه اعتبرها تجاوزات "غير ممنهجة"، موجها بإيقاف متهمين بـ"التجاوز" على مواطنين خلال العمليات العسكرية الجارية في مدينة الفلوجة.
وسبق أن دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في 19 حزيران/ يونيو، إلى إبعاد "مليشيات إرهابية"، مارست انتهاكات ضد المدنيين من صفوف الحشد الشعبي.
وقال الصدر في رد على قيام الحكومة باعتقال من ثبت عليه دليل الاعتداء على المدنيين في الفلوجة، إن هذا العمل لا يكفي بل يجب محاسبة كل من اعتدى ولو سرا.
وشدد الزعيم الشيعي على ضرورة "حجب كل مليشيات سوداوية ظالمة إرهابية عن الجهاد وعن الحشد، وتحرير المدن وإرجاع الحق لذي الحق".
وبحسب شهادات أدلى بها ناجون في مقاطع فيديو نشرتها مواقع التواصل الاجتماعي في 13 حزيران/ يونيو الماضي، فإن "المليشيات ارتكبت جرائم قتل وتنكيل وتعذيب بحق هؤلاء المعتقلين الذين كانوا محتجزين لدى مليشيات الحشد الشعبي".
وقال ناجون، إنهم "عذبوا بطريقة وحشية ومهينة وهناك من تم ذبحهم ودفنهم وهم أحياء في مقابر جماعية، وهشمت العشرات من رؤوسهم وكسرت أطرافهم، وأربعة منهم فارقوا الحياة من شدة التعذيب".
وتتهم منظمات حقوقية في تقارير عدة، مليشيات عراقية منضوية تحت مليشيات الحشد الشعبي، بارتكابها جرائم قتل واختطاف وحرق للمنازل ودور العبادة في المناطق التي يتم استعادتها من تنظيم الدولة.
وكان مركز بغداد لحقوق الإنسان ذكر، أن "جرائم طائفية مروِّعة ارتكبها الحشد الشعبي وأجهزة أمنية وعسكرية أخرى وبمشاركة عسكريين إيرانيين، تمثلت بالإعدامات الجماعية والفردية خارج إطار القانون من ذبح وحرق ورمي بالرصاص ودفن للمدنين الأحياء بالجرافات".
وأضاف المركز في بيان له في 12 حزيران/ يونيو 2016، أن الحشد الشعبي "ارتكب جرائم الإخفاء القسري والتعذيب وسوء المعاملة، والاعتداء على أموال وممتلكات المدنيين، والاعتداء على الرموز والمقدسات الدينية للمسلمين السُنة".
لماذا الدمج؟
من جهته، يفسر ضابط في
الجيش العراقي السابق، قرار العبادي دمج "الحشد" في القوات المسلحة العراقية قبل إنهاء المعارك في المحافظات المسيطر عليها من تنظيم الدولة، بأنه التفاف على رفض الأمريكان وقوى عراقية لمشاركة "الحشد" بمعركة
الموصل.
وقال المقدم الركن المتقاعد سلام الطائي، في حديث لـ"
عربي21"، إن "العبادي يتعرض لضغوط كبيرة من إيران والشارع الشيعي بضرورة مشاركة الحشد الشعبي في معركة الموصل، وفي الطرف الآخر يرفض الأمريكان والسياسيون السنة تلك المشاركة".
الطائي، وهو ابن مدينة الموصل، يؤكد أن "قرار العبادي له تبعات خطيرة على المؤسسة العسكرية التي من المفترض أن يكون ولاؤها للعراق فحسب، وإن زج الحشد الشعبي الموالي في معظمه لإيران سيجعلها أداء طيعة بيد الأخيرة، ولا سيما بعد منح رتب عالية لقادة المليشيات".
إلى ذلك علق نائب الرئيس العراقي السابق طارق الهاشمي عبر حسابه في "تويتر" على قرار العبادي، بالقول: "بدلا من أن تقوم حكومة بغداد بتسريح مليشيا الحشد بزوال داعش قريبا، نراها تحولها لنسخة من الحرس الثوري الإيراني لشرعنة جرائمها التي سترتكبها لاحقا".
وأضاف: "تحويل مليشيات الحشد الطائفي إلى مؤسسة عسكرية يمثل آخر مسمار تدقه حكومة العبادي في نعش الدولة المدنية. الغرب راضٍ بهذه الخطوة في ظل صمت عربي".
الهاشمي، أكد أن "تحويل مليشيات الحشد الطائفي إلى مؤسسة عسكرية مشابهة للحرس الثوري الإيراني أخطر قرار تتخذه حكومة العبادي في استنساخها لنظام دولة ولاية الفقيه".
وأردف: "بات واضحا أن تشكيل مليشيات الحشد الطائفي لقتال داعش ما هو إلا شماعة، فالغاية هي تشكيل كيان عسكري رسمي يتبع لمشروع الهيمنة الإيراني على العراق".
ولفت الهاشمي إلى أنه "لا تفسير لتشكيل الحرس الثوري العراقي بمسمى (الحشد الشعبي) سوى تهميش الجيش وإضعافه ومواصلة التطهير الطائفي ضد العرب السنة وفتح نافذة جديدة للفساد".
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" طالبت الأحد، قادة الجيش العراقي بمنع المليشيات التي لها سجلات انتهاكات خطيرة، من المشاركة في العمليات العسكرية المخطط لها في الموصل.
ودعت المنظمة في تقرير لها نشرته على موقعها الإلكتروني، الأحد، إلى التزام الحكومة باتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية المدنيين وضمان احترام قوانين الحرب، ما يجعل منع هذه المجموعات من المشاركة في حملة الموصل أمرا ضروريا.
وكان مسؤولون في الحشد الشعبي قالوا إن قواتهم ستكون في طليعة الحملة ضد تنظيم الدولة في الموصل، وقال هادي العامري زعيم فيلق بدر في بيان في 25 حزيران/ يونيو: "إنّ الحشد الشعبي سيشارك في معركة تحرير الموصل، رغم أنف السياسيين المعارضين لذلك".