أبدت والدة فتاة
مصرية تعرضت لاختطاف الشرطة لها، دهشتها من اعتقالها بسبب النقاب الذي ترتديه، دون جريرة، وناشدت رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي الإفراج عن ابنتها غير المتهمة بأي تهمة سوى أنها ملتزمة دينيا، ومنتقبة، وتحفظ القرآن، مضيفة في عبارة مؤلمة: "طلعها لي، وأنا هخليها تمشي عريانة في الشارع".
من جهتها، ذكرت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات أن السلطات أطلقت سراح زبيدة الثلاثاء، حيث علمت والدتها أنها أطلق سراحها في أحد الشوارع وأنها ذهبت إليها لإعادتها للمنزل.
وحسبما أوضح الناشط الحقوقي، هيثم أبو خليل، في برنامجه "حقنا كلنا"، عبر فضائية "الشرق"، التي تبث من تركيا، فقد تغيبت "
زبيدة إبراهيم أحمد يونس"، البالغة من العمر 23 عاما، عن منزل أسرتها، منذ يوم 15 تموز/ يوليو الماضي، ولم تعد لبيتها حتى الآن، "في دولة الخوف واللامعقول"، وفق وصفه.
وعبر الهاتف روت والدة زبيدة للبرنامج أنها كانت في طريقها إلى منطقة البراجيل بمحافظة الجيزة، مرتدية النقاب، وتستقل مع آخرين سيارة ميكروباص، عندما أوقفتها دورية شرطة، وأنزلوها هي، دونا عن بقية الركاب، من السيارة، بسبب نقابها، واصطحبوها معهم، فيما طلبت من أحد الركاب إبلاغ أهلها باعتقالها، فاتصل بأمها، وقال لها: "بنتك أخذوها في البوكس".
وأشارت الأم إلى أنها سارعت بالانطلاق، ووصلت إلى كوبري "ناهيا"، لكنهم كانوا قد أخذوها.
وتساءلت بانفعال: "إنتوا واخدين البنت ليه.. لسه البنت متزوجة.. إيه الدولة اللي خايفة من النساء والأطفال دي.. إحنا في دولة، أم في غابة.. أنا ها أتجنن: واخدين بنتي ليه.. أرفع صوتي للمسؤولين.. إنتوا واخدين بنتي ليه".
وأضافت: "إحنا ناس من سوهاج (محافظة صعيدية)، وبنتي إنسانة محترمة، وملتزمة، وحافظة للقرآن، وترتدي النقاب".
وأردفت: "وعد ليك يا سيسي: هات لي بنتي، وأنا هأمشيها عريانة.. ها نعمل إيه.. نحن في بلد لا يحترم غير العري.. أعطنا البنت، وهنمشيها بالميني جيب.. طالما أننا في دولة لا تحترم إلا العري.. ولا تحترم المحترمين، ولا تحترم دينا، ولا عقيدة".
وتساءلت الأم: "إيه جريمتها؟". وأجابت: "جريمتها النقاب.. أنها حافظة للقرآن.. أنها إنسانة محترمة".
واستطردت: "فاض بنا الكيل.. كل ما نروح مكان.. يقولوا لنا إنها في المكان الفلاني.. وأبلغنا أحدهم بأنها في مقر أمن الدولة بمدينة نصر".
وأبدت دهشتها البالغة: "بنتي تطلع من بيتها ما ترجعش.. إزاي.. لا حول ولا قوة إلا بالله؟".
أين زبيدة؟ ولماذا اختطافها؟
إلى ذلك، واصل جهاز الأمن الوطني (الذي حل محل جهاز "أمن الدولة" المنحل بعد ثورة 25 يناير) إخفاء زبيدة، بعد اعتقالها لكونها منتقبة، وتواردت أنباء عن وجودها بقسم شرطة أول مدينة نصر مع إنكار الداخلية لذلك.
وتعليقا على الحادثة، أصدرت "منظمة هيومن رايتس مونيتور" بيانا قالت فيه إن منطقة البراجيل بمركز أوسيم بمحافظة الجيزة، شهدت يوم الجمعة 15 تموز/ يوليو 2016، قيام قوات الأمن باختطاف إحدى ساكنات المنطقة، وهي "زبيدة إبراهيم أحمد يونس"، الشهيرة بـ"زبيدة"، وتبلغ من العمر 23 عاما، وهي ربة منزل، وذلك في خلال وجودها بإحدى وسائل الموصلات، انتهاكا لنص المادة 3 من اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
وأضاف البيان أنه في شكوى الأسرة التي وثقتها "هيومن رايتس مونيتور"، فقد قص المرافقون لـ"زبيدة"، الذين أبلغوا الأهل، أن قوات الأمن استوقفت إحدى العربات المخصصة لنقل المواطنين، وطالبوها هي بالأخص بسبب سمتها الإسلامي "النقاب"، بالنزول من العربة، دون سند قانوني، أو أذن نيابي بالمخالفة للقانون.
وقد ناشدت أسرتها الجهات الحقوقية والإنسانية، وتقدمت بالعديد من الشكاوى والمطالبات للجهات المعنية، دون استجابة، ودون مراعاة لطابع المجتمع الشرقي الذي يرفض المساس بالمرأة، ما جعل الوضع الاجتماعي والاقتصادي والنفسي للأسرة متعثرا جدا، بحسب البيان.
وأكدت المنظمة أن ذلك يخالف نص المادة 53 من الدستور التي تنص على أن المواطنين "لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر".
وتضيف المادة أن "التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون، وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض".
والأمر هكذا، طالبت المنظمة سلطات الانقلاب بسرعة الإفصاح عن مكان احتجاز الفتاة التي تم توقيفها تعسفيا، دون أن يتم إبلاغها بسبب حقيقي لتوقيفها، بما يخالف القانون، علاوة على تمكينها من التواصل مع ذويها.
وفي السياق نفسه، كشف مركز "الشهاب لحقوق الإنسان"، قيام قوات الأمن بمنطقة إمبابة باختطاف زبيدة.
وقال المركز، في بيان له أيضا، إنه تم القبض على المواطنة، حيث تم إنزالها من السيارة الأجرة؛ لكونها
منتقبة، مع توقيفها وتفتيش الحقيبة الخاصة بها وهاتفها، في كمين للشرطة أعلى دائري البراجيل، يوم
الجمعة 15 تموز/ يوليو 2016.
وكشف المركز أنه عقب إيقافها، تم اعتقالها بركوب "بوكس" الشرطة، وأنه لا يعرف عنها أي معلومة حتى الآن، برغم البحث عنها في جميع مراكز الشرطة بالقاهرة والجيزة، وفق المركز.
وأضاف البيان أن أهل المواطنة المخطوفة ذكروا أنه في أثناء البحث عنها، أكد لهم أحد المخبرين وجودها بمبنى الأمن الوطني بمدينة نصر، ورفض إعطاءهم أي تفاصيل.
وطالب المركز وزارة الداخلية بالكشف عن سبب اختفاء "زبيدة" ومكانها، محملا إياها المسؤولية الكاملة عن سلامتها، ومطالبا بالإفراج الفوري عنها.