نشرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية، تقريرا تحدثت فيه عن الحرب السرية التي يخوضها
بوتين بالوكالة في
سوريا، عن طريق شبكة واسعة من الجنود المرتزقة الذين يقاتلون إلى جانب النظام السوري بطريقة سريّة.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن
روسيا أعلنت منذ أشهر عن سحب قواتها من سوريا، لكن ذلك لم يشكل أبدا نهاية العمليات القتالية الروسية، التي اتخذت منذ ذلك الوقت شكلا سريا.
وذكرت أن طبيعة التواجد العسكري لروسيا في سوريا تزداد غموضا كلما حدثت تطورات جديدة في الحرب السورية، "وإذا كنا ندرك منذ فترة طويلة حقيقة تجنيد روسيا لبعض
المقاتلين المرتزقة للعمل لمصلحتها في شرق أوكرانيا؛ فإن هناك اليوم عديد الحقائق حول تجنيد روسيا لمثل هؤلاء المرتزقة للقتال في سوريا ضد تنظيم الدولة".
وأضافت أن عملا استقصائيا قامت به مجلة "فونتانكا" الروسية المستقلة منذ أيام قليلة؛ كشف عن حقيقة انتشار عديد المرتزقة الروس للقتال في سوريا، "وخلال حوار صحافي مع قناة سكاي نيوز؛ كشف مقاتلان روسيان عن تلقيهما عرضا خياليا من طرف شركة أمنية خاصة في روسيا تدعى (أو أس أم)، للقتال إلى جانب بشار الأسد في سوريا ضد تنظيم الدولة والمعارضة السورية".
وأشارت الصحيفة إلى أن هؤلاء المقاتلين يتلقون عروضا مغرية للقتال في سوريا، قد تصل إلى ألفين و750 دولارا شهريا، وهو ما يمثل سبعة أضعاف متوسط الدخل الفردي في روسيا، ناقلة عن أحد المقاتلين المرتزقة، اسمه المستعار (ألكسندر)، قوله إن "كل الذين غادروا للقتال في سوريا من أجل المال لم يتمكنوا من العودة".
وأضاف ألكسندر أن "المرتزقة الروس لديهم مهمات مختلفة في سوريا، فمنهم من يشارك في قتال تنظيم الدولة والمعارضة السورية، ومنهم من يشارك في القتال ضد الحلفاء الأمريكيين في سوريا، وأحيانا يضطرون إلى مواجهة القوات الأمريكية الخاصة".
وقالت الصحيفة إن روسيا تعتمد منذ سنوات على سياسة تقوم على إخفاء حقيقة تواجدها العسكري في مناطق النزاع، بما في ذلك في شبه جزيرة القرم، ودومباس الأوكرانية، والشرق الأوسط. ونقلت عن نيكولاس حنين، الصحافي المختص في قضايا الإرهاب وشرق أوروبا، قوله إن "روسيا تعتمد على الحرب بالوكالة لتفادي المواجهات المباشرة في النزاعات".
وأضافت "لوبوان" أن عديد المنظمات غير الحقوقية والصحفيين قاموا بتحقيقات جدية حول حقيقة التواجد السري للقوات الروسية في سوريا، وتوصلوا إلى حقائق وقرائن قوية في هذا المجال، لكن بوتين كان ينفي دائما مثل هذه الادعاءات.
وذكرت الصحيفة أن النظام الروسي يقوم بمناورات قانونية لضمان استمرارية التدخل السري في سوريا، مشيرة إلى أن "القانون الروسي يحظر المنظمات العسكرية الخاصة، لكنه لا يمنع نشاطاتها على أرض الواقع".
وأوضحت أنه في بداية الحرب السورية؛ شارك مرتزقة روس تابعين لمنظمة "سلافونيتش كور" في العمليات القتالية إلى جانب القوات النظامية السورية، لكنهم علّقوا عملياتهم خلال فترة قصيرة، وبعد عودتهم مباشرة إلى روسيا؛ تعرض قادة "سلافونيتش كور" للمحاكمات والاعتقالات.
وتابعت: "أما بالنسبة لشركة (أو أس أم) فإن الأمر مختلف، فهذه الشركة العسكرية الروسية تمتلك إمكانات عسكرية وقتالية كبيرة".
وقالت الصحيفة إن نيكولاي أوتكين، أحد القادة السابقين لفرقة سبيستناز أو الوحدات الخاصة الروسية، يقف وراء هذه المجموعة من المقاتلين الروس المرتزقة، "ويعتبر أوتكين من بين أكبر المعجبين بالرايخ الثالث الألماني وأدولف هتلر، وقد كان في الماضي جزءا من العملية التي قامت بها منظمة سلافونيتش كور في سوريا سنة 2013".
وأضافت: "يشرف أوتكين الذي يبلغ من العمر 46 سنة؛ على تدريب مقاتليه في مدينة مولكينو جنوب روسيا، في المكان نفسه الذي تقوم فيه القوات الروسية الخاصة بتدريباتها الروتينية".
وذكرت الصحيفة أن المقاتلين الجدد الذين يشرف أوتكين على تدريبهم؛ يتعلمون طريقة التأقلم مع كل الوضعيات واستعمال أنواع مختلفة من الأسلحة، مشيرة إلى أن ألكسندر أكد أن بعض المرتزقة الروس ليس لديهم أي خلفية عسكرية، "وإذا كان العنصر الجديد لا يملك أي مهارات قتالية؛ فإنه يتم تأهيله قبل إرساله في مهمات تابعة لوحدة المشاة، أما إذا كان يملك خبرة معينة في الأسلحة الثقيلة؛ فإن تدريبه يقتصر على تطوير هذه المهارات".
وأضافت أن أوتكين، أو "فاغنر" كما يكني نفسه، يقوم بالإشراف على عملية انتداب مقاتلين جدد عن طريق مئات الإعلانات التي يقوم بنشرها عبر موقع التواصل الاجتماعي الروسي "فكونتكت"، لافتة إلى أن صحيفة فونتانكا الروسية ذكرت أن أحد الجنود السابقين في الجيش الروسي، يدعى سرجي فلاديمورفيتش، كان يمثل حلقة وصل بين الحكومة الروسية وفاغنر، قبل أن يقتل في سوريا عام 2013.
وفي الختام؛ قالت الصحيفة إن النظام الروسي يواصل باستمرار نفي الادعاءات حول نشاطات مجموعات روسية مرتزقة في سوريا، لكن صحيفة فونتانكا كشفت عن وثائق وقعها فلاديمير بوتين تثبت وجود مليشيات روسية على الأراضي السورية، مشيرة إلى أنه "تم تكريم بعضهم بسبب أعمالهم البطولية في سوريا" على حد تعبيرها.