القاهرة- عربي21- إحسان عبد العظيم14-Aug-1610:30 AM
شارك
استنفار أمني في ذكرى الفض الدموي لميداني رابعة والنهضة في مصر- أرشيفية
شددت السلطات المصرية، الأحد، من إجراءاتها الأمنية، ورفعت الدرجة القصوى من استعداداتها، ونشرت الآلاف من عناصر الشرطة، في معظم الشوارع والميادين الرئيسة في القاهرة والمحافظات، بهدف ردع المواطنين عن الخروج في أي مظاهرات، إحياء للذكرى الثالثة للفض الدموي لاعتصامي ميداني رابعة والنهضة يوم 14 آب/ أغسطس عام 2013.
وتزامنت تلك الإجراءات الأمنية المكثفة، مع قصف متواصل، شنه عدد من الإعلاميين المعروفين في مصر بأنهم إعلاميو السيسي، وأذرعه الإعلامية، إذ لجأوا للتشكيك في عدد ضحايا المذبحة، والتقليل من شأنها، واتهام الإخوان بالتسبب فيها، فيما انضم "مجلس نواب ما بعد الانقلاب" إلى تلك الحملات الأمنية والإعلامية، وهاجم عدد من أعضائه ذكرى رابعة، والمتعاطفين معها.
استنفار أمني: الردع بالشرطة والجيش
أعلنت وزارة الداخلية أنها أعدت خطة لما دعته "تأمين المنشآت العامة والحيوية والشرطية والميادين العامة، خلال الذكرى الثالثة لفض اعتصامي رابعة والنهضة"، كاشفة أن خطتها تأتي تنسيقا مع قوات الجيش، لتشديد الإجراءات الأمنية بمحيط مقار المنشآت الحيوية بالمحافظات، خاصة مباني كل محافظة، والإذاعة والتليفزيون، ومحطات الكهرباء ومياه الشرب والبنوك.. إلخ، وذلك بعد أن رصدت قيام عناصر بالدعوة إلى الخروج في مظاهرات ومسيرات، الأحد.
وأعلنت مديرية أمن القاهرة، أنها دفعت بقوات قتالية وضباط مفرقعات وكلاب بوليسية، ونشرت عشرات الدوريات الأمنية، مع الكمائن المرورية الثابتة، بالنقاط والميادين الحيوية، وأن قوات المباحث الجنائية فتشت ما يقرب من 250 شقة بمنطقة وسط القاهرة، بالتنسيق مع جهاز الأمن الوطني (أمن الدولة المنحل)، وشرطة السياحة.
وصرحت مصادر أمنية بأن قوات الشرطة فحصت كذلك العشرات من المتهمين السياسيين والجنائيين، خاصة من أقارب المنتمين لجماعة الإخوان، ووضعت خطة لمواجهة أي أعمال "عنف أو شغب" قد تحدث، على أن يتم التصدي بمنتهى الحسم لأي أفعال خارجة على القانون، مع تكثيف التواجد والتشديدات الأمنية خاصة بمناطق حلوان وعين شمس والالف مسكن والمطرية، باعتبارها مناطق تقع تحت مسمى "المناطق الملتهبة"، ويتواجد فيها عناصر تنظيم الإخوان، وفق تعبيرها.
وفي محافظة الجيزة، طالب مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة، اللواء هشام العراقي، مساعديه بالتشديد على يقظة القوات، وتوسيع دائرة الاشتباه، تحت إشراف مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، اللواء خالد شلبي (المشتبه الرئيس في حادث مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني).
وفي الإسكندرية صرح مدير الأمن فيها، اللواء عادل تونسي، بأنه تم رفع الاستعدادت الأمنية بشوارعها، وزيادة الكمائن بسائر الشوارع، إضافة إلى نشر قوات الانتشار السريع، مع تشديد الأمن أمام منشآت الشرطة، وزيادة أعداد كاميرات المراقبة حول الأماكن والمناطق المهمة.
وعلى مستوى محافظات الصعيد، أعلن مدير أمن سوهاج، اللواء مصطفى مقبل، رفع حالة الاستنفار تحسبا لخروج التظاهرات.
وأكد تثبيت نقاط أمنية على مداخل المحافظة ونشر قوات متحركة بجميع القطاعات الأمنية والمراكز والأقسام الشرطية، مشيرا إلى أنه تم تعيين 9 لواءات للوظائف الإشرافية على القوات البالغ عددها 3 آلاف فرد نظامي تحت رئاسة 500 ضابط نظامي، بمشاركة 28 تشكيل فض شغب ومجموعات قتالية، تم نشرها بالقرب من المنشآت الحكومية على مستوى المحافظة وحدها.
هجوم برلماني شامل
في سياق متصل، شن عدد من أعضاء "مجلس نواب ما بعد الانقلاب"، لا سيما من المعينين من قبل السيسي في المجلس، أو المنتمين لائتلاف "دعم مصر"، الموالي له، هجوما حادا على جماعة الإخوان المسلمين، والمتعاطفين معها.
وزعمت عضو لجنة الثقافة والإعلام بالمجلس، لميس جابر (المعينة فيه من قبل السيسي) أن الإخوان قطعوا عيش الغلابة، وأن هذه شهادة الباعة البسطاء بالأقصر "الذين أكدوا أن الإخوان كانوا يحرقون الأسواق في أثناء البيع"، وفق زعمها.
وأكدت "جابر" أن الجماعة لم تنته شعبيتها حتى الآن، وأنه يوجد مؤيدون لها، لكنهم أصبحوا غير مؤثرين، قائلة: "البلد راحت في ستين داهية، والإخوان قلبوا البلد "بزرميط"، وما نحن فيه الآن من أزمات اقتصادية هو بسبب تخريب الجماعة في الدولة، وخلع البلاط وحرق الجوامع والمستشفيات، وحتى الآن حديقة الأورمان بميدان النهضة بايظة"، بحسب قولها.
من جهته، قال عضو المجلس عن دائرة الهرم، إيهاب غطاطي إن جماعة الإخوان فقدت قدرتها على الحشد، وكذلك فقدت مصداقيتها، متابعا: "الإخوان بخ.. وماحدش هيخرج في ذكرى فض رابعة"، وفق زعمه.
أما عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالمجلس، اللواء أحمد العوضي، فقال إن أنصار الإخوان يتواجدون في بعض المناطق المعروفة للجميع، وهؤلاء من الممكن أن يعكروا صفوا الأمور العادية، على حد قوله. وتابع أن "الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلد صعبة، لكننا في نعمة وفضل"، لإنهاء هذا النظام الإرهابي".
ومتفقة مع الرؤية السابقة، قالت عضو المجلس بدائرة إمبابة في الجيزة، شادية ثابت، إن دعوات الإخوان للتظاهر في ذكرى فض اعتصام رابعة لن تلقى قبولا لدى الشعب، خاصة أنه مشغول بالحالة الاقتصادية أكثر من الحال السياسية، على حد تعبيرها.
وأضافت أن الشعب ينشغل بكيفية توفير السلع التموينية، وتخفيف الغلاء عن المواطنين، متابعة: "مش لسه ها نقول رابعة وذكرى فض.. عاوزين ننظر للحاضر والمستقبل، ونتكاتف لبناء الدولة"، بحسب قولها. أما أمين سر لجنة المشروعات الصغيرة بالمجلس، محمود سعد، فزعم أن الإخوان انتهوا نهائيا في مصر الحديثة، وأن "المصريين لا يتذكرون شيئا اسمه رابعة، وأن الإخوان انتهت شعبيتهم نهائيا، وأنه لا وجود لهم"، وفق وصفه.
قصف إعلامي منهجي
وكالعادة، لجأ إعلاميو السيسي، وأذرعه الإعلامية، إلى تجديد تحريضهم على المناهضين للانقلاب الدموي، واتهموا المتعاطفين مع ذكرى رابعة، بفبركة أفلام، ومشاهد حولها.
من جهتها، روجت الصحف المصرية الصادرة الأحد، لمزاعم، كثيرا ما رددتها من قبل، لا سيما صحيفة "اليوم السابع"، التي خرجت بمانشيتات مثيرة تقول: "خطة الإخوان لإحراق القاهرة وإشعال الفوضى في ذكرى رابعة.. التواجد بالشوارع والميادين من 6 إلى 8 مساء.. تجمعات من أربعة إلى خمسة أشخاص.. خداع الأمن بإخفاء شعارات وعلامات الجماعة.. وفيديوهات مفبركة عبر فيسبوك".
وبحسب الصحيفة: "وضعت جماعة الإخوان خطة تحريضية لإنهاك قوات الأمن، تبدأ من الأحد، بالتزامن مع ذكرى فض اعتصام رابعة العدوية والنهضة، وتستند إلى التواجد في الشوارع والميادين، بما قد يؤدى إلى أعمال عنف، حسبما رجح خبراء أمنيون".
ومن جهته، زعم جمال فهمي، أنه مع حلول ذكرى فض ما يسمى بـ"اعتصام رابعة"، وفق وصفه، سيعمل تنظيم الإخوان على بث أفكار تحريضية ضد الدولة "للتشكيك في الإنجازات التي حققتها منذ الإطاحة بحكم المعزول مرسي، وجماعته الإرهابية"، حسبما قال.
وأضاف "فهمي" - في برنامجه "نصف ساعة مع جمال فهمي" عبر فضائية "أون تي في" - أنه من الخطأ تسمية ما كان في "رابعة" بأنه اعتصام بل هو تمرد على سلطة الشعب الذي مارسها بكل حريته، وسانده الجيش على تحقيقها.
وذهب إلى أن التأخر في فض تمرد "ميداني رابعة والنهضة" يعد خطيئة كبيرة حتى وإن كان التأخر بسبب دواع أمنية، لأن ذلك جعل الجماعة تتغول على سلطة الشعب، واعتقدت أنها لا يمكن إيقافها فيما تخطط له، على حد قوله.
ومتفقا مع الرؤية السابقة، قال سعيد حساسين، إن هذا الاعتصام (يقصد "رابعة") كان من أصعب المراحل التي مرت بها مصر، مضيفا: "ربنا ما يعيده، كان بيحصل فيه حاجات فظيعة".
وأضاف حساسين، في تقديمه برنامج "انفراد"، عبر فضائية "العاصمة"، أن قيادات جماعة الإخوان كانوا يحمسون الشباب للاستمرار في الاعتصام، وكانوا يستخدمون شعارات: "مرسي هيفطر معانا بكرة"، "بكرة العصر.. مرسي راجع القصر"، وهكذا على نفس المنوال.
وزعم أنه أثناء فض الاعتصام لم يكن هناك أي أثر للقيادات الذين هربوا "زي الفئران"، بحسب تعبيره.
وبشكل متزامن، لجأ عدد من إعلاميي السيسي إلى التشكيك في عدد ضحايا الفض الدموي لاعتصام رابعة.
وتساءل نائب رئيس تحرير "الوطن"، وثيق الصلة بالأجهزة الأمنية، أحمد الخطيب: "كم عدد قتلى تنظيم الإخوان، ضحايا عملية الفض الشهيرة في اعتصامي رابعة والنهضة؟".
وأضاف أن السؤال يطرح نفسه للعام الثالث على التوالي دون إجابة، وأنه يقينا لن يجيب عنه التنظيم، لأن الإجابة "الموثقة" تجافي كل البكائيات التى تجيدها الجماعة، وفق قوله.
وتابع بأن عملية الحصر تعني ضرورة الإعلان عن شهادة الوفاة وأسبابها وتوقيتها، لتؤكد ما إذا كانت الوفاة تمت في رابعة والنهضة أم لا، وهو أمر لا تستطيع الجماعة توثيقه، برغم أنها لو استطاعت الادعاء والإتيان بشهادات مضروبة لفعلت ولكن، لأن الأمر سيكون مفضوحا فلم تستطع، بحسب زعمه.
وأضاف الخطيب أن الجماعة لا يوجد لها ضحايا كثر في الاعتصام، وإنما كان غالبية القتلى من شباب التيارات الإسلامية المختلفة الذين رفضت الجماعة فض اعتصامهم ليكونوا وقود المعركة، فيما هرب التنظيم وقياداته، حسبما قال.
أما أحمد موسى، فاستضاف في برنامجه "على مسؤوليتي"، عبر فضائية "صدى البلد"، مساء السبت، من زعم أنه "خبير أمني"، واسمه تامر الخشاب، قال إن فيلم "اليوم الأخير"، الذي تم بثه أخيرا بفضائية "الجزيرة"، وعدد من القنوات المناهضة للانقلاب، هو فيلم مفبرك، هدفه أن يكون أداة لإدانة مصر.
وزعم موسى أن الجثث التي تم جمعها، يوم الفض، بمسجد الإيمان القريب بمدينة نصر، لم تكن جثثا، وإنما أشخاص أحياء، تقمصوا هذا الدور.