مع حلول الذكرى الثالثة لفض اعتصام
رابعة العدوية، اعتمدت وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب في
مصر استراتيجية شاملة لقتل أي تعاطف مع ضحايا المذبحة الأكبر في تاريخ مصر الحديث.
وارتكزت التغطية الإعلامية على ثلاثة محاور رئيسة، بإلقاء مسؤولية الدماء التي سالت على قيادات واللجوء للمؤسسات الدينية لإضفاء مسحة دينية على مهاجمة الإخوان ومؤيديهم، وأخيرا إعادة التذكير بما أسمته "جرائم الإخوان بحق المصريين عقب فض الاعتصام".
المسؤولية على الإخوان فقط
وحملت جميع وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب مسؤولية الدماء التي سالت في رابعة والنهضة لقيادات الإخوان وبرأت منها قوات الجيش والشرطة، بل وأظهرتهم في مظهر المعتدى عليهم.
وقالت صحيفة "اليوم السابع" إن قيادات الإخوان كانت على علم بموعد الفض قبلها بـ12 ساعة إلا أنهم أخفوا الخبر عن المعتصمين حتى لا يهربوا، مؤكدة أن الإخوان سعوا لوقوع أكبر عدد من الضحايا من أجل المتاجرة بصورهم فيما بعد.
وأعادت صحيفة "فيتو" التذكير بأن قوات الأمن وفت ممرات آمنة للمعتصمين، إلا أنهم رفضوا الخروج منها وفضلوا الاشتباك مع قوات الأمن تنفيذا لأوامر قادتهم.
وقالت صحيفة "الوطن" إن المعتصمين كانوا مسلحين، ونقلت عن شهود عيان قولهم إن الشرطة تعرضت في بداية الفض لطلقات من مدافع الغرينوف أطلقت من داخل الاعتصام بالقرب من مسجد رابعة.
وأضافت أن أنصار الرئيس
مرسي حرقوا السيارات والمحال التجارية المملوكة للأهالي في المنطقة بشكل عشوائي بدافع الانتقام من المجتمع.
وأكدت أن الاعتصام كان به المئات من عناصر التنظيم الدولي للإخوان الذي ساند الجماعة حتى آخر لحظة، مؤكدة أن الاعتصام كان به سودانيون وسوريون قناصة وفلسطينيون تابعون لحركة حماس تصدوا للشرطة من أعلى العقارات المجاورة.
وقالت "فيتو" إن الأسلحة الآلية والخرطوش كانت في أيدي بعض المعتصمين ونتج عن ذلك سقوط مئات المصابين والقتلى برصاص زملائهم، وحملت المعتصمين مسؤولية مقتل عدد كبير من المصابين بعدما رفضوا نقلهم في سيارات الإسعاف خوفا من اعتقالهم لاحقا.
السيسي كان مرنا والإخوان صدقوا آشتون
وفي إطار إلقاء المسؤولية على الإخوان وقياداتهم في سقوط مئات الضحايا في الاعتصام، نقلت صحيفة "الوطن" عن الشيخ محمد حسان، الداعية السلفي المؤيد للانقلاب، تأكيده أنه حاول التوسط لحل الأزمة بين جماعة الإخوان المسلمين والنظام الحالي قبل فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة.
وأكد حسان أنه سعى إلى حقن دماء الأبرياء والتوصل لحل الأزمة سلميا، إلا أن قيادات الإخوان رفضت وساطته واتهمته بالخيانة وبيع الدين.
وأضاف الداعية الإسلامي في حواره، أن الخيانة هي ما ارتكبه قيادات الإخوان من الاصطدام بسنن الله الكونية، مؤكدا أن السيسي كان مرنا للغاية وأن الإخوان هم الذي طلبوا مطالب غير منطقية.
وأوضح حسان أنه طلب من السيسي عدم فض الاعتصام بالقوة، لأن الدماء ستخلف في مصر جيلاً يستحلّ حمل السلاح على الجيش وضبط الإعلام والإفراج عن المعتقلين، وأن السيسي وافق على مطالبه بينما رفضت جماعة الإخوان المسلمين ما وافق عليه السيسي.
وأشار إلى أنه اكتشف فيما بعد أن وجود كاترين آشتون مبعوثة الاتحاد الأوربي في القاهرة وإعطاءها للإخوان وعودا بالعودة إلى الحكم هي السبب وراء تصلب مواقفهم.
هجوم من دار الإفتاء على الضحايا
وشنت دار الإفتاء المصرية هجوما حادا على جماعة الإخوان المسلمين، بالتزامن مع الذكرى الثالثة لفض اعتصام رابعة.
وأكد "مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة" التابع لدار الإفتاء أنه لا يمكن لأي تيار أو تنظيم أن ينجح في تقويض دعائم الدولة والمجتمع عبر ترويج العنف واستخدامه تحت دعاوى دينية أو طائفية.
وأضاف المرصد، في بيان له بمناسبة الذكرى الثالثة على ما أسماه "فض الممارسات الإرهابية في ميداني رابعة والنهضة"، أن أحداث رابعة والنهضة وما سبقها وتلاها من أحداث، تؤكد أن التضامن المجتمعي كفيل بردع كافة محاولات التيارات والتنظيمات التي ترفع شعار الإسلام السياسي، دون جر المجتمع والدولة إلى مربع العنف ودوامته الطويلة.
وأكد البيان، الذي اطلعت عليه "
عربي21": أن قيادات الاعتصام برابعة والنهضة دأبت على تجييش أتباعهم وأنصارهم ضد الدولة والمجتمع، وإمطارهم بوابل من الفتاوى التي تبرر الخروج على الدولة والمجتمع وممارسة العنف بل وجعله من الجهاد الشرعي، ثم تراجع غالبيتهم عن تلك الفتاوى والدعاوى العنيفة بعدما تيقنوا من قوة وصلابة الدولة والمجتمع المصري، وتبرأ الكثير منهم من الدعوة إلى العنف أو المشاركة في تلك الاعتصامات، وبقي الشباب والشيوخ المضلل بهم ضحية لمطامع ومصالح سياسية لجماعات امتهنت الدين للفوز بالسلطة.
وأضاف المرصد، أن غالبية تلك القيادات فرت إلى دول أجنبية لممارسة التحريض على العنف ضد الدولة والمجتمع، واستغلال أحداث الوطن والظرف الدقيق الذي يمر به ليبثوا سمومهم في أوصاله، متعاونين في ذلك مع كافة القوى والأطراف الخارجية المعادية للدولة المصرية ودورها الوطني والإقليمي.
لا تنسوا جرائم الإخوان
وعلى مدار الأيام الثلاثة الماضية نشرت وسائل إعلام مؤيدة للنظام تقارير مجمعة تتضمن صورا ومشاهد فيديو لما قالت إنه جرائم الإخوان في المحافظات المختلفة بعد فض رابعة، ومنها قطع الطرق وقتل رجال الشرطة وحرق الكنائس وممتلكات الأقباط.
وحذرت صحف ومواقع إخبارية القراء من نسيان "جرائم الإخوان أو التعاطف معهم أو الانخداع بدور الضحية الذي يلعبه الإخوان والمؤيدون لهم".
وكانت قوات الجيش والشرطة المصرية قد قامت في يوم 14 آب/ أغسطس 2013 بفض اعتصامي رابعة العدوية بالقاهرة والنهضة بالجيزة بالقوة، ما أسفر عن مقتل وإصابة المئات من مؤيدي الرئيس محمد مرسىي.