ناقشت صحيفة "
الغارديان" البريطانية قرار السلطات الفرنسية منع لباس البحر الإسلامي، المعروف بـ"
البوركيني"، بعد تصريحات لرئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس حول الموضوع.
وأشارت الصحيفة إلى أن التوجهات السياسية في
فرنسا حول لباس المرأة المسلمة كان قضية شغلت الساسة الفرنسيين لعقد، منذ منع الحجاب في المدارس، ثم حظر النقاب، وصولا إلى "البوركيني" أخيرا.
وقال فالس، الأربعاء، إنه "يفهم وجهة نظر الذين يقترحون حظر البوركيني ويدعمها"، مضيفا أنه "لا يتوافق مع القيم الفرنسية"، دون إقرار لحظره بقرار دولي، إلا أنه ألمح إلى أهمية "السياسة" في قضايا كهذه.
وقرر عمدة مدينة كان، التي تعرضت لهجوم تبناه تنظيم الدولة وقتل فيه 85 شخصا، حظر "البوركيني" من الشواطئ العامة باسم "القانون العام والعلمانية الفرنسية"، وهو ما تم بالفعل حين أوقفت الشرطة عشر نساء يرتدينه، ست منهن غادرن الشاطئ، وأربع دفعن غرامات مالية.
"ليس منظرا شائعا"
وأشارت "الغارديان" إلى أن "البوركيني" ليس منظرا معتادا على الشواطئ الفرنسية، وهو ما أثار انتقادات على القرار.
واعتبرت الصحيفة أن "قرار البوركيني يصب في صميم العلمانية الفرنسية"، المعروفة بـ"اللائكية"، التي تعتمد على فصل حاد بين الدولة والكنيسة، مبدية خشيتها من استخدامها لمكاسب سياسية.
ومنذ هجمات تشارلي إيبدو، في العام الماضي، فقد حذر أكاديميون ومؤرخون فرنسيون من أن السياسيين يستخدمون هذه العلمانية لتشويه الإسلام.
وقال المؤرخ وعالم الاجتماع المختص بالعلمانية الفرنسية، جين بوبيروت، إن "حظر البوركيني يبدو غير منطقي، فهو إجراء معاكس لإزعاج هؤلاء النساء اللواتي لا علاقة لهن بالإرهابيين، وإعطاء انطباع بشيطنة مجموعة كاملة من الناس يعانون التهديد ذاته"، مشيرا إلى أن بعض ضحايا نيس كن نساء محجبات.
وقال بوبيروت إن فالس يلعب النار بدعم التأويل اليميني المتطرف للعلمانية، والتي دفعت الهوية الفرنسية بطريقة قمعية، بدل فصلها بين الدين والسياسة، ومساواة الاعتقادات داخل دولة محايدة.
بدوره، انتقد الوزير العمالي الأسبق بنويت هامون قرار حظر "البوركيني"، معتبرا أن "الإسلام يجب أن يعامل كدين مثل غيره"، مهاجما "الدعايات الانتهازية من السياسيين الذين يريدون بناء رأس مال سياسي على حساب الإسلام".
شكوى قضائية
ورفعت إحدى جمعيات مكافحة الإسلاموفوبيا في فرنسا دعوى ضد القرار لدى المحكمة الفرنسية العليا، يتوقع أن يتم البت فيها في الأيام القليلة المقبلة.
وقال مروان محمد، الناطق الرسمي باسم منظمة "تجمع ضد الإسلاموفوبيا" في فرنسا، إن قرار الحظر يهاجم الحريات الأساسية ويهمش النساء المسلمات، معتبرا أن هناك "إسلاموفوبيا سياسية هستيرية تدفع المواطنين ضد بعضهم البعض".
وخلصت الصحيفة إلى أن فرنسا تتعامل بأكثر القوانين تشددا في أوروبا في مجال لباس المرأة المسلمة، متسائلة عما إذا كانت القرارات مؤقتة أم دائمة.
وأشارت إلى أن "البوركيني" لا يتنافى مع نص القانون السابق الذي يحظر ارتداء البرقع في الأماكن العامة، والسبب أن البوركيني لا يخفي الوجه، وبالتالي فإنه يبقي التواصل ممكنا مع من يرتديه.