كشفت مصادر سياسية
مصرية مطلعة عن أن رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي لن يترشح لفترة رئاسية ثانية، نتيجة لضغوط وصفتها بالكبيرة من جهات داخلية وإقليمية ودولية، سوف تُمارس عليه خلال الفترة المقبلة لمنعه من الترشح مجددا.
وأوضحت المصادر- في تصريحات خاصة لـ"عربي 21"- أن "السيسي" بشكل شخصي يرغب في الترشح للرئاسة مرة أخرى، إلا أنه في النهاية سيرضخ لتلك الضغوط التي ستُمارس عليه لإثنائه عن هذا القرار، بحسب توقعات المصادر المطلعة التي رفضت الإفصاح عن هويتها.
دوافع عدم الترشح للرئاسة
وأكدت أن هناك دوافع متعددة تجعل الكثيرين سواء في الداخل أو الخارج يعتبرون ترشح السيسي لفترة رئاسية ثانية بمنزلة مغامرة ومقامرة وخيمة العواقب، وعلى رأس تلك الدوافع تفاقم الكثير من الأزمات الداخلية والخارجية على المستويات كافة، خاصة في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وانسداد الأفق السياسي، منذ انقلابه العسكري على الرئيس محمد مرسي في 3 تموز/ يوليو 2013.
وأشارت المصادر إلى صعوبة – إن لم يكن استحالة - تمرير أي مصالحة بين أطراف الأزمة المصرية المختلفة في ظل وجود السيسي في سدة الحكم.
تراجع شعبية السيسي
ونوهت إلى تراجع شعبية السيسي بقدر كبير عما كانت عليه سابقا في بداية الانقلاب، وهو ما يتضح للجميع، خاصة أن تقارير مخابراتية وأمنية رصدت هذا التراجع، مضيفة: "وبالتالي فسوف تضطر أجهزة الدولة للتزوير الفج – على غرار ما حدث في آخر انتخابات برلمانية جرت في عهد المخلوع حسني مبارك عام 2010- لصالح السيسي حال إصراره على الترشح ثانية، بخلاف ما حدث في انتخابات الرئاسة السابقة، وهو ما سيضع الدولة المصرية في موقف حرج للغاية داخليا وخارجيا".
وأكدت المصادر أن هناك جهات سيادية وشخصيات نافذة بالدولة المصرية، باتت مقتنعة بضرورة عدم ترشح السيسي لفترة رئاسية ثانية، لافتة إلى أن دول إقليمية وغربية - بعضها قدم دعما كبيرا لسلطة الانقلاب- يرون أيضا أنه من غير المناسب ترشح السيسي للرئاسة مجددا، خاصة في ظل رغبة ما لمحاولة إيجاد مخرج وحل للأزمة المصرية ولمنع انفجار الأوضاع.
تباين موقف المجلس العسكري
ورغم أن المصادر أوضحت أن هناك تباينا في موقف المجلس العسكري من فكرة ترشح السيسي للمرة الثانية في انتخابات الرئاسة، إلا أنها أكدت أن أكثر من نصف أعضاء المجلس العسكري باتوا رافضين لترشحه مرة أخرى، وأنهم سيسعون خلال الشهور القادمة لإقناع باقي الأعضاء المؤيدين لترشحه بالعدول عن موقفهم، بل ولإقناع السيسي نفسه، بعدم الترشح ثانية.
وأضافت: "استمرار السيسي في الحكم لفترة رئاسية ثانية أصبح شبه مستحيل، لأنه سيزيد الأوضاع سوءا أكثر مما هي سيئة، وحتما سيؤدي مستقبلا لكارثة قد تؤدي لانفجار الأوضاع بالبلاد، وتدخلها في منزلق خطير يصعب جدا السيطرة عليه، مهما كان حجم القمع والعنف، ومهما تلقى من مساعدات ومنح اقتصادية، في ظل تصاعد حالة الغضب الشعبي المكتوم ضده، واشتعال بعض الأزمات".
وأشارت المصادر إلى أن الجميع سيناله الضرر بشكل ما أو بآخر، وخاصة المؤسسة العسكرية التي جاء منها السيسي، والتي دفعت به للانقلاب ثم إلى سدة الحكم، مضيفة بأن إبعاده عن الحكم محاولة لامتصاص الغضب الشعبي ولحلحة الأوضاع، واتقاء لأي خطر قد يلحق بهم أو بشخص السيسي نفسه، فضلا عن الدولة ومؤسساتها.
ونوهت إلى أن استمرار وجود "السيسي" في الحكم يخصم كثيرا من رصيد المؤسسة العسكرية، وتتحمل بشكل مباشر جزءا كبيرا من فاتورة فشله وفاشيته، رغم أنها عنصر رئيسي من تلك الممارسات والقرارات، مؤكدة أن استمرار الأوضاع بشكلها الراهن يهدد أمن واستقرار البلاد مستقبلا.
اتصالات غير مباشرة للمصالحة
كما كشفت المصادر عن أن هناك ثمة اتصالات غير مباشرة بدأت مؤخرا بين تلك الجهات الرافضة لترشح السيسي مجددا وبعض الشخصيات المعارضة، لمحاولة إيجاد صيغة ما للتفاهم ورأب الصدع.
واستطردت قائلة: "رغم أن جميع الأطراف تنفي وجود أي نية للمصالحة، إلا أن الحقيقة تقول عكس ذلك، فقد بدأ التواصل بينهم- ولو كان بشكل غير مباشر- منذ فترة قريبة، لكنها بالتأكيد لن تخرج للعلن في الوقت الراهن، وسيتم التمهيد لها تدريجيا ومرحليا، عبر إجراءات قد تتخذ مستقبلا".
وتوقعت أن تجرى اتصالات مباشرة ومكثفة بين أطراف الأزمة- وفق تفاهمات إقليمية ودولية- قبل انتهاء فترة السيسي الأولى و"الأخيرة" بستة أشهر، وأنه خلال تلك الفترة ستتضح معالم ما وصفوه بالمصالحة المرتقبة، التي لا يستطيع أحد حاليا توقع نتائجها أو عما قد تنتهي إليه على وجه التحديد.
انقلاب أبيض ناعم
ووصفت المصادر بأن السيناريو الذي سيحدث بأنه بمنزلة انقلاب أبيض ناعم على الانقلاب العسكري، لكن من خلال صندوق الاقتراع، أو بالأحرى سيتم إخراجه هكذا (من خلال الانتخابات)، حيث سيتم التوافق على الشخص البديل للسيسي، وبما يضمن ما وصفوه بالخروج الكريم والآمن للسيسي، وبالتالي يعد بداية حقيقة لحل الأزمة المصرية، وفق قولهم.
ومؤخرا، نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا عن "تخريب مصر" في عهد "السيسي"، مؤكدة أن الضغوط الاقتصادية والسكانية والاجتماعية داخل مصر تتزايد، ولا يمكن للسيسي الحصول على استقرار دائم، ويجب فتح النظام السياسي، والسبيل الوحيد للبداية الجيدة هو إعلان السيسي أنه لن يرشح نفسه في انتخابات عام 2018.
وعلق مستشار ولي عهد أبو ظبي، عبد الخالق عبد الله، على دعوة مجلة "إيكونومست" البريطانية عبد الفتاح السيسي إلى عدم الترشح للرئاسة عام 2018، قائلا - في تغريدة له عبر "تويتر"- إنه "ربما حان الوقت لأن يسمع السيسي هذه النصيحة الحريصة من عواصم خليجية، معنية بمستقبل الاستقرار في مصر"، وفق قوله.
وحين سأله مغرد عن البديل في مصر، معتبرا أن "السيسي أفضل حل سيئ لرئاسة مصر"، وفق قوله، أجاب عبد الخالق بأن "مصر فيها رجال محنكون، وبصفات زعامية.. والشعب المصري يقرر".
وفي 3 حزيران/ يونيو 2014، أعلنت لجنة الانتخابات الرئاسية المصرية رسميا فوز قائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسي برئاسة مصر بحصوله على 96.91%. ومن المقرر أن تبدأ إجراءات الانتخابات الرئاسية المقبلة قبل منتصف عام 2018.