يخوض خمسة
مسيحيين الانتخابات النيابية القادمة في الأردن، من خلال الترشح عبر قوائم "التحالف الوطني" المدعومة من حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان
المسلمين، حيث أعلن الحزب عن مشاركة كل من
عودة قواس وناصر النمري ومبارك الطوال وطارق عازر وعاكف سميرات، عن مقعد الكوتا المخصص للمسيحيين.
ومنح قانون الانتخاب الأردني أبناء الطائفة المسيحية تسعة مقاعد، موزعة على محافظات المملكة تحت اسم "الكوتا"، إلى جانب مقاعد مخصصة للشيشان والشركس، مانعا الأقليات من الترشح خارج تلك الدوائر المُحددة.
هجوم مجتمعي
وأثار ترشح مسيحيين على قوائم مدعومة من حزب سياسي عقائدي؛ تساؤلات حول نقاط الالتقاء بين الطرفين، في وقت تعرض فيه المرشحون المسيحيون المنضوون تحت قائمة التحالف؛ لهجوم من قبل أفراد في مجتمعهم، وصلت إلى درجة مقاطعتهم، وشن حملة مضادة تطالبهم بفك التحالف مع الإسلاميين.
وأكد المرشح عن
المقعد المسيحي في عمان، عودة قواس، أنه "تعرض لضغوط بسبب تحالفه مع الإسلاميين".
وقال لـ"
عربي21" إن "هذه الضغوط لا قاعدة صلبة لها، ويجب على المرشح أن يكون صلبا في الدفاع عن اختياراته".
وتعرضت صفحة المرشح قواس على موقع "فيسبوك" لهجوم من بعض أبناء الطائفة المسيحية، واصفين إياه بـ"الداعشي" و"الشيخ قواس"، وطال الهجوم هندام المرشح بعد إطالته للحيته، واتهمه بعض المعلقين بـ"إطالة اللحية تماشيا مع تحالفه مع الإخوان المسلمين".
ورد قواس على منتقديه بالقول إنه "لم يغير دينه لمجرد دخوله في تحالف سياسي يضم عدة ألوان".
وعلل دخوله في قائمة التحالف بـ"رغبته في الترشح من خلال قوائم سياسية"، موضحا أنه "لم أجد قوائم أخرى لها طعم سياسي كقوائم التحالف التي تغطي ثماني محافظات".
وتابع: "أسعى في حال النجاح؛ إلى تشكيل كتلة برلمانية قوية، تستطيع أن تفرض توجهات سياسية محددة لمصلحة الوطن".
تحالف سياسي
من جهته؛ قال المرشح عن المقعد المسيحي في مدينة مأدبا، مبارك الطوال، إن "التحالف مع الإسلاميين في الانتخابات هو تحالف سياسي، وليس عقائديا، ولا يشكل تخليا عن الدين".
وأضاف لـ"
عربي21": "أنا قيادي في حزب الجبهة الأردنية الموحدة، وقرار مشاركتنا في التحالف قرار مركزي من الحزب؛ بعدما واجهنا صعوبة كبيرة في تشكيل قائمة بسبب القانون السيئ الذي لا يعطي مجالا للوصول إلى القبة إلا بتحالف".
وأوضح أن "حزب جبهة العمل الإسلامي يرفع شعارات وطنية تهدف لوصول عدد كبير من الحزبيين إلى القبة"، مشيرا إلى أن "العمل الإسلامي حزب أردني مرخص، نلتقي معه في العديد من القضايا، كالتصحيح الاقتصادي، ومحاربة الفساد".
وحول تعرضه لضغوط من قبل الطائفة المسيحية؛ قال الطوال إنه "يتعرض لضغوط من ناس يجهلون السياسة، ويسعون للتشويش، ويتكلمون بطريقة تعصبية، رغم أن بعضهم غير ملتزم دينيا".
من جانبه؛ اعتبر المرشح عن المقعد المسيحي في قوائم التحالف بمحافظة البلقاء، عاكف سميرات، أن "برنامج الإسلاميين الانتخابي يتحدث عن هموم الوطن والمواطن، والمصلحة الوطنية، والتناغم الاجتماعي، ما يتفق مع معطيات الدولة الأردنية"، مؤكدا أنه "لا اختلافات في هذا الطرح بين مقعد مسيحي، وبين حزب جبهة العمل الإسلامي".
وتوقع سميرات أن "تفرز الساحة السياسية في المستقبل معطيات جديدة؛ تغير النهج السلوكي للمواطنين الرافضين لهذا التحالف".
تكريس التعايش الديني
واتفق المرشحون المسيحيون على أن هذا التحالف "فرصة لتكريس فكرة التعايش الديني"، وفي هذا السياق قال قواس: "كوننا نعيش في الشرق الأوسط مسلمين ومسيحيين؛ فإن علينا واجبا كبيرا بأن نحارب قضية الإسلاموفوبيا، والتخويف من الدين الإسلامي السمح، وهذا من أحد الواجبات المترتبة علينا لكي يفهم العالم كيفية التعايش بسلام وبسلاسة ما بين الدينين".
وأضاف أن "أقوى مؤشر لمحاربة الإسلاموفوبيا؛ هو تشارك المسيحيين والمسلمين في العمل السياسي"، مشيرا إلى أن "انفتاح جبهة العمل الإسلامي على أطياف النسيج الوطني الأردني؛ هو إثبات لوجود التعايش الإسلامي المسيحي، واثبات للخصوصية الأردنية أيضا".
منفعة متبادلة
أما المحلل السياسي جهاد المنسي؛ فرأى أن هناك "منفعة متبادلة بين الطرفين الإسلامي والمسيحي، إذ سيستفيد المرشحون المسيحيون من خزان الأصوات المتوفر لجماعة الإخوان وحزب جبهة العمل الإسلامي، بينما سيقدم حزب جبهة العمل الإسلامي صورة للعالم ملخصها أننا ملتزمون بالتعايش المشترك".
وقال المنسي لـ"
عربي21" إن في هذا التوجه رسالة أيضا من جماعة الإخوان للحكومة الأردنية، مفادها "أننا منفتحون على الجميع، ونحن في دولة واحدة، ونبعد الدين عن العمل السياسي"، مضيفا أن "هذا توجه محمود، وأرجو أن يكون توجها حقيقيا عند الإخوان، وليس توجها مرحليا فقط".
ليست سابقة
بدوره؛ أكد نائب الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، علي أبو السكر، لـ"
عربي21" أن "إشراك المسيحيين في قوائم الحزب ليست سابقة"، لافتا إلى أن "الحزب دعم مرشحين مسيحيين للبرلمان في انتخابات عام 1989، كما أنه شغل مسيحي منصبا قياديا في حزب جبهة العمل الإسلامي في 2007".
وكان المسيحي عزيز مساعدة قد انتخب عضوا في الهيئة الإدارية لفرع الحزب في دائرة عمان الثالثة، قبل أن يضطر للاستقالة من الحزب بعد أسبوع من انتخابه، بفعل ضغوط مجتمعية وصفها في كتاب استقالته بـأنها "ضغوط ذات أبعاد دينية، ومحاولة لتشويه سمعته".