أبطلت محكمة الاستئناف في نيويورك الأربعاء حكما يقضي بأن تدفع السلطة
الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية مبلغ 655 مليون دولار، على خلفية ستة اعتداءات تم ارتكابها بين عامي 2002 و2004 في إسرائيل، وقتل فيها أمريكيون وجرح آخرون، وأوصت بطي ملف القضية.
ومن دون أن تقلل من تأثير تلك الاعتداءات، اعتبرت محكمة الاستئناف أن المحكمة التي اتخذت قرار الإدانة في شباط/ فبراير 2015 لم يكن من اختصاصها النظر في هذه القضية.
وكتبت محكمة الاستئناف في قرار مؤلف من 61 صفحة أن "الهجمات بسلاح رشاش والتفجيرات الانتحارية التي كانت سببا لهذه القضية كانت بلا شك رهيبة"، لكنها أشارت في المقابل إلى أن المحكمة الاتحادية لم يكن من اختصاصها النظر في القضية.
وكتب القاضي جون كويلتل في قرار اتخذه ثلاثة قضاة من محكمة الاستئناف في الدائرة الثانية في مانهاتن: "نحن نبطل الحكم الصادر عن المحكمة الاتحادية، ونوصي بطي هذه القضية؛ لأن المحاكم الاتحادية ليس من اختصاصها" النظر بالقضية.
وبعد الاعتداءات التي أدت في المجموع إلى مقتل 33 شخصا وجرح 390 آخرين، رفعت 11 من عائلات الضحايا الأمريكيين دعوى مدنية أمام محكمة اتحادية في مانهاتن عام 2004 للحصول على تعويض في إطار قانون مكافحة الإرهاب، الذي يسمح لضحايا الإرهاب الدولي باللجوء إلى المحاكم الأمريكية.
وعلى إثر سبعة أسابيع من النقاش ويومين من المداولات، اعتبر 12 محلفا في شباط/ فبراير 2015 أن
السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية تتحملان مسؤولية دعم تلك الاعتداءات، ومنحوا ما بين مليون و25 مليون دولار لكل أمريكي أصيب أو فقد أحد أفراد أسرته في تلك الاعتداءات.
وكانت تلك الاعتداءات ارتكبها ناشطون في حركة حماس، أو في "كتائب شهداء الأقصى" الجناح المسلح لحركة فتح برئاسة محمود عباس، والتي تشكل القوة الرئيسية داخل
منظمة التحرير الفلسطينية.
وحركة حماس و"كتائب شهداء الأقصى" مدرجتان على اللائحة الأمريكية للمنظمات الإرهابية.
"قرار قاس"
وكانت هيئة المحلفين اعتبرت وقتذاك بالإجماع أن السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية تتحملان المسؤولية، وذلك بالنظر إلى 25 عنصر اتهام على ارتباط بتلك الاعتداءات.
وكان الحكم الصادر بالتعويضات جاء أقل من مبلغ مليار دولار الذي كان محامو المدعين يأملون بالحصول عليه، لكن أحد المحامين، ويدعى كينت يالويتز، أشاد في ذلك الوقت بـ"يوم عظيم لبلدنا، وللذين يقاومون ضد الإرهاب".
غير أن يالويتز عبر في بيان الأربعاء عن أسفه لـ"قرار قاس" صادر عن محكمة الاستئناف.
وقال لصحيفة "نيويورك تايمز" إن "الإرهابيين أنفسهم الذين دفعوا إلى تبني قانون مكافحة الإرهاب، يختبئون الآن وراء دستور الولايات المتحدة؛ لتجنب تحملهم مسؤولية جرائمهم"، داعيا لما اعتبره "تصحيح هذا القرار القاسي حتى يتم تحقيق العدالة لهذه العائلات".
في ذلك الوقت، كانت الحكومة الفلسطينية تواجه مشكلات مالية خطيرة، وتشعر بالقلق إزاء عواقب مثل هذا الحكم، فشجبت هذه الاتهامات التي "لا أساس لها"، معلنة على الفور أنها ستستأنف الحكم.
وفي آب/ أغسطس 2015، أعلنت الحكومة الأميركية أنها عبرت للمحكمة خصوصا عن "قلق الولايات المتحدة (في هذا الملف) إزاء الأضرار التي يمكن أن تحدث" إذا تعرضت للخطر قدرة السلطة الفلسطينية على العمل كحكومة.
وبعد وقت قصير، طلب القاضي الأمريكي المكلف القضية أن تدفع السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية مبلغ عشرة ملايين دولار (8,6 ملايين يورو)؛ وذلك بهدف تجنبيهما أن تدفعا بشكل فوري مئات ملايين الدولارات التي طالبت بها المحكمة، إلى حين أن يتم البت بدعوى الاستئناف.
وكانت القيادة الفلسطينية اعتبرت وقتذاك أن هذه القضية محاولة أخرى لمنع إقامة دولة فلسطينية، ومواصلة الاستيطان، وصرف الأنظار عن الظلم اليومي بحق شعبها.