نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرا تحدثت فيه عن مستقبل
أوروبا والمعركة من أجل "روح أوروبا" بين
أنجيلا ميركل ومارين لوبان.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن هذه المعركة هي بالأساس صراع شخصيات ورؤى متناقضة تماما، فالجبهة الأولى، تمثلها المستشارة الألمانية ميركل، وتمثل الجبهة الثانية
مارين لوبان زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية، أكبر حزب يميني متطرف في أوروبا.
وفي الوقت الذي تستعد فيه بريطانيا لمغادرة الاتحاد الأوروبي، يمكن القول إن البعد الفرنسي الألماني، لتحديد مصير القارة، لم يبلغ هذه الدرجة من الأهمية منذ نهاية الحرب الباردة. كما أن تواصل أوروبا كمشروع بات على المحك، حيث تطرح تساؤلات حول إمكانية إنقاذ المبادئ الأساسية مثل سيادة القانون والديمقراطية والتسامح.
وإن كانت هذه المعركة ستتجسد على الصعيد الوطني في عام 2017، في
الانتخابات الفرنسية والألمانية، فإن الأمر يهم جميع الأوروبيين.
وأضافت الصحيفة أنه في الوقت الذي تتواجد فيه ميركل في السلطة منذ عام 2005، تحلم لوبان في الوصول إلى السلطة في فرنسا إلا أنها لم تتمكن من تحقيق حلمها ولو لمرة واحدة. مضيفة أن الغريب هنا هو أن شخصية المعارضة الفرنسية باتت بارزة أكثر من شخصية الرجل الذي يجلس حاليا في قصر الإليزيه؟
بكل بساطة، يمكن أن يفسر ذلك، بالتراجع والضعف الذي أبداه فرانسوا هولاند تجاه الأزمات التي تواجهها فرنسا، بالإضافة إلى الإرهاب الذي جعل السياسة الفرنسية تضع توقعات لوبان كمفتاح للأزمات التي تواجهها أوروبا.
وأضافت الصحيفة أنه من بين الأشياء المطمئنة، نجد أن لوبان تملك فرصة ضئيلة من أجل الوصول إلى قصر الإليزيه، على الرغم من أن سياستها وأفكارها المعادية للإسلام وللأجانب انتشرت كالنار في الهشيم في الأشهر الأخيرة، مستفيدة من الضجة التي أثارتها قضية البوركيني، ومن الصدمات التي سببتها العمليات الإرهابية الأخيرة.
وأوردت الصحيفة أنه من الصعب معرفة إذا ما كان هناك سياسي فرنسي أو حركة تملك السلطة والقوة لمعارضة أفكار لوبان أو مواجهة شعبيتها بين الطبقات الوسطى في الضواحي الفرنسية وفي المناطق الريفية.
كما قالت الصحيفة إن هذا الخصم الذي يمكنه تحدي لوبان، يمكن العثور عليه خارج فرنسا وتحديدا في ألمانيا، مع التذكير بأن لوبان تكره ميركل، تماما كما تكره المستشارة لوبان، فهما يواجهان بعضهما البعض في معركة ذات أبعاد أوروبية.
وفي هذا الإطار، هاجمت لوبان ميركل في أكثر من مناسبة، واتهمتها في إحداها بأنها فرضت "الهجرة غير الشرعية" على كامل أوروبا، في حين عبرت المستشارة الألمانية عن أن لوبان تمثل تهديدا سياسيا حادا بالنسبة لأوروبا.
وأوضحت الصحيفة أنه رغم هذه الحرب القائمة بين الزعيمتين، فإن هناك نقاطا مشتركة بينهما؛ على رأسها عمق القناعة السياسية. ففي حين ترحب ميركل باللاجئين وتؤكد أن استقبالهم هو الخيار الصائب، تعارض لوبان ما تسميه "بانتشار التيار الإسلامي" في القارة. وفي الوقت الذي تحاول فيه ميركل حفظ المشروع الأوروبي، تنحاز لوبان إلى القوى التي تريد تفكيكه.
وبالإضافة إلى ذلك، جدير بالذكر أن ميركل تدعم حلف شمال الأطلسي، في حين تبدي لوبان مساندتها لروسيا وبوتين. كما أن لوبان تمثل أيديولوجيا اليمين المتطرف التاريخية، والأفكار الفرنسية التي أسسها شارل موراس والعنصرية الاستعمارية؛ وفي المقابل فإن ميركل -ابنة قس بروتستانتي ـ داعمة للحريات الفردية.
وأضافت الصحيفة أنه لعقود، كان يطلق على المشروع الأوروبي "المحرك الفرنسي الألماني"، إلا أن هذا المحرك قد تعطل الآن؛ وذلك بسبب الضعف الاقتصادي في فرنسا، الذي تبعه اختلال توازن في العلاقات الثنائية التي تجمع البلدين.
وبينت الصحيفة أن استراتيجية ميركل المعارضة للوبان اتسمت بالتحفظ، إلى غاية تصريح المستشارة بأن هناك في فرنسا "قوى سياسية أخرى أقوى من الجبهة الوطنية من الممكن أن تكون في الخارج". وبسبب هذه التصريحات اتهم أنصار لوبان المستشارة بالتدخل في السياسة الفرنسية.
وأضافت الصحيفة أن يوم الأحد القادم، هو موعد الانتخابات الإقليمية في مكلنبورغ، فوربومرن، وموعد الاختبار المهم بالنسبة لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تتزعمه ميركل. وفي الوقت ذاته، ستراقب لوبان النتائج عن كثب، لأن النتائج الأولية ستحدد الملامح الأولى لمستقبل أوروبا.