"تصبح الحياة سوداء وبلا طعم، والمستقبل ضبابي والتوقع دائما للأسوأ".. بهذه الكلمات، عبّر المقدسي فخري أبو دياب، عضو لجنة الدفاع عن
سلوان، عقب تسمله أكثر من مرة إخطارات إدارية من الاحتلال بهدم منزله الكائن في حي البستان ببلدة سلوان، الواقعة جنوبي المسجد الأقصى المبارك.
جرافات الاحتلال
وتقوم سلطات الاحتلال
الإسرائيلي، وبشكل شبه يومي، بتوزيع إخطارات هدم وبلاغات لمراجعة بلدية الاحتلال في كل مناطق وأحياء مدينة
القدس، بحجة البناء دون ترخيص، وهي سياسة تعتمدها "إسرائيل" لتهويد المدينة المقدسة.
وقال أبو دياب، الذي ولد في بيته المهدد بالهدم عام 1962: "في كل لحظة نتوقع أن تأتي جرافات الاحتلال لهدم منزلنا الذي تربينا فيه وأنفقنا كل ما لدينا من أجل إقامته"، مضيفا لـ"
عربي21": "في كل جلسة تجمعني بزوجتي وأولادي وأحفادي؛ أشعر أنها الجلسة الأخيرة لنا داخل منزلنا". فحتى أصوات الشاحنات التي تمر بالقرب من منزله؛ يتوقع عضو لجنة الدفاع عن سلوان أنها قادمة لهدم بيته.
ويؤكد أبو دياب أن "هدم المنزل لا يعني هدم الجدران أو الأحجار، وإنما هدم عائلة آمنة ومستقبل جيل بكامله، وهدم ذكرياتي.. فما تزال رائحة والدتي في كل زاوية من البيت"، وفق تعبيره.
وبيّن فخري أبو دياب، أن "تسليم إخطار الهدم؛ يتبعه الكثير من الإجراءات المتعلقة بالغرامات المالية والإجراءات التعسفية"، لافتا إلى أن بلدية الاحتلال في القدس "عندما تريد تسليم إخطار هدم لأحد المواطنين المقدسيين؛ تعتمد أسلوب الترهيب، عبر إحضار عدد كبير من قوات حرس الحدود والشرطة الإسرائيلية المدججين بالسلاح والعتاد، حتى يخيل لك أنهم يريدون احتلال المنطقة من جديد"، وفق قوله.
سياسة إرباك
وحول ردود فعل الأطفال عند تسليم إخطار الهدم، أكد أن سلطات الاحتلال "تعمل على تحطيم معنويات ونفسيات الأطفال"، موضحا أنه عند تسلمه أول أمر أخطار هدم عام 2005، "ومن هول الصدمة، فقد طفلي الصغير أنس وقتها القدرة على النطق، وأصبح يعاني إلى أن أصبح طالبا في الجامعة؛ من عدم قدرته على مشاركة الآخرين".
وقال: "دائما يوجَه لي سؤال من قبل عائلتي: هل من جديد بخصوص قرار الهدم؟ ومتى سيهدم بيتنا؟".
من جانبه، أكد رئيس مركز القدس الدولي، حسن خاطر، أن الاحتلال "يعتمد في المدينة المقدسة؛ سياسة إرباك وعدم استقرار حياة الإنسان المقدسي، واستمرار شعوره بفقدان الأمان، وهي ركيزة أساسية في تعامله مع المقدسيين".
وأوضح لـ"
عربي21" أن "المقدسيين يواجهون قرارات تتعلق بوجودهم في كل أحياء ومناطق القدس المحتلة"، مؤكدا أن "البيوت التي اتخذت فيها سلطات الاحتلال قرارات بالهدم في مدينة القدس المحتلة يتجاوز عددها 16 ألف منزل، وهو ما يعني أن كل مواطن مقدسي مرشح لأن يستلم مثل هذا القرار، ولك أن تتخيل كيف يكون واقع المقدسيين"، وفق تعبيره.
وأضاف خاطر: "هناك وجه آخر لسياسية الهدم التي يتبناها الاحتلال؛ وهو عدم منح أي تراخيص بناء جديدة للمقدسيين"، لافتا إلى أن "من يريد من المقدسيين أن يحصل على ترخيص بناء، فعليه أن يفي بشروط الاحتلال التعجيزية والمستحيلة، سواء كانت على مستوى التمويل أو متطلبات بلدية الاحتلال".
غرامات مالية
وقال: "أصبح المواطن المقدسي بين فكي كماشة؛ بحيث يستهدف الاحتلال الوجود العمراني المقدسي، مع عدم السماح بالتمدد والتوسع العمراني الطبيعي، وإشعار المواطن بالخوف والقلق المستمر نتيجة إخطارات وقرارات الهدم الجائرة".
وأشار رئيس مركز القدس الدولي؛ إلى أن "معركة الديمغرافيا مستمرة على أشدها في القدس المحتلة؛ لأن المقدسي لم يستسلم لإجراءات الاحتلال التي تهدف لنزعه من أرضه وإلقائه خارج القدس، وتمكن من غرس جذوره والانتصار في هذه المعركة"، لافتا إلى أنه "رغم ضعف قدراته المالية؛ يقوم (المواطن المقدسي) بالبناء والتوسع رغم علمه المسبق أنه سيُهدم، أو أنه سيجلب عليه غرامات مالية كبيرة".
وأعرب عن أسفه "لعدم تلقي المقدس دعما كافيا على المستوى
الفلسطيني والعربي والإسلامي؛ من أجل دعم استمراره في هذه المعركة"، داعيا جميع الأطراف "إلى توفير الدعم المالي والسياسي للمقدسيين عبر صندوق خاص لدعم البناء ومحاربة سياسة الهدم، وفق رؤية استراتيجية تعزز من صمود أهل القدس".
وحول أكثر المناطق استهدافا من قبل الاحتلال، قال خاطر: "وفق أولويات الاحتلال
التهويدية، يركز على استهدافه مناطق معينة داخل القدس أكثر من مناطق أخرى"، مشيرا إلى أن "منطقة سلوان من أكثر المستهدفة في هذه المرحلة من قبل سلطات الاحتلال؛ لأنه يريد أن يقيم مدينة داود المقدسة والمزعومة على أراض وادي حلوة الواقعة بحي سلوان جنوب الأقصى"، وفق قوله.