قال وزير الخارجية
الإيراني جواد
ظريف، إن "أكثر حالات العنف التي تمت من خلال سوء استغلال الإسلام تمتد جذورها في الوهابية"، داعيا حكام
السعودية إلى "التخلي عن الإعلانات القائمة على الاتهام والرعب والتعاون مع المجتمع الدولي للقضاء على آفة الإرهاب"، على حد تعبيره.
وأضاف ظريف، في مقال له مع صحيفة "
نيويورك تايمز"، الأربعاء، أن "شرکات العلاقات العامة وشرکات الدعاية والإعلان التي لا تخشى استلام أموال البترودولار، وجدت أمامها اليوم فرصة غير مسبوقة لجني الأموال الطائلة وتحاول في أحدث إعلاناتها إقناعنا بأن جبهة النصرة، أي فرع القاعدة في سوريا، لم يعد لها وجود، وکما أعلن أحد الناطقين باسم هذه الجبهة لشبکة (سي إن إن)، فإنها غيرت اسمها وانفصلت عن إرهابيي القاعدة وصارت معتدلة".
وتابع: "إنهم يطرحون مثل هذا التعصب والأفق الضيق علي أنه الرؤية المشرقة للقرن الـ21، لکن مشکلة زبائن هذه المؤسسات الإعلانية، وغالبيتهم من السعوديين، تعود إلى دعمهم المالي العلني لجبهة النصرة، وعلى هذا فإن الوثائق والسجلات الموجودة بشأن السياسات المخربة لهؤلاء لا يمکن تدميرها أو تغييرها"، معتبرا أن مشهد ذبح طفل فلسطيني لم يتجاوز الـ12 من عمره على يد من يسمون "المعتدلين" لم يکن إلا نموذجا مروعا للحقائق الموجودة، على حد قوله.
وواصل وزير الخارجية الإيراني المعتدل هجومه على السعودية، قائلا إنه "منذ هجمات 11 أيلول حتى الآن، فقد عملت الوهابية الداعية للحرب على تغيير صورتها مرات عديدة دون أن يطرأ أي تغيير على عقيدتها أو سياستها، سواء عندما خرجت على شکل طالبان أم أحد الفروع المستحدثة للقاعدة، أو عناصر ما يسمى (الدولة الإسلامية) التي هي لا دولة ولا إسلامية، فالملايين ممن ذاقوا القساوة والمعاناة على يد جبهة النصرة لا يمکن أن يصدقوا رواية الانفصال المزعوم لجبهة النصرة عن القاعدة"، على حد تعبيره.
وادعى ظريف أن "الأدلة تثبت أن الجهود التي ترکزت لتحسين وجه جبهة النصرة کان الهدف منها هو تسهيل إرسال الدولارات النفطية إلى الجماعات المتطرفة في سوريا، والتي کانت ترسل سرا إليها وکذلك تشجيع بعض الحکومات الغربية على دعم من تطلق عليهم (المعتدلين)"، معتبرا أن "أن تواجد غالبية النصرة في الاتحاد الراهن للمعارضة في حلب، حقيقة تفند کل ما تروجه مثل هذه الإعلانات".
وتابع: "إن جهود السعودية لإقناع أسيادها الغربيين لدعم سياساتها الضيقة، قائمة على أسس باطلة هدفها نشر المزيد من الفوضى في العالم العربي بهدف توجيه الضربات للجمهورية الإسلامية الإيرانية"، معتبرا أن "ما يتردد من أوهام أن انعدام الاستقرار في المنطقة قد يؤدي إلى احتواء إيران أو أن العداء المزعوم بين الشيعة والسنة قد ينتهي بالصراع في المنطقة، يعارض الحقيقة تماما، ذلك لأن أبشع نماذج إراقة الدماء في المنطقة کانت لإخواننا من أهل العرب والسنة وعلى يد الوهابيين".
واتهم ظريف السعودية بدعم "المتطرفين الذين يقومون بتصفية المسيحيين واليهود والإيزيديين والشيعة وجميع المرتدين"، معتبرا أن "العرب السنة في المنطقة کانوا الأكثر تضررا من عقلية الکراهية المفروضة"، موضحا أن "ما هو دائر اليوم ليس الخلاف التاريخي الموهوم بين الشيعة والسنة، بل هو مواجهة ما بين الوهابية والشريعة الإسلامية الحقيقة، وهي المواجهة التي ستترك آثارا و تداعيات کثيرة على المنطقة وعلى مختلف أنحاء العالم".
واتهم ظريف أمراء الرياض "بجر المنطقة إلى ما کانت عليه أيام صدام في العراق، أي أن يکون هناك حاکم عميل ظالم مدعوم ماليا من عرب المنطقة والغرب يقف بتهديداته الموهومة أمام إيران"، مستدركا بقوله: "إنهم يواجهون مشکلة رئيسة، وهي أن صدام مات منذ سنين، ولا يمکن إعادة الزمن إلى الوراء".
"ما معنى التغيير؟"
وتساءل ظريف مستنكرا بقوله: "ما معنى التغيير؟"، موضحا أن "الرياض أنفقت خلال العقود الثلاثة الماضية عشرات المليارات من الدولارات لتصدير الوهابية عبر بناء الآلاف من المساجد والمراکز الدينية في مختلف أنحاء العالم"، معتبرا أن "هذه العقيدة المنحرفة خلفت الکثير من الدمار من آسيا إلى أفريقيا ومن أوروبا إلى أمريكا".
وتابع: "إن الوهابية رغم أنها لم تقدر أن تؤثر إلا على فئات قليلة جدا من المسلمين، فإن ما خلفته من دمار کان عظيما جدا"، معتبرا أن "جميع الجماعات الإرهابية التي أساءت استغلال الإسلام (سواء القاعدة أم فروعها في سوريا وبوکو حرام في نيجيريا) تأثرت بهذه الفرقة الفتاکة".
وأضاف أن "السعوديين تمکنوا حتى الآن، ومن خلال استخدام ورقة إيران، من تشجيع حلفائهم على تأييد ما يرتکبونه من حماقات في سوريا واليمن، لکن ما من شك في أن الوضع سيتغير من حيث أن دعم الرياض المتواصل للتطرف القائم على الحروب، کشف عن زيف ما تدعيه السعودية من أنها عنصر للاستقرار"، على حد قوله.
واعتبر أن الفوضى الجارية في المنطقة سببها "النزاع بين الوهابية وأهل السنة"، داعيا الأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءات منسقة لوقف الدعم المالي للعقائد القائمة على التطرف، وأن يکون المجتمع الدولي أکثر نشاطا في رصد قنوات إرسال الدعم المالي والتسليحي للإرهابيين"، على حد قوله، في الوقت الذي تدعم فيه إيران عشرات الآلاف من المسلحين في سوريا والعراق بشكل علني.
واختتم ظريف بقوله إنه "رغم أن أکثر حالات العنف التي تمت من خلال سوء استغلال الإسلام امتدت جذورها إلى الوهابية، لکنني لا أقول أبدا إن السعودية لا يمکنها أن تکون جزءا من الحل"، داعيا الحكام السعوديين إلى "التخلي عن إعلاناتهم القائمة علي الاتهام والإرعاب والتعاون مع سائر أعضاء المجتمع الدولي للقضاء على آفة الإرهاب والعنف التي باتت تهددنا جميعا"، على حد قوله.