رفض ممثل حزب "الاتحاد الديمقراطي الكردي" في روسيا، رودي عثمان، خروج قوات
سوريا الديمقراطية التي تشكل قوات حزبه عمودها الفقري؛ من مدينة منبج بريف
حلب الشرقي، بينما حذر قائد في
الجيش الحر من أن ما وصفه بـ"تعنت" وحدات حماية الشعب الكردية وإصرارها على البقاء غرب نهر الفرات "سيدفعنا للخيار العسكري من أجل السيطرة على مدينة منبج والمواقع المحيطة بها".
وكان عثمان قد قال لوكالة سبوتنك الروسية، إن القوت الكردية لن تخرج من مدينة منبج، التي سيطرت عليها بجهد كبير، رغم مطالبات تركية بإخلاء من غرب نهر الفرات القوات الكردية.
وأضاف عثمان أن عملية السيطرة على منبج استمرت أكثر من 70 يوما، لقي فيها الكثير من مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية حتفهم، "وتعرضت القوات الكردية خلال العملية لخمس هجمات من الجانب التركي، لذا لا يمكن لتركيا أن تعول بعد ذلك على خروجنا من منبج"، كما قال.
ورأى أن الهدف الأساسي للأتراك ليس محاربة تنظيم الدولة وإنما هو غطاء لمحاربة الأكراد، معتبراً أن "
تركيا وتنظيم الدولة الإرهابي لم يتحاربا أبداً"، على حد قوله.
واتهم المسؤول الكردي تركيا بصناعة تنظيم الدولة، بينما اعتبر أن روسيا تلعب دوراً هاماً في إيجاد التوازن بين مختلف القوى في منطقة الشرق الأوسط، و"لذلك فإن أكراد سوريا يهتمون بالحفاظ على علاقات الصداقة مع روسيا"، حسب قوله.
وكانت فصائل من الجيش السوري الحر متحالفة مع تركيا؛ قد أعطت القوات الكردية والمجموعات المتحالفة معها؛ مهلة للانسحاب من مدينة منبج والمواقع المحيطة بها، وسط تأكيدات أمريكية قدمتها واشنطن للجانب التركي، بأنها طلبت من المقاتلين الأكراد الانسحاب إلى الضفة الشرقية لنهر الفرات في شمال سوريا.
من جانبه، انتقد أبو جاسم، قائد لواء "سرايا جرابلس"، أحد فصائل الجيش الحر في المنطقة، تعنت وحدات حماية الشعب الكردية وإصرارها على البقاء غرب نهر الفرات.
وقال "أبو جاسم" في حديث خاص لـ"
عربي21": "وفق المعلومات التي نملكها، فإن
الوحدات الكردية لا تنوي الانسحاب من منطقة منبج، حيث تقوم بتجهيز نفسها للمواجهات معنا من خلال تجهيز خطوط الدفاع، الأمر الذي سيدفعنا للخيار العسكري من أجل السيطرة على مدينة منبج والمواقع المحيطة بها".
وأكد أبو جاسم على مضي المعارضة بقوة نحو تطويق مدينة منبج، بعد السيطرة على قرية العمارنة وتلها مؤخراً، ما أدى إلى عزل قوات سوريا الديمقراطية في منبج، وتقليص حجم قدراتها العسكرية.
وبدأت الفصائل المدعومة من تركيا؛ المرحلة الثانية من عملية "درع الفرات"، وتمكنت من توسيع مناطق سيطرتها إلى الغرب من مدينة جرابلس، في ريف حلب الشمالي الشرقي، وسط غطاء جوي من المقاتلات التركية التي ضربت مواقع لتنظيم الدولة وقوات سوريا الديموقراطية التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية
اعتقالات في منبج
في الأثناء، نفذت الوحدات الكردية حملة اعتقالات واسعة في مدينة منبج وقراها بريف حلب الشرقي، طالت نحو 350 شخصا من المدنيين، بتهمة العمالة مع تنظيم الدولة، وذلك بعد مداهمة منازلهم والعبث بمحتوياتها ومصادرة ممتلكاتهم الخاصة.
وقال الناشط الإعلامي وائل الخلف لـ"
عربي21" إن الوحدات الكردية أجرت تحقيقات ميدانية مع غالبية المدنيين الذين تم اعتقالهم، وقامت بتخريب محتويات منازلهم وصادرت ممتلكاتهم الخاصة مثل هواتفهم الخلوية وسياراتهم، وفق قوله.
وأشار الناشط الإعلامي إلى أن معظم المعتقلين كانوا نازحين في منطقتي أبو قلقل وسد تشرين، عند اقتحام القوات الكردية لمدينة منبج وسيطرتها على الأحياء الأولى في المدينة، لكن هذه القوات سمحت لهم بالعودة إلى منازلهم مؤخراً لتقوم باعتقالهم فيما بعد.
وذكر الخلف أن معظم المعتقلين جرى اعتقالهم أكثر من مرة، مبينا أنه "تم استنزافهم" جراء اعتقالاتهم المتكررة، حيث تم تحويلهم إلى مدينة عين العرب (كوباني)، بينما تم الإفراج عن بعضهم "لعدم وجود مبررات أو أسباب لاعتقالهم".
ورجح الناشط، أن تكون عمليات الاعتقال "محاولة من القوات الكردية لفرض مزيد من السيطرة وبث الرعب في صفوف الأهالي بمدينة منبج، لردعهم ومنعهم من التفكير بإعطاء أية معلومات ضدها"، خاصة في ظل تدهور الأوضاع الأمنية في الآونة الأخيرة.
من جهته، قال المحامي والناشط الحقوقي، زكريا الحسن، إن المعتقلين المدنيين في سجون القوات الكردية يعانون من صعوبات في التنفس بسبب وضع كل 50 معتقلا في غرفة لا تتجاوز مساحتها 20 مترا داخل إحدى المدارس في مدينة عين العرب، كما أنهم يعانون من أمراض جلدية بسبب انقطاع الماء عن دورات المياه، ناهيك عن حرمانهم في بعض الأحيان من دخولها، وفق قوله.
وأضاف لـ"
عربي21" أنه لا يوجد أدنى اهتمام بالحالات المرضية الخطيرة أو المزمنة، كمرضى القلب والسكري، منتقدا ما أسماه "التعنت الأمني" بعدم الإفراج عن هؤلاء المعتقلين، رغم عدم إثبات تهمة "الدعشنة" بحقهم، وكذلك منع ذويهم من زيارتهم أو الإطلاع على أوضاعهم، أو حتى إعطاء معلومات دقيقة عن أسباب الاعتقال الخاصة بهم.
كما ذكرت عائلات معتقلين أن مداهمات قوات الحماية الكردية تخللها تحطيم مداخل المنازل وتفتيشها والعبث بمحتوياتها، إضافة لاستخدام الرصاص الحي خلال المداهمة.
وقال يوسف، وهو شقيق أحد المعتقلين، إن أكثر من 50 عنصرا من الوحدات الكردية اقتحموا منزلهم قرابة الرابعة والنصف فجرا بعد تحطيم الباب الرئيسي، وقاموا باعتقال شقيقه بعد التحقيق معه لأكثر من نصف ساعة متواصلة، مضيفا أنه تم احتجازه ووالدته وأشقاءه الصغار داخل غرفة بالمنزل، بينما اقتادت القوات الكردية شقيقه بعد التحقيق معه، وصادرت جهاز الحاسوب المحمول والهاتف الخلوي العائدين له.
ولفت يوسف، في حديث لـ"
عربي21" إلى أن أخاه كان معتقلا سابقا لدى تنظيم الدولة الذي أفرج عنه منذ أربعة أشهر فقط، وهو يعاني من أمراض عديدة نتيجة اعتقالاته المتكررة، وفق قوله.