تسببت واقعة مقتل الطالب الإيطالي جوليو
ريجيني، في تحول حياة كثير من
المصريين المقيمين في
إيطاليا؛ من الهدوء إلى التوتر، وخسارة بعضهم لأعمالهم، وكادت مراوغة النظام الانقلابي بمصر في كشف الحقيقة؛ أن تحول حياتهم إلى جحيم، كما يقولون.
وكان ريجيني قد قتل في مصر بعد
اختطافه في 25 كانون الثاني/ يناير الماضي، وعثر على جثته على مشارف القاهرة في 3 شباط/ فبراير، وقد بدت عليها آثار
تعذيب، بينما أشارت أصابع الاتهام إلى تورط قوات الأمن في مقتله.
وفي ميلانو، المدينة الصناعية التي يقطنها أغلب المصريين المتواجدين في إيطاليا؛ قال الشاب زيزو الجنرال، إنه "بعد مقتل ريجيني؛ حدث اختلاف كبير في معاملتنا من قبَل الشعب الإيطالي، الذي كان ودودا جدا معنا في السابق".
وأضاف الجنرال لـ"عربي21": "كنا نعمل في منطقة سستو ماريلي، ومنحتنا الشركة الإيطالية كشركة مصرية جميع الأعمال، وكان السكان دائما ما يتبادلون معنا الحديث وتناول القهوة".
وتابع: "لكن؛ بعد مقتل ريجيني؛ بدأت الأوضاع تنقلب تدريجيا، وتم سحب بعض الأعمال منا وإسنادها إلى شركة رومانية، وفي شهر حزيران/ يونيو الماضي طُردنا جميعا، وتم استبدال العمالة المصرية بأخرى رومانية. وسألنا الشركة الإيطالية عن سبب هذا الانقلاب؛ فقالت إنها رضخت لطلب السكان الذين هددوا بعدم الدفع لها إذا استمر المصريون".
وأوضح الجنرال أنه "في الفترة الأخيرة؛ عندما يرانا بعض الإيطاليين يغلقون النوافذ، وللأسف هذا السلوك انتقل للمترو والباص، فعندما تقترب من سيدة؛ تضع يدها على حقيبتها على الفور مبدية خشيتها من سرقتها".
قتلة ريجيني مسلمون
أما عيد محمد، المقيم في إيطاليا منذ 17 عاما، فأكد أن "تباين معاملة الإيطاليين مع المصريين أصبح أمرا ظاهرا، لكنه يختلف في درجته من شخص لآخر"، مشيرا إلى وجود "فئة من الإيطاليين تعتقد أن أغلب العرب والمسلمين إرهابيون".
وقال عيد الذي يملك شركة تعمل بمجال المعمار، إن "بعض الإيطاليين ينسون أن النظام المصري هو من قتل ريجيني، ويعتقدون أن مصريين مسلمين هم من قاموا بذلك، ويدّعون أنه إذا كان النظام هو من قتل ريجيني؛ لما كانت دول الاتحاد الأوروبي استقبلت السيسي، أو سمحت له بحضور قمة العشرين".
وأضاف لـ"عربي21": "الشعوب لا تهتم إلا بما توفره لها الأنظمة، وقليلا ما يهتم الإيطاليون بحقوق الإنسان خارج بلادهم، وريجينى هو النظرة الخجولة لديهم، فقتل مليون إنسان أمر عادي، وقتل شخص واحد ليس عاديا نظرا لجنسيته"، كما قال.
لا ذنب لنا
ويؤكد محمود عزت، صاحب شركة تعمل في مجال الإنشاءات، أن هناك من الإيطاليين من اختلفت معاملتهم، "ولكن الغالبية العظمى تدرك أن ريجيني قُتل بلا ذنب ونحن هنا أيضا لا ذنب لنا في الجريمة، ويدركون أن سلطات الانقلاب هي من قتلته مثلما قتلت مئات المصريين".
وأوضح عزت، في حديثه لـ"عربي21"، أنه "بعد الانقلاب العسكري أصبحنا أضحوكة العالم، وبتنا هنا ننتقل من سيئ إلى أسوأ، وبعض الإيطاليين ينظرون إلينا نظرة دونية"، وخصوصا رجال الأمن. وذكر أنه "منذ 5 أيام في مدينة بياسنزا؛ تم دهس المصري عبد السلام المنجي، فيما الحكومة الإيطالية اعتبرت الحادث قتلا بالخطأ، أما حكومة مصر فلم تحرك ساكنا"، كما قال.
مواجهة التعصب
أما المهندس الإيطالي لوكا ماريا، فله رؤية مختلفة، حيث يقول لـ"عربي21": "على الرغم من غموض مقتل ريجيني، فإن العلاقات مع المصريين هنا لم تتغير".
وقال: "ربما كان الأجدى بدلا من التفكير في قضية ريجيني مع كل الاحترام له ولعائلته؛ تركيز العمل مع المتعصبين الذين يقومون بتشويه سمعة العالم الإسلامي والتركيز على النماذج الناجحة"، مضيفا: "شخصيا، أكن عظيم التقدير الاحترام والصداقة للمسلمين والمصريين".
الجنرال الديكتاتور
وقال محمد ممدوح: "بعد مقتل ريجيني لم تتغير معامله الشعب الإيطالي كثيرا، ولكنهم يدركون مهزلة الأدلة المفبركة من الحكومة المصرية، ويتحدثون عن نظام السيسي بكل ما فيه من عيوب وكوارث ويصفون قائد الانقلاب بالجنرال الديكتاتور".
وخلال حديثه لـ"عربي21"، روى ممدوح موقفا قال إنه يؤكد وجود بعض التغير في معاملة المصريين في إيطاليا، وقال: "كنا في سوبرماركت بمدينة ميلانو، ولم يُسمح لمسلمة منتقبة بالدخول إلا بعد خلع النقاب".
ويرفض نظام الانقلاب بمصر الكشف عن هوية قتلة ريجيني، بينما يطالب مسؤولون أوروبيون بالإفصاح عن الحقيقة، بينهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. ورفض رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، لقاء زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي على هامش قمة العشرين في الصين الشهر الجاري؛ لهذا السبب.