ألمح الباحث في شؤون الحركات الدينية والسياسية،
عمار علي حسن، لنهاية مروعة لرئيس الانقلاب عبدالفتاح
السيسي، تنتهي بانقضاض
المصريين عليه، وإغراقه في رمال الصحراء.
جاء ذلك في مقال نشره بصحيفة "المصري اليوم"، تحت عنوان: "الكابوس .. قصة قصيرة (الأخيرة)"، الأحد، مارس فيه الإسقاط الأدبي على شخصية السيسي- وفق نشطاء- بعد أن ألمح إليه بإشارات عدة منها النظارة السوداء، والحلم والسيف، وغيرها من الإسقاطات، مما أثار جدلا واسعا.
وتحدث حسن، في قصة تخيلية بمقاله، حول رجل ذي بشرة سمراء وصلعة لامعة يبشر رجلا آخر - من خلال رؤيا معينة - بحدوث تغيرات كبيرة في حياته، ويقوم الأخير بتنفيذ تلك الرؤيا بحذافيرها، بحسب وصف حسن.
وعن السيسي قال، متبعا التورية والمداراة: "كان يعلم أن ما يجري سيسقط في حجره"، وذلك من أحداث ثورة يناير، وأنه قال لنفسه: "الناس يحتمون بجدارنا، ألم يهتفوا بأننا يد واحدة؟".
ووصف عمار "السيسي" بأنه كان يدرك أن كل الطرق تؤدي إليه، مشيرا إلى أنه تتبع نقطة ضعف كل من حوله، التي سيصطاده منها، مؤكدا أنهم "سيسقطون بضربات قوية متتابعة، عبر خداع الجميع"، وفق تعبيره.
ونسب إلى الشخصية التي يلمح أنها السيسي قولها: "يجب أن نخدع الجميع من أجل غايتنا النبيلة.. المتزاحمين في الساحات، وأصحاب اللحى، ولابسي الأحذية الثقيلة، وكل العيون التي ترقب خطواتنا من وراء البحار"، متحدثا إلى مدير مكتبه بالقول: "إن كنت تراني غير قادر على المواجهة، وهذا حقيقي، فأنا بارع في نصب الأفخاخ".
وبدأ حسن مقاله بما انتهى إليه السيسي، وقتما كان مديرا للمخابرات الحربية، عندما كتب تقدير موقف مع اندلاع ثورة يناير يقول: "ستنفجر الشوارع بالزاحفين، ولن يعودوا إلى بيوتهم حتى ينالوا ما قصدوه".
وأكد عمار أن "السيسي" خاف أن يرفع تقريره على هذا النحو إلى الرجل الكبير، (المقصود الرئيس المخلوع حسني مبارك) فأرسل ما كتب إلى قائده المباشر وسيده وراعيه (المقصود به ربما وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي)، إذ أشار إليه بوصف (الرجل الأسمر ذو الصلعة).
ثم كتب السيسي تقريرا آخر يقول: "يمكن للأمور أن تنتهي بسلام إن أحسنا تنفيذ خطة الخداع المتفق عليها".
وتتبع حسن، السيسي في رحلته المهنية المخابراتية، وهو يوسع لنفسه الطريق للحكم، كي يعتلي عرش مصر، عبر اتباعه سلسلة طويلة من نصب الفخاخ لمناوئيه، فقال: "لما تدفقت الأيام العصيبة، رمى الشراك في الطريق، فعرقل أقدام اللاهثين نحو الكرسي الكبير.. تساقطوا كالفراش المندفع بقوة عمياء نحو اللهب، بينما توالت على كتفيه إشارات الترقي حتى صار منظره كبيرا في قومه، وفي عيون ملايين المخدوعين، الذين قالوا له جهارا نهارا: "لا تتركنا نضيع".
وأردف عمار: "تَمنَّع تدللا، حتى يُغري الناس أكثر به، ثم قفز في ليلة إلى الكرسي، الذي لم يعد مريحا كما كان في السنين التي خلت.. ظن أن الأمر قد دان، فكشف عن وجه لم يعهده من رقصوا له في الشوارع، وراح الناس يجمعون الحروف التي تخرج من فمه، وإشارات يديه الغاضبتين، ونظرات عينيه التي اخترقت النظارة السوداء السميكة، وقالوا: هذا غير الذي انتظرناه".
واستدرك عمار: "لكنه لم يعد منشغلا بهم، ولا بأوجاعهم، وهم يترنحون في الأسواق من شدة الغلاء، ويهدون دمهم للطرقات الخطرة، وجثثهم للأسماك الجائعة في عرض البحار، ويرون الجدران تعلو أمامهم، وتطبق عليهم من كل جانب في سجن كبير".
وواصل: "كل ما كان يشغله هو كيف يجثم فوق رؤوسهم حتى آخر لحظة في عمره، مستريحا لقول صاحبه، الذي أخذه معه إلى القصر: "تعبوا من الهتاف، ونال منهم الخوف، ولا يزال بعضهم يظن بنا خيرا".
واستطرد: "حين غطس في نومه من هذه الليلة، رأى الرجل الأسمر الأصلع، يخطفه من يده، ويذهب به إلى سفينة راسية على الرمل، ويقول له: "اركب في مكانك".
وتابع حديثه عن السيسي: "ركب في المقدمة، وكانت السفينة خالية، ثم توالى عليها الخلق من كل جانب، حتى اكتظت بهم، وثقلت، وراحت تغوص في الرمال الناعمة.. انطلق صراخ وعويل وحداء، وظن الجميع أنهم من الهالكين، لكنهم سمعوا صوتا فخيما يقول لهم: ستمضي إن نزل من جلس قبلكم جميعا، وفوق هاماتكم".
واختتم عمار مقاله القصصي التخيلي بالتنبؤ بنهاية مأساوية للسيسي متابعا: "فهزوا رؤوسهم، وهجموا عليه، جردوه من ملابسه، ورفعوه من النافذة، وهو يرفرف في الريح الهوجاء، ثم ألقوه بكل عزم على رمل راح يبتلعه، وهو يستغيث بلا مجيب، بينما مضت السفينة في طريقها حتى بلغت الماء".
ويذكر أن المقال حظي بجدل واسع بين مثنين عليه، لجرأته، ومندهشين في المقابل من عدم جرأته على نقد السيسي صراحة، كما كان يفعل أيام حكم الرئيس محمد مرسي.
و"عمار علي حسن"، كاتب وباحث في العلوم السياسية، وهو عضو نقابة الصحفيين، وعمل أيضا كباحث بمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بأبوظبي، وتعاون مع مراكز بحثية عربية في مشروعات بحثية عدة، أما في مجال الأدب، فقد حصل على جوائز عربية ومصرية في القصة القصيرة.
وأيد "عمار علي حسن" الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب، وكان معارضا شرسا لحكم الرئيس مرسي.
ثم حاول الوصول إلى عضوية برلمان ما بعد الانقلاب، عبر عضويته في قائمة "صحوة مصر"، إذ احتل منصب عضو الأمانة العامة للقائمة، لكنه اعتذر عن استكمال الترشح، بعد ما واجه صعوبات جمة فيه.
كما شغل عضوية "اللجنة التحضيرية لتوحيد القوى الوطنية المدنية"، التي أعلن عنها حمدين صباحي قبل شهور، لكنها تعرضت للوأد في مهدها، كما شغل منصب عضو مجلس أمناء التيار الشعبي المصري، لصاحبه صباحي.
وعلى الرغم من تأييد حسن للانقلاب، إلا أنه تعرض قبل أسابيع للمنع من الكتابة بصحيفة "الوطن"، بإيعاز من الأجهزة الأمنية، بعد أن صعَّد من انتقاداته لنظام حكم السيسي في الآونة الأخيرة، حتى إنه تساءل عبر صفحته بموقع "فيسبوك"، قبل أيام: "ما شرعية سلطة لا تحمي الناس؟".
كما شن هجوما حادا على مجلس النواب، ووصف أداءه بأنه "يليق بسلطة تميل إلى الانفراد بالقرار"، محذرا من أن هذا الوضع يشكل خطرا داهما على مصر.
وطالب السلطات الحاكمة أيضا بتغيير مرشحة مصر لمنصب مدير عام المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو"، السفيرة مشيرة خطاب، مؤكدا أن ترشيحها ليس الأمثل، وأن مصر غنية بمن هم أو هن أفضل منها كثيرا للترشح.