نشرت صحيفة "لكسبرس" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن النزاعات التي يمكن أن تنشأ على هامش الحرب ضد
تنظيم الدولة.
وقالت الصحيفة في تقريرها، الذي ترجمته "عربي21"، إن هزيمة تنظيم الدولة لا تعني بالضرورة عودة السلام في
العراق وسوريا ونهاية التوترات بين كل الأطراف المتحاربة، والتي تهدد استقرار المنطقة على المدى الطويل.
وبحسب الصحيفة، يأتي على رأس هذه النزاعات صراع بين المعارضة السورية والقوات الكردية، الذي تفاقم بعد توسع الأكراد في شمال وشمال شرق البلاد، وأحيانا على حساب المناطق التي تسيطر عليها القوى المعارضة.
وزادت حدة توتر هذا الصراع، خاصة بعد التدخل التركي في 28 آب/ أغسطس الماضي، وقبلها عندما قامت القوات الكردية بقطع طرق الإمدادات للمعارضة في المناطق التي تحيط بحلب، علما أن الولايات المتحدة دعت مرارا إلى وقف هذا القتال، ولكن نظرا لعدم امتلاك القوى العالمية الفاعلة النفوذ الكافي على الأرض، كانت غير قادرة على وقف مثل هذا التصعيد.
وأضافت الصحيفة أن صراع
تركيا ضد الأكراد السوريين هو من النزاعات التي جاءت بها الحرب ضد تنظيم الدولة، حيث يعدّ تكوين الأكراد دولة مستقلة على حدودها من أكبر مخاوف تركيا، وذلك لأن حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يسيطر على المنطقة، يمثل الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، عدو أنقرة المباشر.
ومنذ بداية تدخل أنقرة المباشر في
سوريا، أعلنت عن رغبتها في دفع الأكراد إلى شرق الفرات. لكن من الواضح أن العملية التركية لن تتوقف على ضفاف النهر، وذلك على الرغم من وجود وحدة أمريكية صغيرة هناك.
وأشارت الصحيفة إلى أن النظام السوري يشعر أيضا بأنه مهدد؛ بسبب الطموحات الإقليمية للأكراد. وعلى الرغم من توافقهما النسبي في الحرب ضد تنظيم الدولة، وتفاخر الأسد بتزويد الأسلحة إلى الأكراد السوريين، إلا أن هذه العلاقات أصبحت تتسم بالفتور بعد إعلان الأكراد عن الإدارة الذاتية في كانون الثاني/ يناير 2014.
وأصبحت المناطق التي يسيطر عليها الأكراد مسرحا لاشتباكات متفرقة؛ حيث قامت قوات النظام في 18 آب/ أغسطس بقصف المواقع التي تسيطر عليها القوات الكردية.
وقالت الصحيفة إنه من الممكن أن ينشأ صراع بين الولايات المتحدة الأمريكية والنظام السوري، مثلما حصل عندما حذّر الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأسد من استخدام الأسلحة الكيميائية. ورغم ذلك، تم شن هجمات متزامنة، لكن غير منسقة من طيران النظام السوري الطيران الأمريكي على أحد معاقل تنظيم الدولة، مدينة الرقة، في أوائل شهر حزيران/ يونيو الماضي.
كما حصل احتكاك مباشر بين قوات النظام السوري وتركيا سنة 2012، عندما أسقطت قوات الأسد طائر حربية تركية.
لكن، سمح التقارب الدبلوماسي الأخير بين أنقرة وموسكو وطهران لتركيا بالتدخل في الصراع السوري. وإذا استمر تقدم القوات التركية في الأراضي الذي يسيطر عليها تنظيم الدولة، من المرجح أن هذا سيؤدي في نهاية المطاف إلى حصول اشتباكات بين القوات التركية والسورية.
وأضافت الصحيفة أن الصراع ضد تنظيم الدولة ولّد صراعا آخر بين حكومة العراق والأكراد العراقيين، وذلك بعد استحواذ الأكراد على الأراضي التي طردت منها تنظيم الدولة بدعم أمريكي، حيث يرفضون التخلي عنها للحكومة المركزية.
وأوضحت الصحيفة أن الحرب ضد تنظيم الدولة ساهمت في تفاقم الصراع بين المليشيات الشيعية المدعومة من إيران وأكراد العراق، حيث إن تقدم المليشيات الشيعية في شمال العراق أدّى إلى حصول مواجهات مع القوات الكردية في عدة مناسبات، خصوصا حول مدينة طوزخورماتو في نيسان/ أبريل الماضي.
وقالت الصحيفة إنه من المرجح أيضا أن ينشب صراع بين أكراد سوريا وأكراد العراق، وذلك على الرغم من أن هذا السيناريو مستبعد، حيث إن حكومة كردستان العراق -التي تملك علاقات جيدة مع تركيا- تعارض بشدة إقامة دولة كردية مستقلة في شمال سوريا، وهو ما قد يعني الصدام بين أكراد العراق وأكراد سوريا.
وأشارت الصحيفة إلى أن الصراع السني الشيعي القديم المتجدد، الذي أججته الأحداث الأخيرة، وتواجد تنظيم الدولة وسيطرته على العديد من المناطق السنية في العراق، ساهم في زيادة نسبة الانتهاكات والجرائم الشيعية المرتكبة في حق الجماعات السنية منذ سقوط نظام صدام حسين، والتدخل الأمريكي على الأراضي العراقية.
وبيّنت الصحيفة أن تضارب المصالح للأطراف التي تحارب تنظيم الدولة في سوريا والعراق من شأنه أن يؤخر الانتصار على هذا التنظيم. كما أن الانتصارات العسكرية لن تمكن من حل الفوضى السياسية والخلل الذي اغتنمه في وقت سابق تنظيم الدولة للسيطرة على بعض المناطق.