صدق وزير الدفاع بحكومة الانقلاب في
مصر، الفريق أول صدقي صبحي، الأربعاء، على قرار إعدام ثمانية متهمين في القضية العسكرية رقم 174، المعروفة إعلاميا باسم "
العمليات المتقدمة".
وكانت
المحكمة العسكرية المصرية للجنايات - الدائرة السادسة قد أصدرت في يوم 29 أيار/ مايو الماضي الحكم في القضية 174 لسنة 2015، وشمل الحكم "8 أشخاص بالإعدام شنقا، منهم ستة سجناء واثنان آخران لم يتم القبض عليهما، وذلك بعد موافقة مفتي الجمهورية في 25 شباط/ فبراير 2016.. 12 شخصا بالسجن المؤبد منهم ستة سجناء وستة آخرون لم يتم القبض عليهم.. ستة أشخاص بالسجن المشدد 10 أعوام وجميعهم سجناء، وبراءة اثنين".
وذكر مركز "عدالة للحقوق والحريات"، عبر صفحته على "فيسبوك"، أن هذا التصديق الذي تم الأربعاء "يتبعه بدء فترة إيداع طعون النقض أمام القضاء العسكري خلال 60 يوما، بدءا من اليوم (21 أيلول/ سبتمبر)".
وكان المتهمون في القضية قد اعتقلوا في الفترة ما بين 28 أيار/ مايو و15 حزيران/ يونيو، وجميعهم تعرضوا لعمليات اختطاف وإخفاء قسري وتعذيب، فيما تنوعت أماكن الاحتجاز ما بين سجون لاظوغلي والمخابرات الحربية والعازولي، بحسب ذويهم.
وطبقا لما ذكرته صفحة "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين"؛ فإن التحريات العسكرية الخاصة بالقضية قائمة على تحريات ضابط واحد يدعى هاني سلطان، من قوة المجموعة 77 بالمخابرات الحربية، وكانت شهادته في المحكمة العسكرية عبارة عن "سلسلة من (لا أعرف) و(لا أتذكر)"، بالإضافة إلى اعترافات المعتقلين المنتزعة منهم تحت التعذيب والتحقيق معهم بدون حضور محام.
ووفق ما ذكرته التنسيقية المصرية للحقوق والحريات؛ فإن الإتهامات الموجهة للمعتقلين تشمل "الانضمام لجماعة محظورة، والاتفاق الجنائي بغرض تنفيذ عدة عمليات إرهابية، وإفشاء أسرار عسكرية، أو حيازة سلاح، أو المساعدة في تصنيع دوائر كهربية للمساعدة في تصنيع قنبلة".
قضية بنيت على النية
وتعقيبا على الحكم؛ قال الصحفي ماجد عاطف عبر "فيسبوك": "في 6 شباب القضاء العسكري حكم عليهم بالإعدام من كام شهر وتم التصديق على الحكم، وامبارح الشباب دول اخطروا بالتصديق ومضوا عليه للأسف".
وتابع: "مش حقول لك إننا بنتكلم عن طلبة جامعة آخرهم يمشوا في مظاهرة ولا يرموا طوبة، ومش حقول لك إن الأخبار الواردة كلها بتتكلم عن اعترافات انتزعت منهم بعد تعذيب وحشي! لكن حقول لحضرتك إن القضية 147/ 2015 على الورق ما فيهاش حاجة خالص، قضية اتبنت على النية!!! اللي هو العيال دي (كانت ناوية) تعمل وتسوي، طب عملت؟ لا بس كانوا ناوين؟".
وأردف: "الشباب دي إخوان، والمهتمين بالنوع ده من القضايا بيقولوا إنهم كانوا أنشط عناصرهم على الأرض وإن الموضوع لا يعدوا كونه تصفية للطلبة الإخوان!! لو صح التفسير ده (وأتمنى يكون غلط) فاحنا هنا بنتكلم عن جريمة قتل، مش حكم إعدام، جريمة بترتكبها دولة في حق 6 طلبة لمجرد إنهم معارضين للنظام الحاكم وبينتموا لتنظيم سياسي محظور!!".
لا للمحاكات العسكرية للمدنيين
في ذات السياق، دشنت صفحة "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين" حملة للمطالبة بنقض حكم الإعدام، والعمل على التعريف بالقضية خلال المدة الممنوحة لنقض الحكم (60 يوما).
وقالت الصفحة: "خلاص عدينا مراحل الأمل وبنتكلم في أعمار شباب على المحك، شباب اتعرضوا لمحاكمة عسكرية ظالمة، واتعذبوا واتعرضوا للتهديد بالقتل، عشان يعترفوا ويتم تحويلهم للمحاكمة العسكرية، في قضية بدون جريمة معتمدة في الأساس على نية، نية حكمت على الشباب بسنين مؤبد وإعدام".
"عرب شركس" من جديد
ويعيد التصديق الصادر اليوم التذكير بوقائع إعدام أخرى وتوجسات جديدة بمصداقية الأحكام الصادرة، خاصة أن هناك أحكام نقض صدرت في حالات أخرى بعد تنفيذ الأحكام، وخصوصا قضية "
عرب شركس".
في قضية "عرب شركس" تمت إحالة أوراق سبعة مواطنين إلى المفتي في آب/ أغسطس 2015، لتأييد حكم الإعدام بحقهم بتهمة "استهداف حافلة جنود"، إلى جانب تهم عدة أخرى أثبتت المستندات وشهادات الشهود حينذاك أنها باطلة، لكن الجهات القضائية والأمنية لم تعر تلك الشهادات أي انتباه، لتنفذ أحكام الإعدام في 17 أيار/ مايو 2015 .
وأتت المفاجأة بعد ذلك، حيث قضت محكمة القضاء الإداري بعد يومين فقط من تنفيذ الحكم بالإعدام، بقرار إعادة المحاكمة ووقف قرار المدعي العام العسكري بالإعدام، وهو ما وصفه أهالي الضحايا بأنه "سخرية منهم ونكء لجراحهم في فقدهم لأبنائهم ظلما"، الأمر الذي دفع النشطاء للتساؤل الآن عما إذا كانت قضية "العمليات المتقدمة" ستشهد ذات السيناريو.
أحكام إعدام بالجملة في 2016
وفي تقرير لمؤسسة عدالة لحقوق الإنسان أصدرته مطلع آب/ أغسطس الماضي، تناولت أعداد أحكام الإعدام الصادرة خلال النصف الأول من 2016، حيث رصدت المؤسسة إحالة أوراق 50 متهما إلى مفتي الجمهورية في ثماني قضايا متفرقة، تمهيدا للحكم عليهم بالإعدام، وأصدرت المحاكم 45 حكما بالإعدام، معظمها في محافظة الجيزة التي صدر فيها 24 حكما، منها 12 في قضية أوسيم، وستة في قضية التخابر مع قطر، وستة في أحداث عنف العمرانية، وثمانية في القاهرة، وسبعة في الإسكندرية.
وتناول التقرير الذي وصلت إلى "
عربي21" نسخة منه؛ عدد المحالين إلى القضاء العسكري، والذي بلغ أكثر من 7400 مصري مدني، 15 منهم صدرت بحقهم أحكام بالإعدام في قضيتين، وسبعة في قضية "استاد كفر الشيخ"، وثمانية في قضية "العمليات المتقدمة".