نشرت صحيفة "سعودي غازيت" مقالين للصحافي حسن شيروبا، عن أهم شخصتين بعد الملك اليوم في
السعودية، وهما ولي عهده ونائبه.
ويشير الكاتب إلى أن ولي عهد الملك هو ابن اخيه الأمير نايف، أما ولي ولي عهده فهو الأمير
محمد بن سلمان، حيث يتولى الأول ملف ملاحقة الإرهاب، وتوفير الأمن، أما الثاني فيتولى منصب وزير الدفاع، وملف الإصلاحات الاقتصادية، لافتا إلى أن الأمير
محمد بن نايف وصف بأنه "جنرال الحرب على الإرهاب"، أما ابن سلمان فيوصف بأنه "المهندس الشاب لرؤية السعودية عام 2030".
جنرال الحرب على الإرهاب
ويلفت شيروبا في حديثه عن ولي العهد إلى خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الاثنين ويوم الأربعاء، حيث ركز في الخطابين على مكانة السعودية في الساحة العالمية، بصفتها مدافعة عن السلام، ووصفها أيضا بأنها "مملكة الإنسانية"، عدا عن دورها المتقدم على المستوى الدولي في مكافحة الإرهاب والتطرف.
وينقل المقال، الذي ترجمته "
عربي21"، عن ولي العهد قوله للمجتمعين في الاجتماع السنوي الحادي والسبعين للجمعية العامة في نيويورك: "السعودية حريصة على التعامل مع الأزمات الإنسانية من منطلق تعاليم الإسلام، الذي يدعو إلى السلام وإلى مساعدة الناس"، وأضاف أنه ومنذ أيام الملك عبد العزيز كانت السعودية تقوم بهذا الدور الإنساني، والآن فإنها تحل في المرتبة الثالثة من حيث تقديم المساعدات الإنسانية، حيث ضخت 139 مليار دولار في الأعمال الإنسانية، كما أبرز حرص خادم الحرمين الشريفين على توحيد جهود المملكة في المجال الإنساني، ومجال الإغاثة لدعم الدول المحتاجة، أو المبتلاة بالصراعات، مثل سوريا واليمن.
وتذكر الصحيفة أن ولي العهد لفت الانتباه إلى الركائز التي تقوم عليها السياسة الخارجية للمملكة، مثل العمل المشترك مع الدول الأخرى والهيئات الدولية؛ لتحقيق السلام والأمن العالمي، وكل ما هو جيد للبشرية، عن طريق التمسك بمبادئ الوسطية، والعدل، والاحترام المتبادل في تفاعلها مع المجتمع الدولي، وأكد ولي العهد، في خطاب الأربعاء، أن مكافحة الإرهاب ينبغي أن تكون مسؤولية دولية مشتركة، ويجب أن تبذل الجهود العالمية كلها لمواجهته على جميع المستويات، ونوه إلى أن المملكة العربية السعودية كانت واحدة من أوائل الدول التي عانت من الإرهاب، ودعا المجتمع الدولي إلى التعاون مع التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، الذي تشارك فيه 40 دولة إسلامية.
ويقول الكاتب إن "خطب الأمم المتحدة هذه كانت أحدث أمثلة على سعي ولي العهد الحثيث لتعزيز دور المملكة الريادي في تحقيق السلام العالمي، ومد يد المساعدة للدول المحتاجة، وذلك لتمكينها من الخروج من أزماتها، بل هي أيضا خير دليل على الدور الحيوي الذي تقوم به للقضاء على الارهاب من على تراب المملكة العربية السعودية، والقضاء على هذه الآفة من على وجه الأرض".
ويضيف شيروبا أنه "بسبب الدور المهم الذي أداه الأمير محمد في سحق الشبكة الارهابية على الجبهة الداخلية، وكذلك في قيادة استراتيجيات المملكة في مكافحة الإرهاب على الصعيد العالمي، فإن الأمير نال العديد من الألقاب، مثل (حامي المملكة)، من مجلة (تايم)، و(قائد أكبر حرب ضد الإرهاب)، كما وصفته صحيفة (واشنطن بوست)، أما شبكة (MSNBC) الأمريكية، فوصفته بأنه (جنرال الحرب على الإرهاب)، فيما وصفه مسؤولون أوروبيون وأمريكيون بأنه قائد إحدى أكثر العمليات فعالية لمكافحة الإرهاب في العالم، ولدى ولي العهد رؤية شاملة للمشهد الأمني، والثقافي، والاقتصادي، والإنساني، تمكنه من تقديم حلول شاملة لجميع القضايا الأمنية، والتنسيق مع الدول الأخرى، في مواجهة مختلف الجرائم والتهديدات المحتملة، بالإضافة إلى أنه يؤدي دورا حاسما في التنفيذ الفعال لرؤية المملكة لعام 2030، وهي ليست مجرد خارطة طريق لتحقيق الازدهار، لكنها أيضا محرك قوي للنمو؛ لتحقيق نقلة نوعية في جميع مجالات الحياة السعودية تقريبا".
وينوه المقال إلى أنه تقديرا لميزات ولي العهد القيادية الفذة، فإن مجلة "تايم" اختارته في نيسان/ أبريل من هذا العام ليكون واحدا من 100 شخصية هي الأكثر تأثيرا في العالم، مشيرا إلى أنه قبل ذلك بخمس سنوات، قام المدير السابق لوكالة الأمن القومي الأمريكي مايكل هايدن، بوصفه بأنه خامس أقوى مدافع، في حين توقعت المجلة البريطانية الشهيرة "إيكونوميست" أن يكون الأمير محمد واحدا من المرشحين لولاية العرش، عندما يمر خط الخلافة إلى أحفاد الملك عبد العزيز.
وتشير الصحيفة إلى مسيرة ولي العهد، حيث تم تعيين الأمير محمد، الذي حصل على درجة في القانون والتدريب على مكافحة الإرهاب المتقدم في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، مساعد لوزير الداخلية للشؤون الأمنية في عام 1999 من الملك فهد، وشغل منصب مدير الدفاع المدني، في حين كان وزيرا مساعدا، وفي 22 يوليو 2004، تسلم منصب وزير، حيث أشرف على تنفيذ حملة مكافحة الإرهاب الناجحة في المملكة، لافتة إلى أن الأمير محمد كان فعالا في إعداد مركز محمد بن نايف للاستشارات والعناية عام 2006، وعين نائب وزير الداخلية في عام 2012.
ويذكر الكاتب أنه في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، عينه الملك عبد الله في منصب وزير الداخلية، ليحل محل الأمير أحمد، وفي 23 كانون الثاني/ يناير 2015، عينه
الملك سلمان الأمير محمد نائبا لولي العهد، في 29 نيسان/ أبريل 2015، تم تعيينه وليا العهد، ليحل محل الأمير مقرن، وبذلك أصبح الأول في ترتيب ولاية العرش في المملكة العربية السعودية من الجيل الثالث، مشيرا إلى أنه يشغل أيضا منصب رئيس المجلس للشؤون السياسية والأمنية، الذي خرج الى حيز الوجود في كانون الأول/ يناير 2015.
ويفيد المقال بأن الأمير محمد أدى دورا بارزا في مكافحة الإرهاب محليا، ووقف مع أبيه ولي العهد ووزير الداخلية السابق المرحوم الأمير نايف للقضاء على خلايا الإرهاب ومصادرها، التي سعت إلى استهداف السعودية بسلسلة من الهجمات، ابتداء من عام 2003، وقامت وزارة الداخلية خلال هذه الفترة بمطاردة خلايا تنظيم القاعدة، ودعاة التطرف في المملكة كلها، لافتا إلى أن نجاح ولي العهد نايف والأمير محمد في هذا المجال أدى إلى هروب عناصر تنظيم القاعدة من السعودية إلى بلدان أخرى، بعد حملة قوية، وبفضل يقظة وتنبه السلطات السعودية.
وتبين الصحيفة أن الأمير محمد، مهندس برنامج المملكة لمكافحة الإرهاب، نفذ سياسة المملكة ضد الإرهاب بنجاح، التي لا تشمل الإجراءات الأمنية فقط، بل خدمات استشارية واسعة النطاق أيضا، مشيرة إلى أن مركز محمد بن نايف للاستشارات والعناية يعد مركزا لإعادة التأهيل، يواجه الفكر المتطرف، من خلال التعريف بالتعاليم الإسلامية الصحيحة، واستفاد من المركز حوالي ثلاثة آلاف شخص منذ تأسيسه في عام 2008، واعتمد برنامجا إرشاديا لإعادة تأهيل ذوي الأفكار المتطرفة ودمجهم مرة أخرى في المجتمع.
ويذهب شيروبا إلى أن هذه الإجراءات جعلت الأمير محمد هدفا للإرهابيين، وكان قد نجا من أربع محاولات اغتيال، واصيب بجروح طفيفة في المحاولة الثالثة، ولم يصب في الأخريات، لافتا إلى أن المحاولة الثالثة كانت في شهر رمضان، في 27 آب/ أغسطس 2009، عندما فجر عبد الله العسيري، وهو انتحاري مرتبط بتنظيم القاعدة، نفسه مستخدما قنبلة مخبأة داخل مؤخرته، حيث كان من المفترض أن يسلم نفسه للأمير.
ويجد المقال أن ولي العهد اكتسب سمعة واسعة؛ لقبوله بأخطر المهمات التي يواجهها وزير داخلية في أي مكان في العالم، ولأنه حقق نجاحا مع تقديم العديد من الابتكارات والأجهزة ذات التقنية العالية.
كان ذلك عن ولي العهد، فماذا عن نائبه؟
وجه التغيير
ويتحدث شيروبا عن رؤية التغيير، التي قال إنها تحمل المعالم الرئيسة لمستقبل المملكة الزاهر، وتم الإعلان عنها في نيسان/ أبريل، ولا تحمل إمكانيات إعادة تشكيل الاقتصاد السعودي فقط، لكن ازدهار المملكة في القطاعات كلها، وفي 6 حزيران/ يونيو، أعلنت الحكومة عن برنامج التغيير الوطني لعام 2020.
ويشير المقال، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن المبادرتين معا تهدفان إلى خلق مناخ من الأمن الإقتصادي، وتعزيز وضع المملكة الدولي، دون التخلي عن مبادئها الأساسية القائمة على الشريعة، لافتا إلى ما كتبه نائب ولي العهد في مقدمة رؤية عام 2030، التي تحدث فيها عن رؤية "لبلد متسامح، دستوره الإسلام، وطريقه الاعتدال، وبلدنا هو جوهر العالمين العربي والإسلامي، ويمثل قلب الإسلام، ونحن واثقون إن شاء الله ببناء مستقبل مشرق، بلد قائم على مبادئ التعاليم الإسلامية"، وقال إن الرؤية تحمل مبادئ واضحة وطموحة لإصلاح المملكة وتطويرها.
وتلفت الصحيفة إلى المهام التي يضطلع بها الأمير محمد بن سلمان، فهو أصغر وزير للدفاع في العالم، ورئيس الديوان الملكي والمجلس الاقتصادي، ويحمل شهادة جامعية في القانون من جامعة الملك سعود، ودخل السياسة عام 2009 مستشارا سياسيا لوالده، عندما كان أميرا لمنطقة الرياض، وفي عام 2011 عندما أصبح الملك سلمان نائبا لولي العهد ووزيرا للدفاع، أصبح الأمير محمد مستشاره الشخصي، وعندما تولى الأمير محمد بن نايف ولاية العهد أصبح الأمير محمد بن سلمان نائبا لولي للعهد، وفي آذار/ مارس 2013، عين الأمير سعود بن نايف، الذي كان مديرا لبلاط ولي العهد، أميرا للمنطقة الشرقية، وتولي الأمير محمد المنصب بعده، مسؤولا عن ديوان والده، ومنح منصب وزير دولة في 25 نيسان/ أبريل 2014، وعندما توفي الملك عبدالله في 23 كانون الثاني/ يناير 2015 تولي الملك سلمان العرش، عُين الأمير محمد وزيرا للدفاع إلى غير ذلك من المناصب التي يتولاها.
وينوه الكاتب إلى أول عملية كبيرة يعلن عنها الأمير محمد بن سلمان بعد توليه منصب الدفاع، وهي عملية عاصفة الحزم ضد الحوثيين في اليمن، وتحدث عن الإصلاحات الاقتصادية، وبيع بعض أسهم شركة النفط "أرامكو"، وبناء صندوق سيادي للاستثمار بقيمة تريليوني دولار، لافتا إلى أن الخطة تهدف إلى تنويع الاقتصاد، وتقليل اعتماد الدولة على النفط.
ويورد المقال نقلا عن محللين، قولهم إن الخطة التي تعد أكبر خطة إصلاح في العالم، تحمل إمكانيات تحديث أكبر دولة محافظة، وفي الوقت ذاته فإنها ستحرر البلد من اعتمادها المفرط على النفط، مبينا أن من أهم ملامح الخطة قطع الدعم عن المواد الأساسية، وزيادة حصة القطاع الخاص من النشاط الاقتصادي، وإزالة العوائق أمام الاستثمار، وتعزيز الشفافية والمحاسبة، وخلق أكثر من 450 ألف وظيفة في القطاع الخاص.
وبحسب الصحيفة، فإن الخطة لا تشتمل على مجرد تنويع الاقتصاد، بل تضم مبادرات اجتماعية، ومضاعفة مشاركة النساء في سوق العمل إلى 5% من النسبة الحالية 1.2%، وتطوير متنزهات عامة، في محاولة لتعزيز السياحة.
ويقول شيروبا إن الأمير الشاب أصبح مدافعا عن قضايا الشباب، الذين يشكلون نسبة 70% من السكان، والذين يعتمدون على الإنترنت، ويواجهون قلة فرص العمل، ولا يمتلكون المهارات المناسبة.
ويضيف الكاتب أن الأمير "الجذاب" كان ناجحا في تسويق رؤية الإصلاح في رحلة حول العالم، وهو حريص على تصوير السعودية دولة دينامية ومتحررة من النظام الجامد، الذي عاشت فيه بالماضي، واستطاع في زيارته إلى الولايات المتحدة الترويج للخطة، بعقد عدد من الصفقات مع شركات أمريكية، والتقى في زيارته، التي تمت في حزيران/ يونيو عددا من مديري كبرى الشركات الأمريكية في مجال الطاقة، والصحة العامة، وتكنولوجيا المعلومات، ووقع عقودا مع شركات "مايكروسوفت" و"فيسبوك" و"سيسكو"، والتقى مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، والتقى مع قادة الإعلام في محاولة لتسويق رؤيته.
وينوه المقال إلى مشاركة الأمير في مؤتمر مجموعة الدول العشرين في الصين، هذا الشهر، حيث قال إنه بدأ عهدا جديدا من العلاقات مع روسيا والصين، واليابان، مشيرا إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وصفه بـ"الشريك الذي يوثق به، ويمكن توقيع اتفاقيات معه، ويمكننا التأكد من أنه سيفي بها".
ويقول شيروبا إن الإعلام العالمي يصف الأمير بأنه "أمير التغيير والوجه الجديد للسعودية"، ويرى فيه مستخدمو "تويتر" أنه "روح سعودية جديدة"، حيث "أصبح الشعب والقيادة يتكلمون بلغة واحدة".