تواصل وزارة داخلية الانقلاب في مصر، نصب مصائد أمنية للمصورين والمراسلين في ميادين وشوارع القاهرة، للقبض عليهم بتهمة الترويج للتشاؤم، وتشويه صورة مصر بالداخل، بحسب صحفيين وحقوقيين.
وكان
السيسي قد حذر، الاثنين الماضي، أثناء افتتاحه تطوير منطقة "غيط العنب" العشوائية بالإسكندرية، من "المشي بين الناس بكلام باطل، وغير حقيقي؛ من أجل هز ثقة المواطن في نفسه".
وسبق ذلك بيان لداخلية الانقلاب، السبت الماضي، أعلنت فيه إحباط ما قالت إنه "أكبر مخطط لجماعة الإخوان؛ يستهدف خلق مناخ تشاؤمي بين المواطنين، والتشكيك في النظام، وتعطيل خطة الإصلاح الاقتصادي التي وضعتها الحكومة".
الأمن يحارب التشاؤم
وكشف الصحفي الباحث في المرصد العربي لحرية الإعلام، أحمد أبو زيد، عن اعتماد داخلية السيسي نهجا جديدا في التضييق على المصورين والمراسلين، وقال لـ"
عربي21" إن "الحملة بدأت منذ السبت الماضي، لمنعهم من تغطية الأحداث التي غالبا ما تقع وسط القاهرة".
وأضاف أنه "منذ بدء الحملة الساخرة ضد بيان الداخلية، الذي اتهم عددا من النشطاء الذين اختفوا قسريا منذ 50 يوما، بتشكيل خلية إخوانية لإثارة الأجواء التشاؤمية، وأعقبها حملة أخرى للسخرية من خطاب السيسي، الذي تحدث فيه عن تنمية مصر بالفكّة؛ شهدت القاهرة أجواء أمنية مشددة، لمنع الصحفيين من قياس ردود الأفعال على تلك الوقائع".
وأكد أن "الداخلية قامت بنشر عدة أكمنة في محيط التحرير، ومحيط القصر العيني، وميدان الدقي؛ لضبط كل من يحمل كاميرا، وأوقفت عددا من الصحفيين"، مشيرا إلى أنها "صادرت ذاكرات الكاميرات لعاملين في صحيفة اليوم السابع، ما يعني أن نشر المناخ التشاؤمي تهمة تلاحق صحفي الموالاة قبل الإعلام المعارض".
ولفت إلى قيام الداخلية "بالقبض على الزميلة آية الجيار، الصحفية بجريدة الصباح، ومراسلة برنامج العاشرة مساءً بقناة دريم، واحتجاز صحفية بموقع مصر العربية؛ لم يتم معرفة مصيرها إلى الآن"، وقال: "سجلنا خلال اليومين الآخيرين 15 حالة توقيف واحتجاز مؤقت، وإحالة صحفيين ميدانيين إلى النيابة، من بينهم الزملاء حمدي الزعيم، ومحمد حسن، وأسامة البشبيشي".
وقال أبو زيد إن الهدف من تصاعد هذه الحملات؛ هو "منع الصحفيين من التغطية الميدانية، بالتزامن مع تصاعد الحراك بالشارع، وتنامي حالة الغضب الشعبي تجاه سياسات النظام الاقتصادية، كما بدا في أحداث فعاليات الأرض، وقبلها ذكرى ثورة يناير، وأحداث نقابة الصحفيين".
التوجس من ثورة جياع
بدورها؛ وصفت الصحفية والناشطة
الحقوقية، آية علاء، التضييق على عمل الصحفيين الميدانيين بأنه "جريمة في حق العمل الصحفي".
وقالت لـ"
عربي21" إن هذا "النظام نظام فرعوني، على رأسه ديكتاتور لسان حاله (ما أريكم إلا ما أرى)، ولا يريد أن يعرف الناس إلا ما يريده هو، ولا يريد إلا صحفيين يسبحون بحمده ويقدسونه".
وأضافت آية أن نظام السيسي "خائف ومرتعش، ويعلم عوراته، وأنها كفيلة بالإطاحة بأنظمة ورؤوس، ويخشى أن تنكشف حقيقة أمره للناس جميعا، فهو لا يزال يعوّل على القلة المنتفعة والمطموس على قلبها، والتي ترى في العسكر الخلاص".
ورجحت آية أن يكون "نظام السيسي خائفا من أن ينجح الصحفيون الميدانيون في نقل غضب الناس، وتأجيج الشارع ضده، مع تصاعد الدعوات لثورة غلابة أو جياع"، مشيرة إلى أن "السيسي تصله حتما تقارير بأن نسبة شعبيته تراجعت بقوة، وأنه أصبح هدفا سهلا للانتقاد في الشارع".
وأكدت أن "السيسي يخشى من أمرين؛ أولهما ملف حقوق الإنسان، والثاني حرية الرأي والتعبير، ويعتقد أنهما نجحا في تعريته وفضحه داخليا وخارجيا، وقد أعرب في أكثر من مرة عن استيائه من تضرر صورة مصر بالخارج بسبب التقارير الحقوقية الدولية"، مضحة أن زعيم الانقلاب "لا يقبل التعددية ولا الآراء المختلفة، فمن الطبيعي أن تصبح الصحافة هي الجريمة الأولى؛ بعد الانتماء لجماعة محظورة في مصر".
ملابسات القبض على الزعيم والبشبيشي
وكشف أحد الصحفيين الميدانيين عن ملابسات القبض على الصحفيين حمدي الزعيم وأسامة البشبيشي، الاثنين الماضي، قائلا: "وشى أحد المواطنين أثناء التصوير مع زوجته، بالزعيم والبشبيشي اللذين كانا يجريان معها اللقاء، وأبلغ هذا المواطن جمعا من الضباط، فألقوا القبض عليهما أثناء ممارسة عملهما بجوار نقابة الصحفيين وسط القاهرة".
وأضاف أبو شيماء وليد (اسم مستعار): "سعينا جاهدين لتخليصهما من قبضة الداخلية، ولكننا لم نستطع، وفي اليوم التالي أرسلنا إليهما بمحامٍ، وبأعضاء بمجلس النقابة، للمطالبة بالإفراج عنهما دون جدوى أيضا"، مشيرا إلى أن "التهم الموجهة لهما وللصحفي محمد حسن؛ تتعلق بنشر أخبار كاذبة، والعمل بدون تصريح، وغير ذلك من التهم الجاهزة".