نشرت مجلة "فورينن بوليسي" مقالا لأستاذ علم الحكومات في جامعة ريجينت، والمسؤول المساعد لشؤون أمريكا اللاتينية والكاريبي سابقا في إدارة بوش، بول بونيسلي، يعلق فيه على خطاب الملك
المغربي محمد السادس الأخير في الذكرى الـ63 لـ"ثورة الملك والشعب"، الذي تحدث فيه عن استخدام الجهاديين للإسلام.
ويشير المقال، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن خطاب العاهل المغربي لم يحظ بانتباه الرأي العام الخارجي، مشيرا إلى تعليقات الملك حول كفاح أمته، وأهمية بلده، وإلقائه اللائمة على الاستعمار، وتحميله مشكلات القارة.
وتستدرك المجلة بأن "الاستعمار انتهى منذ عقود، وتبعته حكومات محلية، لم تكن مهتمة بتطوير الشعوب التي حكمتها، وحكمت بأسلوب ديكتاتوري، وفيه قمع لحقوق الإنسان، ولم يعترف الملك بهذه الحقيقة، لأنه المصلح نفسه، وحقق أكثر مما حققته دول المنطقة لبلاده، فقد كانت لديه ميزة استطاع من خلالها تحميل الدول الغربية مشكلات المنطقة".
ويقول بونيسلي: "ما يهم في خطاب محمد السادس، هو الاهتمام الذي أبداه في النزاعات التي تعكر منطقة الشرق الأوسط، وتدفق اللاجئين، الذين يسببون الاضطرابات في أوروبا، وهي مشكلات يقول إن الجهاديين يستغلونها ويبررون أفعالهم باستخدام الإسلام، وخصص الملك ثلث خطابه تقريبا وهو يشجب الجهاديين ويعنفهم، ويحذر العالم الإسلامي من أن طرق الإرهابيين تقود مباشرة إلى جهنم، وهي نقطة ذكرها مرارا وتكرارا في خطابه".
ويضيف الكاتب أن "الملك تحدث مباشرة إلى المسلمين الذين يعيشون في أوروبا، وشجعهم على الالتزام بقيم السلام، والتعايش، وتجنب أيديولوجيات وجرائم من يقومون بتدمير السلام، ويشوهون صورة الإسلام، الدين الذي يدعو إلى السلام مع الشعوب والأديان، وقال إن (الإرهابيين والمتطرفين يستخدمون الوسائل كلها لإقناع الشباب بالانضمام إليهم، والهجوم على المجتمعات الملتزمة بقيم الحرية والانفتاح والتسامح)".
ويلفت المقال إلى أن الملك هاجم الإرهابيين؛ لأنهم يخدعون الشباب المسلمين في أوروبا، ويستغلون جهلهم باللغة العربية، من أجل تشويش أفكارهم، بالإضافة إلى أنه هاجم القتلة؛ لأنهم يقومون بصناعة الأوهام حول الحور العين في الجنة، وفي الوقت ذاته يقتلون الناس لأنهم يستمعون للموسيقى.
وتذكر المجلة أن الملك المغربي وجه انتقاده الشديد لمن يقتلون الناس الأبرياء، خاصة من يتعبدون في الأديرة، في إشارة إلى قتل
تنظيم الدولة قسيسا فرنسيا، وقال: "قتل القسيس محرم دينيا، وقتله في الكنيسة جنون لا يغفر؛ لأنه إنسان ورجل دين، حتى لو لم يكن مسلما، فقد دعانا الإسلام إلى العناية بأهل الكتاب".
ويعلق بونيسلي قائلا، إن "حديث الملك عن حادث القتل في روان في فرنسا، يؤكد من خلاله أن من يرتكب هذا الفعل ليس مسلما، ولهذا فليس له الحق في استخدام الإسلام لتبرير أفعاله الإرهابية، ودعا الملك المسلمين، واليهود، والنصارى، إلى العمل معا؛ من أجل مواجهة مشكلة التطرف، والكراهية، والانعزالية، وأشار إلى عدد من القصص التي تظهر أن التفاعل والتعايش يؤديان إلى الانفتاح، والحب، والانسجام، والازدهار".
ويقول الكاتب: "لست باحثا في الإسلام، ولا أستطيع تقديم نقد نصي، أو أحاول الحكم على صحة تفسيراته، لكنني بصفتي مراقبا يرغب بانتشار فهم سلمي للإسلام بين أتباعه أحيي كلمات الملك".
وينوه المقال إلى أن "كلام الملك ودعوته للاختيار بين الإسلام الحقيقي والمزيف، أي الدين الذي يبرر قتل الأبرياء، يعني أنه، أي الملك، سيكون عرضة لأدعياء الخلافة، رغم أنه ينحدر من السلالة النبوية".
وتختم "فورين بوليسي" مقالها بالقول إن "الملك يدعو المسلمين ليختاروا، كما اختار هو، ولهذا على قادة الغرب الثناء عليه بصوت عال، وتشجيعه، وحث القادة المسلمين الآخرين للتحدث بصوت عال، وهناك عدد لا يحصى من اليهود والنصارى ممن لديهم استعداد ليردوا بإيجابية على دعوة ملك مسلم إلى الاتحاد ضد الإرهابيين، ويجدون التشجيع من قائد لا يناقش أن الإسلام هو دين السلام والتصالح مع الأديان الأخرى، لكنه يدعو إخوانه المسلمين إلى الاعتراف بهذا الأمر".