تترقب الأوساط السياسية في
غزة ما ستؤول إليه الأوضاع في القطاع، مع استمرار حالة التوتر على حدوده.
وتشهد غزة تصعيدا إسرائيليا على مدى اليومين الماضيين، حيث شن سلاح الجو
الإسرائيلي 33 غارة جوية على أهداف متفرقة من القطاع، منها مواقع عسكرية تابعة لحركة
حماس، لكن لم يبلغ عن وقوع أي خسائر بشرية نتيجة هذا القصف، بحسب بيان لوزارة الصحة
الفلسطينية.
وجاءت الغارات الإسرائيلية بعد سقوط صاروخ أطلق من غزة، يوم الأربعاء الماضي، على مستوطنة سديروت المتاخمة للحدود الشمالية الشرقية لقطاع غزة، كما سقط الخميس صاروخ آخر على مجمع "أشكول" العسكري، دون أن يرد الجانب الإسرائيلي هذه المرة، الأمر الذي "ترك الخيارات مفتوحة أمام المؤسسة العسكرية الإسرائيلية للرد المناسب على هذا التصعيد"، بحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر، ناجي شراب.
خيارات مفتوحة
وأضاف شراب في حديث لـ"
عربي21" أن "القيادة الإسرائيلية تعلم أن حركة حماس ليست معنية بدخول مواجهة معها في هذا التوقيت، كما هو حال القيادة الإسرائيلية"، لذلك فإن "عدم الرد وترك الخيار مفتوحا هي رسالة مبطنة لحركة حماس بأن تأخذ دورها في حفظ وضبط الأمن على الحدود الإسرائيلية منعا للمواجهة".
ولم يستعبد شراب نشوب مواجهة مباشرة بين حماس و"إسرائيل"، كما حدث في الحروب الثلاث السابقة، إذا استمر الحال على ما هو عليه، ولكنه رجح أن "تقوم إسرائيل بتفعيل سياسة التصفية بالاغتيالات، لأنها سياسة من وجهة نظرهم تحقق أعلى المكاسب بأقل التكاليف".
من أبرز حالات الاغتيال لحكومة بنيامين نتنياهو، تصفية نائب قائد كتائب القسام، محمد الجعبري، في 14 من تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، نتج عنها دخول حماس في مواجهة مباشرة مع "إسرائيل"، لكنها لم تستمر طويلا.
الاغتيالات لتجنب المواجهة
بدوره، رأى المختص بالشؤون الإسرائيلية، رامي أبو زبيدة، أن "استمرار الوضع الحالي كما هو عليه، سيجبر القيادة السياسية في إسرائيل على اتباع أسلوب التصفية بالاغتيالات، كأفضل طريقة تراها لتجنب المواجهة المباشرة مع حماس".
وأضاف زبيدة لـ"
عربي21" أن "كل المؤشرات الموجودة تدلل على أن الجانبين (إسرائيل وحماس) لا يرغبان في دخول مواجهة مباشرة في هذا التوقيت، وهو ما يدلل عليه أن القصف الإسرائيلي استهدف مناطق فارغة لم ينجم عنها أي أضرار"، وفق تقديره.
ونوه زبيدة إلى أن "غياب الرد الفلسطيني الموحد على الاعتداءات الإسرائيلية يدفع جيش الاحتلال لاستغلال ذلك؛ في توجيه ضربات لفصائل المقاومة كل على حدة، دون النظر إلى حجم الفصيل أكان كبيرا أم صغيرا".
وتمارس "إسرائيل" سياسة معادية تجاه قطاع غزة منذ تولي حركة حماس الحكم فيه منذ العام 2006، شملت حصارا خانقا، كما شنت ثلاث حروب تدميرية على غزة (أعوام 2008، 2012، 2014)، بحجة تدمير قدرات حماس الصاروخية والأنفاق التي باتت حماس تستخدمها كخيار مهم في تغيير موازنين القوى على الأرض.
ويقول المحلل السياسي من غزة، أكرم عطا الله، إن "الرد الآن سيكون أقوى بكثير من الردود السابقة التي اعتاد عليها الشعب الفلسطيني، إذا استمر إطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية"، كما قال.
وأضاف عطا الله لـ"
عربي21" أن "تصاعد القصف الإسرائيلي يتوقف على ردة فعل الفصائل الفلسطينية"، مشيرا إلى أنه إذا ارتفعت حدة الاستهدافات إلى مستوى الاغتيالات، وهذا خيار مطروح على طاولة صنع القرار السياسي في إسرائيل، فسيكون القطاع أمام تدهور، وربما نشهد حربا مفتوحة كما حدث في السابق"، منوها إلى أنه إذا بقي الوضع على هذه الشاكلة، ولم يكن هناك رد فلسطيني، فسيتم الاكتفاء بذلك، وفق تقديره.