سياسة دولية

خبير فرنسي: هجمات تنظيم الدولة ليست انتصارا للإسلام

قال روي إن السلفية لا تشكل بوابة للإرهاب
نشرت صحيفة "لوتون" السويسرية، الناطقة بالفرسية، حوارا مع أستاذ العلوم السياسية والخبير الفرنسي في شؤون الإسلام، أوليفييه روي، حيث ناقش القراءة الدينية والسياسية لظاهرة الإرهاب التي تتمّ نسبتها في الغرب إلى الإسلام.

ورأى روي، في هذا الحوار الذي ترجمت "عربي21" مقتطفات منه؛ أن "الإسلام المتطرف" والسلفية ظاهرتان موجودتان ومنتشرتان بين الشباب في أوروبا والشرق الأوسط، لكنه رفض الفكرة التي تفيد بأن السلفية هي بوابة الدخول إلى الإرهاب.

وقال إن تنظيم الدولة يتشارك مع السلفية في العديد من المبادئ الأساسية ، مثل مبادئ الشريعة، ومعاداة الشيعة واليهود والنصارى، ونهاية العالم، لكنهما يختلفان حول ظاهرة الانتحار الذي تعارضه السلفية بشدة. في المقابل، يعزز تنظيم الدولة العنف ويمجد الاغتصاب ويدعو النساء لاتباع طريق الجهاد. ولذلك، فإن اتهام السلفية بالجهادية لن يسمح لنا بفهم جذور التطرف.

وحول ما تردده الأحزاب اليمينية في فرنسا بأن السلفية تمهد الطريق أمام الشبان للانجراف نحو الإرهاب، قال روي: "هذا غير صحيح وخير دليل على ذلك الأخوان عبد السلام (المتهمان في تفجيرات باريس)، اللذان كانا بعيدان كل البعد عن السلفية، حيث كانا يشربان الكحول ويتعاطيان المخدرات".

وحول ما إذا كانت عمليات تنظيم الدولة يمكن أن تكون جزءا من استراتيجيته لتقسيم المجتمعات الأوروبية، بين المسلمين وغير المسلمين، وذلك استعدادا لإقامة خلافة إسلامية عالمية، لفت روي إلى أن "هجمات تنظيم الدولة تستهدف المسلمين أكثر من غيرهم، كما أن ثلث ضحايا هجوم نيس هم من المسلمين. وفي نهاية المطاف، يتمّ استهداف الجميع دون استثناء، سواء من المسلمين أو اليهود أو المسيحيين".

وأضاف روي أن عناصر تنظيم الدولة يعتبرون أن أولئك الذين يرفضون الجهاد والشهادة ليسوا بمسلمين، كما أنهم لا يتعاطفون أبدا مع مسلمي أوروبا، ويريدون أن يظهروا أنفسهم على أنهم قادة الأمة الإسلامية.

وأشار إلى أن هناك العديد من الهجمات التي وقعت في العالم ولم يتحمل مسؤوليتها المسلمون، والدليل على ذلك حادثة الطيار الألماني الذي قتل قرابة 200 شخصا بعدما  صدم طائرته عمدا بالجبال، وحادثة الخمسين طفلا التي وقعت في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1990، حيث عادوا إلى مدارسهم مسلحين بهدف ارتكاب مجازر.

وأضاف روي أن هناك فئة أخرى تدعي أنها تنتمي إلى تنظيم الدولة، وهؤلاء ينجرفون إلى التطرف بغية الدخول إلى الجنة، ولا يهتمون بفكرة إنشاء مجتمع إسلامي. وبالتالي، يمكن القول إن مشروع الموت هو بالنسبة لهم جسر عبور إلى الجنة لا غير.

وحول الأسباب التي تدفع الجهاديين إلى تعمد ارتكاب تفجيرات انتحارية منذ حادثة خالد كلكال سنة 1995 في فرنسان وصولا إلى تفجيرات نيس الأخيرة، أجاب روي أن الموت يعدّ جزءا من مشروعهم؛ فهم بمثابة المقاتلين الذين يسعون إلى الوصول إلى أهدافهم بكافة الطرق. في المقابل، لا يمكن اعتبار أن الناشطين الفلسطينيين هم من الانتحاريين؛ لأنهم يدافعون عن قضية حقيقية تتعلق باستقلالهم الوطني.

وفي الحديث عما إذا كان "الإرهابيون" الذين ينسبون أعمالهم إلى الإسلام، يملكون في الحقيقة مشروعا سياسيا، قال روي إنه من الخطأ الادعاء أن الهجمات التي يشنها تنظيم الدولة تمثل انتصارا للإسلام السياسي. كما أن تنظيم الدولة لا يعتمد على منطق سياسي، خاصة وأن هجماته لا تركز على منطقة معينة سواء في الشرق الأوسط أو في أوروبا.

وأوضح أن المشروع الذي يسعى كل الشباب المنضمين إلى تنظيم الدولة لتحقيقه؛ يتمثّل في تركيز خلافة تمتد من المغرب إلى إندونيسيا، على عكس مشروع طالبان الذي يسعى إلى إنشاء دولة إسلامية في أفغانستان، أو الإخوان المسلمين الذين يريدون بناء دولة إسلامية في بلد معين. لذلك، يمكن القول إن مشروع تنظيم الدولة هو إعلان الحرب وليس إقامة دولة، فهو يتصرف كجيش احتلال يريد افتكاك الأراضي فقط.

ولفت روي إلى أن تنظيم الدولة يريد زعزعة استقرار المجتمع الأوروبي، لأنه يعتقد أنه مجتمع فاسد وهش، ولكنه لا يطمح إلى التحريض على حرب أهلية، مثلما أشار الكاتب الفرنسي ميشال ويلبك في إحدى كتاباته، فهو لا يخطط إلى حشد المسلمين هناك لإثارة حرب أهلية.

وقال إن هناك برامج ناجعة لاجتثاث التطرف، وذلك بهدف طمأنة الرأي العام فقط، لكن الحقيقة هي عكس ذلك، مشيرا إلى أنه لا يمكن التنبؤ بما إذا كان شخص مسلم يؤدي فرائضه الدينية سيقوم بوضع القنابل. فالتطرف هو اختيار يمكن أن يتبناه أي شخص يريد الانضمام إلى تنظيم الدولة من أجل ممارسة العنف، وبالتالي يمكن القول إن برامج اجتثاث التطرف هي محض هراء.

وشدد روي على أنه "يجب عدم مقارنة الإسلام بالإرهاب، بل يجب فهمه من خلال النظر إلى الغالبية العظمى من المسلمين. ويمكنني القول إن الإسلام سيكتسي طابعا أوروبيا وغربيا مع مرور الوقت، حيث أن الكنيسة الكاثوليكية استغرقت قرابة قرن حتى تتمكن من التكيف مع حداثة عصرنا وهذا ما سيحدث مع الإسلام".
الأكثر قراءة في أسبوع