اعتبر صندوق النقد الدولي أن تعافي أسعار
النفط لا يكفي لسد العجز في موازنات دول
الخليج التي تعتمد بشكل أساسي على الإيرادات النفطية، ما يحتم عليها مواصلة إجراءات خفض الإنفاق.
ومنذ منتصف العام 2014، انخفض سعر برميل النفط تدريجا من أكثر من 100 دولار، إلى ما دون الـ30 دولارا مطلع السنة الجارية. وعاود هذا السعر الارتفاع بعض الشيء في الأسابيع الماضية، ليسجل مستويات تراوح حول الـ50 دولارا للبرميل.
وقال رئيس دائرة الشرق الأوسط في صندوق النقد مسعود أحمد، إن تحسن الأسعار سوف يساعد بالتأكيد على تحسن الأرقام المالية خلال العام الجاري.
وأضاف أن هذا التعافي لا يغير في الواقع من التوقع الجذري لدول مجلس التعاون الخليجي أو التحديات التي تواجهها جراء تراجع إيراداتها النفطية.
وتوقع أن يستقر سعر برميل النفط عند مستويات 60 دولارا في المدى المتوسط، علما أن هذا السعر هو ما دون المستوى المطلوب لتحقيق التوازن في الميزانية بالنسبة لعدد من دول الخليج.
السعر المتوازن للنفط
وفي تقريره عن التوقعات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي صدر صباح اليوم الأربعاء، حدد الصندوق سعر التوازن بـ79.7 دولارا للسعودية، و62.1 دولارا لقطر، و58.6 دولارا للإمارات.
أما بالنسبة للكويت، فينخفض هذا السعر إلى 47.8 دولارا، ويرتفع إلى 77.5 دولارا بالنسبة لسلطنة عمان، و93.8 دولارا للبحرين.
وتابع: "هذا يعني أنه على دول مجلس التعاون الخليجي كمجموعة، أن تواصل العمل لمحاولة تحقيق توازن في موازناتها"، مضيفا أنه "بطريقة أو بأخرى" على الدول الست خفض الإنفاق العام خلال السنوات الخمس المقبلة وتوفير إيرادات غير مرتبطة بالنفط.
تراجع النمو
وعلى صعيد النمو الاقتصادي لدول مجلس التعاون، توقع أن يكون خلال السنة الجارية أدنى بقليل من اثنين بالمئة، على أن يسجل "تحسنا متواضعا" في 2017، ليراوح النمو بين 2 و2.5 بالمئة.
ويتوقع صندوق النقد أن ينمو الاقتصاد السعودي بنسبة 1.2 بالمئة خلال 2016، بتراجع عن العام الماضي المسجل بنحو 3.5 بالمئة. أما الكويت وقطر، فستجلان نموا بنسبة 2.5 و2.6 بالمئة على التوالي.
ويتوقع أن تسجل الإمارات ذات الاقتصاد الأكثر تنوعا بين دول الخليج، نموا قدره 2.3 بالمئة هذه السنة.
احتياطات كبرى
وأتاحت أسعار النفط المرتفعة خلال الأعوام الماضية، لدول الخليج تحقيق نمو اقتصادي سريع والإنفاق بشكل واسع خصوصا على مشاريع البنى التحتية. كما بات لدول الخليج احتياطات مالية كبرى.
إلا أن فقدان النفط لجزء كبير من قيمته، اضطر حكومات المنطقة للجوء إلى خطوات لم تعهدها منذ عقود، بينها إجراءات
تقشف ورفع أسعار مواد أساسية، وتجميد العديد من خطط الإنفاق والمشاريع.
وقال أحمد: "الآن بدأنا ملامسة بعض المجالات الصعبة، مثل إعادة النظر في الكلفة الضخمة للرواتب الحكومية"، مشيرا إلى أنها تشكل جزءا كبيرا من مجمل الإنفاق الحكومي في بعض دول المجلس.
إجراءات التقشف
وأعلنت المملكة العربية
السعودية الشهر الماضي إجراءات تقشف متعددة الوجوه، منها خفض رواتب الوزراء بنسبة 20 بالمئة، وتقليص امتيازات أعضاء مجلس الشورى، إضافة إلى الحد من أجور ساعات العمل الإضافية وتقديمات العاملين في القطاع العام.
وبحسب أحمد، فإن خطوات كهذه هي من الوسائل التي يمكن دول الخليج من خلالها "التعامل مع هذا الأمر وتأمين توازن موازناتها".
إلا أن المسؤول المالي يبدي قناعته بأن إجراءات التقشف في دول الخليج التي وفرت رعاية اجتماعية سخية مدى عقود، لن تكون سهلة، وقال: "نعتقد أنه لن يكون سهلا تطبيق هذه الإجراءات، إلا أنها ضرورية ويجب أن تتخذ لمحاولة الوصول إلى موازنات أكثر توازنا".
خفض الرواتب
وعلى المدى الأبعد، طالب دول الخليج بالسعي لتقليص فاتورة رواتب القطاع العام من خلال حض مواطنيها على البحث عن وظائف في القطاع الخاص "بدلا من التفكير بشكل آلي أن مستقبلهم يكمن في القطاع العام".
وتمثل اليد العاملة الأجنبية غالبية في الخليج، كما أن القطاع الخاص غالبا ما يدار من قبل أجانب مقيمين في دوله، بينما يؤثر المواطنون في معظم الأحيان، على القطاع العام الذي يوفر تقديمات أكثر سخاء.
وقدر أحمد أن "أكثر من مليونين من الشبان سينضمون إلى سوق العمل خلال السنوات القليلة المقبلة في دولي مجلس التعاون الخليجي"، مبرزا الحاجة إلى "قطاع خاص تنافسي" قادر على خلق الوظائف.
القيمة المضافة
وعلى صعيد تنويع مصادر الدخل، نوه صندوق النقد الدولي باتفاق دول مجلس التعاون على فرض ضريبة على القيمة المضافة تناهز خمسة بالمئة في سنة 2018، مستبعدا أن يؤدي ذلك إلى إبعاد الأجانب عن القدوم إلى المنطقة التي توفر لهم حتى الآن مناخا خاليا من الضريبة.
وتابع: "تقديري أن ضريبة على القيمة المضافة بنسبة خمسة بالمئة لن تكون السبب الذي يقرر على أساسه الأشخاص العمل في هذه الدول من عدمه"، مشيرا إلى أن هؤلاء يأخذون في الاعتبار مجموعة عوامل منها أسلوب الحياة والفرص المهنية وغيرها.