للمرة الأولى منذ انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013، أطلقت حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي؛ لمعتقلين في
السجون المصرية، مبادرة للمصالحة مع نظام الانقلاب لإطلاق سراح بعضهم، وهو الأمر الذي لاقى نقاشا واسعا.
وكتب أحد
المعتقلين ممن تصدرت منشوراته الحملة، بداية؛ عن الأوضاع الصحية المتردية في سجني العقرب وطرة ومستشفى الليمان، ثم أتبع منشوره هذا بالحديث عن المعتقلين الذين نالوا أحكاما بالمؤبد، وعن السعي لإيجاد مخرج لهم وللمعتقلين الآخرين، خاصة المرضى منهم.
ومن أبرز ما تم تداوله من دعوات للمعتقل المشار إليه؛ قوله: "للأسف الحقيقة المرة التي يخاف الكل أن يواجه نفسه بها، أن الأزمة الحالية لا بد أن تنتهي بالمصالحة لكن الكل يكابر ولا مفر منها".
وأردف في منشور آخر: "فلترفعوا المعاناة عن المعتقلين، فيه معتقلين مرضى ينتظرون الموت خلوهم يموتوا وسط أهليهم أحسن".
وأضاف: "اللي يشوف آلام المعتقلين ودموع أهاليهم وأهالي الشهداء والمصابين، مايتخانقش على لعاعة من الدنيا، بئس الرجال أنتم". وتابع: "صباحكم حرية... واحنا صباحنا على صوت الشاويش".
وقد لاقت المنشورات المنسوبة للمعتقل جدلا حادا بين شباب المعارضة؛ فالبعض أيد تلك الدعوات ورأى أن الأهم في الوضع الحالي هو الإفراج عن المعتقلين وإيقاف الإخفاء القسري والاعتقالات، بينما البعض الآخر رفضها رفضا قاطعا، مطالبا بمحاكمة قادة الانقلاب العسكري وعودة الرئيس المنتخب مرسي.
طاولة الحوار هي الحل
من بين المؤيدين، أحمد سعد الذي كتب قائلا: "يا جماعة الناس في السجون حياتها بتضيع حرفيا، والكل عارف إن الحل هيكون على ترابيزة حوار مش بمظاهرات في الشارع فقط، وده أصلا دور المظاهرات، إنها تجبر الكل إنهم يقعدوا يتفاوضوا ويحلوها".
وأضاف: "خليني أزود حاجة كمان الكل مش عايز يقولها وهي إن مطلب عودة مرسي أصبح غير منطقي وبيتحط زي العقدة في المنشار مع كل مرة بيتم طرح فكرة مصالحة أو حوار، رغم إن الكل "بمعنى الكل" عارف إنه مش هيحصل".
وألقى باللائمة على ما أسماه "الماكينات الإعلامية للتشويه والتخوين" لأي شخص يحاول طرح فكرة المصالحة للإفراج عن المعتقلين دون إقرانها بعودة مرسي.
وتابع: "النتيجة هي إن "س" لسه في السجن هو ومعاه أنضف 60 ألف شاب في مصر، بأمانة شديدة أنا مبقاش فارق معايا حاجة غير إن حد زي "س" يخرج من القرف دة، مصالحة ولا مفاوضات ولا تنازل حتى، كفاية وهم بأة".
"عشة فراخ والجيش صاحبها"
في المقابل، كتب ناجي الزين: "المصالحة هي أن ترضي عن وتبصم بالعشرة بالموافقة على سيطرة العسكر على الحياة المصرية وتتعهد بعدم التعرض لهم بأي وسيلة، يا أستاذ مصر كانت عشة فراخ صاحبها الجيش، فالفراخ سابت والمصالحة إنها تدخل ذليلة في العشة مرة أخرى".
وأجابه حازم مالك: "لا العشة اتمسكت تاني والفراخ كلها محبوسة إذا كان في سجن كبير أو صغير، المصالحة ليست خيانة بل إنقاذ ما تبقى من دماء الشباب التي أهدرت".
رفاهية الاختيار
وتساءلت سمر كمال: "هو احنا أصلا عندنا رفاهية إن حد يعرض علينا حوار واحنا نقبله أو نرفضه؟".
وقال الناشط السياسي محمدي محمد: "أنا نفسي الموضوع ينتهي بأي شكل من الأشكال بس أنتو تخرجوا هي فعلا هتخلص بمصالحة ومش عارف هما بيكابروا ليه وأنتم في السجون؟".
وتساءل عماد فهمي: "الشباب في السجون ومقتولين ومشردين ودول قاعدين ولا على بالهم أي شيء ومدى المعاناة اللي الناس فيها غير أهالي المعتقليين والمشردين وأعمارهم بتروح منهم، إلى متى أيها القيادات الفاشلة إلى متى حد يجاوبني؟".
"لا للمصالحة مع من دفن الشباب"
ومن بين الأصوات المعارضة للمصالحة أسماء محمد علي التي قالت: "مفيش مصالحة هتطلع المعتقلين، إزاي نعمل مصالحة مع ناس دفنت شبابنا في سجون وفي القبور؟!".
كذلك قالت إيمان الإسكندراني: "مش هانقول واللي مات لأن اللي مات ارتاح ومش هايرجع لو اتحاكموا، إنما اللي اتعذبوا أيام وشهور وسنين عدت عليهم دهور؟ واللي اتهتك عرضهم؟ واليتامى والأرامل؟ والأمهات اللي قلوبها قايدة نار؟ كل دول الآلاف منهم ملهمش وزن عند اللي شايف إن المصالحة هي الحل؟".
انعدام الثقة
ومن بين أسباب رفض البعض للمصالحة مع سلطات الانقلاب؛ عدم الثقة في النظام القائم في الالتزام ببنود المصالحة، فقال نور الدين عبد الرحمن: "هنتصالح مع واحد خاين إزاي؟ ممكن يخوننا أصلا في المصالحة دي، يتفق معانا على خروج المعتقلين بعدين يطلع جزء منهم ويسيب الباقي أو يعدم الباقي، احنا مش عاوزين من وشهم حاجة خالص بس نضمن منين إنه يخرجلنا كل المعتقلين وميرجعش يعتقلهم تاني بعد شوية؟".
"المعارضة صفر على اليسار"
وقال محمد نور: "أنا استشهد أخي في رابعة، ولا أجد في نفسي أي غضاضة من إبرام أي مصالحة مقابل خروجكم جميعا، المنطق والعقل يقول هذا، ولكن حتى المصالحة لم يعد يحتاجها السفاح منا، صرنا صفرا على اليسار مع كل أسف".
بيان جماعي للمعتقلين
وطرح جهاد الأنصاري الحل من وجه نظره بالقول: "يا أستاذ نفضوا للناس اللي برة، خدوا القرار، أنتم اللي إيدكم في النار، اكتبوا بيان جماعي ووقعوا عليه تتبروا فيه من الجماعات وتعلنوا اعتزالكم السياسة وتطلبوا الإفراج عنكم مقابل ذلك، واللي يزعل يتفلق محدش حاسس بيكم إلا اللي ذاق معاناتكم ومعاناة أسركم وشاف هما عايشين إزاي".
وخلال ثلاث سنوات منذ الانقلاب أطلقت العديد من الحركات الثورية والحزبية عدة رؤى للوضع السياسي في مصر، كان مصيرها الفشل، لكن تتبقى التساؤلات هل سيأتي حل أزمة المعتقلين من داخل السجون أم من خارجها؟